السفياني نائبا ثانيا لرئيس مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع    الجزائر.. محامي صنصال يعلن مثوله أمام وكيل الجمهورية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر        العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    نقابة: مشروع قانون الإضراب تضييق خطير على الحريات وتقييد للحقوق النقابية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    مخاض ‬في ‬قطاع ‬الصحة..‬    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء الاقتصادي.. حرب خفية بين المغرب و منافسيه
نشر في المساء يوم 26 - 12 - 2013

السيطرة وحماية المعلومة الإستراتيجية وتوفير المعطيات للفاعلين الاقتصاديين، من أجل الوصول إلى المنافسة وضمان الأمن الاقتصادي وتعزيز سياسة التأثير، تلك هي أبرز النقاط التي يركز عليها مفهوم «الذكاء الاقتصادي»، الذي يسعى المغرب إلى وضع وتطوير استراتيجيته من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني في وقت تشتد المنافسة وتتحول فيه الصراعات العسكرية والجيوسياسية إلى صراعات جيواقتصادية.
يهتم الذكاء الاقتصادي بدراسة التفاعل التكتيكي والاستراتيجي بين كافة مستويات النشاط المعنية به، انطلاقا من القاعدة (المستوى الداخلي للمؤسسة)، ومرورا بالمستويات الوسيطة (الجماعات المحلية)، ووصولا إلى المستويات الوطنية (الاستراتيجيات المعتمدة لدى مراكز اتخاذ القرار في الدولة) ثم المستويات الدولية (استراتيجيات التأثير الخاصة بكل دولة). فإلى أي حد استطاع المغرب أن يطور هذا المفهوم، ويجعله أداة طيعة لتعزيز تنافسيته وطرق أبواب قطاعات اقتصادية كانت إلى الأمس حكرا على دول عظمى.
خلية للذكاء الاقتصادي
خلال الأسبوع الماضي، كشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، في لقاء مع «الباطرونا» عن ملامح مقاربة جديدة للدبلوماسية الاقتصادية، تقوم على تطوير آلية الذكاء الاقتصادي بهدف تعزيز موقع المقاولة المغربية على الصعيد الدولي.
هذه الخطوة، التي رأى فيها المتتبعون للشأن الاقتصادي طفرة في مجال اليقظة الاقتصادية للمغرب، اعتبرها مزوار طريقا نحو وضع لبنات استراتيجية دبلوماسية جديدة تستجيب للتحولات التي يعرفها المناخ الاقتصادي بالمغرب وتواكب تطلع المملكة إلى أن تصبح قطبا ماليا جهويا وقاريا.
وزير الشؤون الخارجية أشار إلى أنه، اعتبارا لتطور ظرفية المغرب وتطلعاته، تعتزم وزارة الشؤون الخارجية تغيير المقاربة ووضع الجانب الاقتصادي في صلب استراتيجيتها، بالنظر إلى أهمية هذا الجانب في تدعيم الروابط بين البلدان، مشيرا إلى أن الوزارة ستلعب دورا موحدا في هذا الإطار بحكم تواجدها عبر شبكة تتكون على الخصوص من السفارات والقنصليات. كما أكد على أهمية توجيه مهام الوزارة نحو «مقاربة الزبون» وإعطاء دفعة جديدة للدبلوماسية الاقتصادية مع إفريقيا كأولوية، موضحا أنه سيتم التركيز على مواكبة المستثمر المغربي في جميع الأطوار وحتى بعد توقيع الاتفاقات.
ومن بين العمليات التي سيتم اتخاذها بهذا الخصوص، تطرق الوزير إلى إحداث خلية للذكاء الاقتصادي وكذا لجنة عمل استراتيجية ستضم الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجموع الوزارات المعنية.
بالمقابل، دعت رئيسة الاتحاد مريم بنصالح إلى وضع الآليات الضرورية التي تمكن الدبلوماسية الاقتصادية من لعب دور ثلاثي يتمثل في توفير المعلومات عن المغرب، وعملية الاستكشاف لجلب الاستثمارات، والذكاء الاقتصادي الفعال.
كما أعربت عن استعداد الاتحاد لتعبئة أعضائه وفدرالياته ولجانه لخلق خلية مشتركة مع الوزارة للتفاعل مع الشبكة الدبلوماسية، مشيرة إلى أن هذه الرؤية الجديدة تنسجم مع تطلعات رؤساء المقاولات المغربية في استكشاف أسواق جديدة من أجل مزيد من التبادل التجاري وفرص الأعمال.
