بعد فترة «استراحة» طويلة، انتشرت فيها، وبقوة، محلات بيع وترويج الشيشة بمدينة فاس، رغم صدور قرار جماعي حول الموضوع، تبعته وعود من السلطات الإدارية بوضع حد لمقاهي الشيشة، عادت السلطات المحلية، أول أمس الثلاثاء، إلى بدء موسم حملتها من جديد على هذه المقاهي. واستعان رجل سلطة يدبر شؤون الملحقة الإدارية الأطلس، بوسط المدينة، بأعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة لتنفيذ أولى هذه الحملات على إحدى هذه المقاهي، مما أدى، حسب المصادر، إلى اعتقال خمس فتيات داخل هذا المقهى الذي يصنف على أنه من أخطر مقاهي ترويج الشيشة بوسط المدينة. وقالت المصادر إن التحريات التي أجريت حول هويات مرتادي المقهى بينت أن الفتيات المعتقلات لم يكن يتوفرن على بطائق التعريف الوطنية. وتواجه هذه المقاهي بشكايات متواصلة من قبل السكان، ويجاور عدد منها مؤسسات تعليمية، وتعتبر القاصرات والقاصرون لدى عدد منها زبناء مفضلين، فيما تورد المصادر بأن بعضها يتحول إلى أوكار للدعارة والتغرير بالقاصرات، وترويج المخدرات واستهلاكها. وتحيط هذه المقاهي نفسها بأضواء قاتمة، وتغلف واجهاتها بألوان تخفي ما بداخلها، ويستعين عدد كبير منها بحراس خاصين لمنع اقتراب أي «مشبوهين»، تفاديا لحملات السلطات. ويتوفر عدد من أصحابها على علاقات معقدة مع نافذين في المدينة، مما يؤدي في بعض الحالات إلى غض الطرف عن أنشطتها. ولم يعد تقديم الشيشة يقتصر على هذه المقاهي بالمدينة، بل أصبحت هذه «الخدمة» تقدم كذلك في بعض الفنادق الفخمة، وأصبحت الشيشة تقدم مع المشروبات الكحولية لزبناء النخبة، لمساعدتهم على الاسترخاء والاستراحة، حسب تعبير أحد أصحاب هذه الفنادق. وحجزت السلطات خلال هذه الحملة، التي أجريت في سرية، ما يقرب من 50 نرجيلة، وسلمت صاحب المقهى إنذارا نهائيا، يمهد لاتخاذ قرار الإغلاق في حق المقهى، وسحب الرخصة، في حال ضبطه متلبسا مرة أخرى بتقديم الشيشة للزبناء. وقدرت المصادر عدد مقاهي الشيشة بالمدينة بأكثر من 200 مقهى، وأشارت إلى أن الوضع ينذر بكارثة، ويهدد بتحول جل المقاهي لتقديم هذه الخدمة، بالنظر إلى ما تدره من أرباح. ولا يقتصر أمر تواجدها على وسط المدينة، فقد انتشرت في جل الأحياء الشعبية. وكانت الحملات التي قادتها السلطات المحلية في المدينة في سنة 2010 قد قادت إلى إغلاق حوالي 120 محلا للشيشة. وشاركت في هذه العمليات عناصر الأمن والقوات المساعدة. لكن «أجواء الربيع العربي» وتساهل السلطات مع عدد من التجاوزات (احتلال الملك العمومي، الباعة المتجولون...) أدى إلى عودة المقاهي المغلقة إلى استئناف نشاطها، وانضافت إليها مقاه أخرى. وتزامنت هذه الحملات مع اعتماد المجلس الجماعي لفاس قرارا يمنع ترويج وبيع الشيشة في المقاهي والأماكن العمومية.