في سابقة من نوعها، قرر مواطنون بفاس رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة، وعدد من وزرائه ومسؤولين في إدارات ذات الاختصاص بمحاربة «أوكار الدعارة والانحراف»، بتهمة «التواطؤ» مع أصحاب مقاهي الشيشة، مطالبين بتعويض حددوه في درهم رمزي، يقول مقال افتتاحي لدعوى موجهة إلى رئيس المحكمة الإدارية بالعاصمة العلمية. وجرّت الدعوى كلا من رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، ووزير الصحة، ووزير العدل إلى القضاء، مسجلة بأن مسؤولية الدولة، في شخص رئيس الحكومة، ثابتة بالنظر إلى أن الدولة هي التي تتحمل الأمن العمومي للمواطنين. وقال المحامي أحمد حرمة ل«المساء» إن «تقاعس الدولة في القيام بواجبها عبر أجهزتها المختصة يرتب مسؤوليتها». وأضاف أن وزارة الصحة معنية لأنها المسؤولة عن صحة المواطنين، أما وزارة الداخلية فهي أيضا معنية بشأن الاختلالات اليومية التي تمس سكينة وأمن المواطنين، بينما وزارة العدل لها علاقة بالقضية لأنها هي المسؤولة عن السياسة الجنائية، وهي التي تشرف على الضابطة القضائية. وشملت الدعوى لائحة من المسؤولين، من بينهم والي ولاية جهة فاس، ووالي الأمن، ومسؤولو الوقاية المدنية، بحضور رئيس المجلس الجماعي للمدينة، فيما استعان المواطنون المتضررون بمفوض قضائي لإثبات الأضرار التي تلحقها بهم هذه المقهى. وأشار سكان يقطنون بإقامة «النيل» بشارع أبي عبيدة الجراح بوسط فاس، في معرض شرحهم لأجزاء من المعاناة من مقاهي الشيشة في المدينة، إلى أن صاحب مقهى لترويج النرجيلة حصل في ظرف استثنائي على رخصة استغلال محل تجاري بذات العمارة التي يقطنون بها، من أجل استغلاله في بيع العصير، رغم اعتراض الساكنة، وتبين لاحقا أن الغرض من هذه الرخصة كان هو التمويه لتحويله لاحقا إلى محل لاستهلاك الشيشة، مع ما يصاحب هذا النشاط من إخلال بالسكينة العامة، والصحة العامة، والأمن العام، والأخلاق العامة.. وتعيش أحياء فاس على إيقاع انتشار مقاهي الشيشة، بالرغم من صدور قرار جماعي يمنعها. ويعمد «لوبي» الشيشة بالمدينة إلى الحصول، بطرق ملتوية، على تراخيص جماعية لفتح مقشدات ومحلات لبيع العصير، لكن هذه المحلات سرعان ما تتحول إلى مقاهي الشيشة. ويجني أصحاب هذه المحلات أموالا طائلة بالنظر إلى أن الخدمة تقدم بمبلغ مالي يقارب 50 درهما، ويتحول عدد من المقاهي إلى أوكار مظلمة تنتعش فيها الدعارة وتعاطي المخدرات. وأظهرت عدد من الحملات التي تقوم بها السلطات المحلية عدم نجاعتها بسبب كونها حملات موسمية وانتقائية وعشوائية... وتشمع المحلات أثناء المداهمات، ويتابع أصحابها غالبا في حالة سراح بكفالة مالية، وعادة ما تعود المقاهي لتفتح من جديد أبوابها للزبناء بعد ساعات قليلة على الحملة... وجاء في تفاصيل القضية أن السكان سبق لهم أن طرقوا جميع الأبواب للتنبيه إلى المخاطر الصحية والأمنية التي تهددهم نتيجة تصريف أدخنة الشيشة عبر فناء العمارة، وإمكانية اندلاع حريق بالمحل في غياب منافذ الإغاثة، أو ممرات تهوية ملائمة. وتحدث السكان عن معاناتهم مع الضجيج اليومي في ساعات متأخرة من الليل، والمعارك التي تنشب بين رواد المحل بين الفينة والأخرى، وهي نفسها المعاناة التي تتكرر لدى سكان الإقامات المجاورة لمحلات ترويج الشيشة بالمدينة. وأوردت الشكاية أن السكان أصبحوا يفكرون في بيع منازلهم بأبخس الأثمان ومغادرة الإقامة بسبب هذا الوضع.