الاستخبارات تدخل على الخط
يجمع الباحثون على أن الاستخبارات المغربية مدعوة إلى جهاز لدعم استراتيجية الدولة في مجال الذكاء الاقتصادي، وذلك انطلاقا من أن العلاقة بين ميدان الاستخبارات وميدان المنافسة الاقتصادية والصناعية يعد موضوعا مشابها لفترة ما بعد الحرب الباردة، حيث إن الخطر العسكري المباشر أصبح يتراجع ليترك المجال واسعا لمخاطر جديدة تعد غير مباشرة، من بينها الخطر ضد المصالح الاقتصادية الذي أصبح يبرز بصفة خاصة، بما أن تحرير نشاطات العديد من القطاعات وتطوير التبادل الحر جعلا معظم الدول معرضة إلى التحركات الاقتصادية العالمية، التي ساهمت في تواصل الاستراتيجيات العسكرية الدبلوماسية متمثلة في وسائل اقتصادية وتجارية.
ومن بين الأمثلة الصارخة في هذا المجال، لجوء إسبانيا في منتصف ماي من السنة الجارية إلى تأسيس جهاز جديد يطلق عليه اسم «الاستخبارات الاقتصادية الوطنية»، من مهامه الدفاع عن المصالح الاقتصادية والتجارية للدولة في الخارج ومساعدة الشركات والبلاد للخروج من الأزمة، والقيام بعمليات تجسس واسعة على البلدان المنافسة، ومن بينها المغرب، الذي تتابع إسبانيا تحركاته بتوجس على جميع المستويات.
وقد جاء قرار إسبانيا بتأسيس الجهاز الاستخباراتي الجديد في ظرفية صعبة تعيشها البلاد، إذ تراجع النمو الاقتصادي فيه إلى مستويات سالبة وقفزت مؤشرات البطالة إلى مستويات قياسية تجاوزت 50 في المائة لدى فئة الشباب. وتعول الحكومة على هذا الجهاز لإيجاد فرص استثمارية للمقاولات الإسبانية في شمال إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وكذا على مواجهة المد الفرنسي في إفريقيا.
ويخضع جهاز الاستخبارات الاقتصادية الوطنية مباشرة لرئيس الوزراء الإسباني، كما سيقوم بالتنسيق مع وزارات الاقتصاد والشؤون الخارجية والدفاع، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات الوطنية.
وتدافع الحكومة الإسبانية عن تشكيل الجهاز الجديد، معتبرة أن جميع البلدان الأوربية تملك أجهزة ووكالات مشابهة له، ومشيرة إلى أنه يهدف فقط إلى توفير الأدوات اللازمة لأصحاب المشاريع للتنافس على قدم المساواة مع المقاولين الأجانب على الفرص الاقتصادية المتاحة خارج إسبانيا.
وتتوفر الاستخبارات الإسبانية المعروفة باسم «وكالة الاستخبارات الوطنية» على شعبة متخصصة في الاقتصاد إلا أن قرار الحكومة الإسبانية بإنشاء الجهاز الجديد يشكل قفزة نوعية ووعيا بأهمية التجسس الاقتصادي في خضم وضعية اقتصادية عالمية جد متأزمة.
الفيصل في مشاريع ضخمة
يؤكد الخبراء أن الذكاء الاقتصادي يتركز، بالأساس، في الأسواق والقطاعات التي تعتبر مصدرا للقيمة المضافة، بل ويتعدى الأمر ذلك لأن تكون مصدرا للتأثير والقوة. ومن أمثلة ذلك: مشاريع الطيران والفضاء والتسلح والطاقة وصناعة الأدوية والجينات وشبكات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والأمن، ذلك أن هذه المشاريع لا تحكمها قاعدة السعر ونوعية المنتوج والخدمات التابعة، لكن يتجاوز الأمر ذلك لأن تكون الموافقة والمساندة السياسية للدولة العامل الحاسم في الحصول عليها.
وفي هذا الإطار تأتي مجموعة من المشاريع التي انخرط فيها المغرب في السنوات الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بقطاع السيارات والطيران والطاقات المتجددة. فالمحللون يرون أن استقطاب وتطوير هذا النوع من المشاريع الضخمة في المغرب يعكس النضج الذي بلغته استراتيجية الذكاء الاقتصادي التي انخرطت فيها بعض مؤسسات الدولة منذ سنة 2006، وهو الأمر الذي مكن من منافسة بعض جيراننا الذين كانوا يحاولون منذ مدة استقطاب هذا النوع من المشاريع. وخير مثال على ذلك ما وقع بين المغرب والجزائر حول مشروع «رونو» الذي احتضنته مدينة طنجة، ومشروع «ديزرتيك» الذي مازالت الجزائر تحاول عرقلته بشتى الوسائل.
عبد المالك العلوي: يمكننا تحقيق نمو اقتصادي يفوق 10 في المائة إذا طورنا ذكاءنا الاقتصادي
رئيس الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي قال إن المغرب يمكن أن يستفيد من تجربة الصين والبرازيل في هذا المجال
- ما هو الذكاء الاقتصادي؟
لا يمكننا أن نحصر «الذكاء الاقتصادي» كمفهوم وتصور في بضع كلمات أو جمل، غير أنه يمكننا أن نؤكد أن «الذكاء الاقتصادي» في جميع اقتصاديات العالم هو مفتاح تحقيق نسبة نمو مرتفعة، وهو علم يرتبط أساسا بعمل المقاولات المصدرة.
«الذكاء الاقتتصادي» ينتج المعرفة ويقدم الإرشاد والمساعدة في مجال الاستراتيجيات الاقتصادية وصياغة السياسة العامة في مجال المقاولات واقتصاديات الدول. ويهدف إلى رسم خارطة طريق في الاستراتيجية العامة للدولة، من أجل نقل التنمية إلى مستوى أعلى بهدف المساهمة بقدر كبير في تسريع وتيرة النمو، وذلك من خلال وضع رؤية استراتيجية للسياسات العمومية والخاصة لتشجيع ممارسات اليقظة الاستراتيجية.
مفهوم «الذكاء الاقتصادي» هو مفهوم حديث النشأة بالمغرب، نظرت له لأول مرة الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي، التي تعتبر مؤسسة تفكير وأبحاث عامة أنشئت سنة 2006، بغرض إنتاج المعرفة في مجال الاستراتيجيات الاقتصادية، بمساهمة كفاءات تنتمي إلى مقاولات القطاع الخاص، وميدان البحث، والتعليم، والأوساط الجمعوية، بالإضافة إلى الأجهزة العمومية.
- ما علاقة الذكاء الاقتصادي باقتصاد المعرفة؟
بطبيعة الحال هناك علاقة وطيدة بين «الذكاء الاقتصادي» كمفهوم حديث النشأة واقتصاد المعرفة وإنتاجها أيضا، فقد سبق وأكدت في البداية أن «الذكاء الاقتصادي» ينتج المعرفة ويقدم الإرشاد والمساعدة في مجال الاستراتيجيات الاقتصادية وصياغة السياسات العامة.
وقد خلصت «الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي» في أكثر من دراسة إلى أن «اقتصاد المعرفة»، الذي تحدثت عنه، لابد له في جميع المجالات والقطاعات من استراتيجية ومحللين ومختصين ومنظرين أيضا. وكنا نهدف دائما إلى اقتراح إعادة التوازن إلى خلايا اليقظة القائمة على الصعيد الوطني ما بين المراقبين والمحللين، وتشجيع البناء والإثراء المشرك للمعلومات، وكنا دائما ننصح باستحداث وظيفة «مكلف بالذكاء الاقتصادي» في الدواوين الوزارية والشركات الكبرى، بالإضافة إلى تنظيم المكلفين باليقظة في القطاعين العام والخاص وفق منطق الربط الشبكي مع التخطيط لعقد اجتماعات دورية تتيح تنسيق أعمالهم.
وللوصول إلى تفسيرات صائبة للمعلومات، من المهم أن تدعم هذه المبادرة بفريق أفقي متنوع وواسع الخبرات يخدم القدرة التنافسية للمغرب. ويمكن أن يتألف هذا الفريق من ممثلي مجموع الفاعلين الرئيسيين في الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاقتصادي.
- إلى أي حد يساهم الذكاء الاقتصادي في إرساء آليات الحكامة الجيدة؟
بالفعل ف «الذكاء الاقتصادي» يهدف إلى إرساء الحكامة الجيدة في المجال الاقتصادي، فبالنسبة إلى مجموعة من البلدان النامية نجحت في تحقيق نتائج متميزة في المجال الاقتصادي عن طريق «الذكاء الاقتصادي»، الذي انعكس إيجابا على الحكامة في مجال التصور والتسيير، ففي السنوات الأخيرة تجاوز سوق السيارات الصيني نظيره الأمريكي، كما أن البنك الصيني«ICBC»، لديه اليوم 282 مليون زبون وهو ما يعادل سكان الولايات الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها. ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن البرازيل التي أضحت في العام 2011 أول مصدر صاف للمنتجات الزراعية إلى العالم بفائض زراعي يقارب 80 مليار دولار، وفي مقابل ذلك تبلغ فاتورة الغذاء بالنسبة لأفريقيا جنوب الصحراء 40 مليار دولار. وهذا يعني أن البرازيل وحدها تستطيع دون عناء أن تطعم إفريقيا.
- ما الفرق بين الذكاء الاقتصادي والحكامة؟
في الواقع «الذكاء الاقتصادي» هو الحكامة، أو دعني أقول إن الحكامة ترتكز على الذكاء الاقتصادي، هو إحدى بنياتها الأساسية. وأود التأكيد أننا في «الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي» سبق أن قدمنا 16 مقترحا في سبيل نهج وطني للذكاء الاقتصادي. وفي إطار الحكامة وتشجيع التنمية السليمة والمستدامة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، فإن «الذكاء الاقتصادي» يعد من أولويات المغرب في المجال الاقتصادي. ومن هذا المنظور، يجب الاعتراف بأن وظيفة الذكاء الاقتصادي اليوم تعتبر أمرا حيويا لضمان استمرارية ونمو المقاولات الصغيرة والمتوسطة؛ لاسيما في ظل الأزمة العالمية الراهنة. لذلك جاء مقترح الخارطة على شكل دعوة إلى تشخيص الممارسات المتصلة بالذكاء الاقتصادي في المقاولات الصغيرة والمتوسطة المغربية بقصد توجيه الأعمال المستقبلية في مجال التكوين والمواكبة.
- هل يمكن أن تطلعنا على المقترحات ال 16 التي وضعتها جمعيتكم كخارطة طريق لنهج وطني للذكاء الاقتصادي؟
ترتكز هذه المقترحات بالدرجة الأولى على تشجيع الاندماج الرقمي بين الفاعلين في مجال اليقظة الوطنية من خلال استخدام أداة مندمجة ومأمونة لليقظة الوطنية من نوع «big data». هذه الآلية الرقمية ستتيح للجميع إمكانية الوصول إلى جميع المعلومات، أما المقترح الثاني فينص على ضرورة الربط التدريجي بين تخصيص الميزانيات ونشر الدراسات والتحليلات وغير ذلك من الخدمات الفكرية ذات الصبغة الاقتصادية والاستراتيجية داخل منظومة اليقظة الوطنية، المقترح الثالث يدعو إلى وضع خطة وطنية لليقظة الاستراتيجية للفاعلين القائمين لأجل تنظيم تغطية قطاعية أفقية للاستفادة من تكاملها من خلال التخصص، أما رابع المقترحات فيدعو إلى القيام بعملية تفكير مستقلة غايتها تبيان الصورة الحقيقية للمغرب في العالم بما يتيح اختيار الأمور التي ينبغي مراقبتها، أما المقترح الخامس فينص على ضرورة مناغمة آليات جمع المعلومات مع المتغيرات اللغوية العالمية، وتطوير استخدام اللغات الإنجليزية والإسبانية والألمانية والبرتغالية، بينما ينص المقترح السادس على استحداث كرسي التحليل الاستراتيجي الأفقي للذكاء الاقتصادي مفتوح أمام المدنيين في الكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا (CREMS)، ويتعلق المقترح السابع بإعادة التوازن إلى خلايا اليقظة القائمة على الصعيد الوطني ما بين المراقبين والمحللين، وتشجيع البناء والإثراء المشترك للمعلومات، بينما ينص المقترح الثامن على استحداث وظيفة «مكلف بالذكاء الاقتصادي» في كل ديوان وزاري وتشجيع استحداث وظيفة «مكلف بالذكاء الاقتصادي» في الشركات الكبرى. ويدعو المقترح التاسع إلى تنظيم المكلفين باليقظة في القطاعين العام والخاص وفق منطق الربط الشبكي مع التخطيط لعقد اجتماعات دورية تتيح تنسيق أعمالهم، أما العاشر فينص على تشخيص الممارسات المتصلة بالذكاء الاقتصادي في المقاولات الصغيرة والمتوسطة المغربية بقصد توجيه الأعمال المستقبلية في مجال التكوين والمواكبة، أما المقترح الحادي عشر فيهدف إلى استحداث وكالة مغربية للأمن الافتراضي مكلفة باقتراح آليات لحماية نظم معلومات الدولة والسماح بمراقبة عملية تطبيقها، والثاني عشر يدعو إلى استحداث تخصص «الدفاع» و«أسرار الدفاع» بالنسبة لمقدمي خدمات الذكاء الاقتصادي على الصعيد الوطني، الذين سيصبحون من الآن فصاعداً وحدهم مؤهلين لمعالجة مواضيع وطنية حساسة أو ذات صبغة استراتيجية، أما الثالث عشر فيوصي باستحداث تخصص وطني للأبحاث في مجال الذكاء الوطني والحرب التجارية والانحراف الإلكتروني، غايته تكوين كفاءات واعية بأهمية رهانات الذكاء الاقتصادي ستوظف مهاراتها لخدمة الدولة، ويدعو المقترح الرابع عشر إلى إجراء مهمة مستقلة تتيح تحديد صورة المغرب في العالم، وتوقعات وسائل الإعلام والوسائط التي يمكن تسخيرها لضمان قدر أكبر من فعالية الأداء الإعلامي، أما المقترح الخامس عشر فيقترح استحداث «فرقة عاملة» مستقلة معنية بالتواصل السياسي والعمومي للمغرب على الصعيد الدولي، مكلفة بترتيب الأولويات وتنفيذها من خلال نشر الكفاءات والمهارات على الساحة الإعلامية. أما المقترح السادس عشر والأخير فيدعو إلى تخصيص نسبة 10% من الإعلانات للمغرب للإشهار الرقمي، ودعم ناشري الصحف بمبلغ يصل إلى 500,000 درهم لتحقيق الانتقال الرقمي.
- هل يتوفر المغرب على المبادئ الأساسية لتطوير الذكاء الاقتصادي؟
معظم الشركات الكبرى في المغرب لا نجد عندها موظفا مكلفا ب «الذكاء الاقتصادي»، وهذا قصور في التصور والاستراتيجية، لكن إذا أخذنا دولا نامية على غرار كوريا الجنوبية والبرازيل والصين وتركيا وإيران في لحظة من اللحظات، فقد حققت نسب نمو كبيرة جدا وصلت إلى 10 في المائة في ظرف وجيز، وذلك عن طريق تطوير «الذكاء الاقتصادي»، ومن هنا فالشركات الكبرى في المغرب، والمؤسسات الاقتصادية سواء في القطاعين العام أو الخاص مدعوة إلى ضرورة اعتماد «الذكاء الاقتصادي» في استراتيجيتها العامة.
- إلى أي حد يمكن أن يساهم الذكاء الاقتصادي في تطوير المنظومة الاقتصادية المغربية، وبالتالي زيادة معدلات النمو؟
المغرب ينتمي إلى سياق عالمي متسم بتكثيف التنافس الاقتصادي وتعقيد الأسواق، وعلى العموم لازال أمام المغرب مرحلة ينبغي له أن يتخطاها لكي يدخل من باب الاقتصاديات الناشئة، وذلك رغم ما أحرزه من تقدم. و»الذكاء الاقتصادي» الذي تدافع عنه «الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي» كاستراتيجية للإشتغال، يمكن أن يؤدي دورا حاسما في المغرب، شأنه في ذلك شأن بلدان من قبيل اليابان وكوريا الجنوبية وتركيا والولايات المتحدة التي اتخذت من الذكاء الاقتصادي وعاءً هيكلياً لتحقيق تنميتها الاقتصادية منذ سنين عديدة.
وتفيد الدراسات التي أنجزتها الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي، عند إعداد خارطة الطريق «في سبيل نهج وطني للذكاء الاقتصادي»، بأن اتباع هذه الإستراتيجية سيتيح تحقيق معدل نمو سنوي ثنائي الأرقام في غضون عشر سنين، أي في أفق عام 2023.
ومن المهم أن نلاحظ في هذا الصدد العلاقة المباشرة بين تطوير الأنشطة على الصعيد الدولي وممارسة اليقظة الاستراتيجية في المقاولات الصغيرة والمتوسطة. وهذه العلاقة منشؤها الصلة الجلية والوثقى بين الذكاء الاقتصادي والعولمة. لأجل ذلك، يعد الذكاء الاقتصادي في المغرب مفتاح تحقيق نمو ثنائي الأرقام تعادل نسبته أو تفوق 10%، وهو نمو يرتبط ارتباطاً أساسياً بعمل المقاولات المصدِّرة.
حاوره: عبد الرحيم ندير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.