إن النتيجة التي يمكن الوصول إليها هي تحديد التحديات الكبرى للتنمية بالجماعة وضبط أولويات وإبراز المؤهلات ونقط الضعف والقوة والفرص والمخاطر، مع ترتيبها حسب الميادين الكبرى (اجتماعية، اقتصادية، بيئية،...) واقتراح سبل التنمية مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الترابي ومقاربة النوع. 3 - مرحلة تقديم نتائج التشخيص للفاعلين والمصادقة على المخطط الجماعي للتنمية : تمر هذه العملية عبر مرحلتين فرعيتين، تضم الأولى تقديم نتائج المخطط إلى السكان، وتضم الثانية المصادقة النهائية عليه من طرف المجلس الجماعي؛ فبينما تهدف المرحلة الأولى إلى إخبار السكان بالاختيارات التي اتخذت من طرف الجماعة وتعليلها، يتم في المرحلة الثانية عرض المخطط الجماعي على أنظار المجلس الجماعي قصد الدرس والتصويت عليه، كما يحدد هذا الأخير برنامج الأعمال والمشاريع الواجب القيام بها باشتراك وشراكة مع الإدارة والجماعات المحلية الأخرى والمؤسسات العمومية... 4 - مرحلة المرافعة وتعبئة الموارد المالية : إن المخطط الجماعي للتنمية يسمح بالتدخل في مختلف أبعاد التنمية المحلية، وخاصة الاقتصادية منها نظرا إلى كونها تشكل محور تدبير المجالات المعيشية الأخرى، ويتطلب تحقيق ذلك إمكانيات ذاتية للجماعة وموارد أخرى يمكن جلبها من فاعلين ومانحين تابعين للدولة وللقطاع الخاص والمجتمع المدني والتعاون الدولي. إن مسالة المرافعة تعني كيفية تعبئة الموارد المالية المخصصة لتمويل المشاريع المدرجة في المخطط الجماعي للتنمية، وهي مرحلة حاسمة، وتغييبها أو عدم التعامل معها بالجدية المطلوبة يمكن أن يعرقل مسلسل التخطيط وعملية التنمية الاقتصادية بالجماعة، الأمر الذي يتطلب توفر عدد من الشروط المسبقة التي تؤهل وتحسن قدرات الجماعة في المرافعة، وهو ما يمكن إيجازه في ما يلي: - يجب أن تكون المرافعة مدعمة على المستوى الإقليمي والمركزي؛ - تهييء مساطر التعاقد وآليات التمويل المتفق عليه؛ - نشر المخطط الجماعي للتنمية على نطاق واسع في شكل كتيبات ملصقات إعلانية وفي الموقع الإلكتروني للجماعة؛ - خلق بنك للمشاريع التنموية وإعداد شريط وثائقي وجذاذات المعطيات بالجماعة؛ - التكوين في المرافعة والتواصل وإعداد المشاريع لرؤساء الجماعات وأعضاء المكتب والموظفين الجماعيين والفاعلين المحليين من أجل تقوية المهارات والقدرات لشرح وتوضيح المخطط الجماعي للشركاء المحليين؛ - المشاركة في طلبات عروض المشاريع وتشجيع الجمعيات الناشطة داخل تراب الجماعة للإقبال عليها كوسيلة هامة لتعبئة الموارد المالية والحصول على التمويلات؛ - تنظيم ورشات تعبئة ومائدة مستديرة على المستوى المحلي يحضرها كل الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والفاعلين الجمعويين وعموم السكان الموجودين داخل تراب الجماعة لحثهم على المساهمة في تنفيذ المخطط الجماعي ودعمه ماديا ومعنويا؛ - يقوم الفريق الإقليمي بتبني مجموع المخططات الجماعية للتنمية المنجزة بالإقليم والمرافعة على المستوى الإقليمي والتفاوض حول عقود التمويل مع المجلس الإقليمي والمصالح الخارجية للدولة والمغاربة المقيمين بالخارج والمجلس الجهوي والمصالح الإقليمية والجهوية للدولة... - وعلى المستوى المركزي، تتدخل المديرية العامة للجماعات المحلية لتعبئة الموارد اللازمة مع صندوق التجهيز الجماعي ووكالات التنمية الاجتماعية؛ وعلى الصعيد الدولي مع وكالات التعاون الثنائي أو متعددة الأطراف... 5 - التتبع والتقييم: تعتبر عملية تتبع تنفيذ المخطط الجماعي جزءا لا يتجزأ من العملية ككل، إذ تسمح بتتبع ومن ثمة الحكم على تقدم إنجاز المشاريع المدرجة في البرنامج وحسن تدبير الأنشطة والأعمال ومراقبتها وتقدير مدى الوصول إلى النتائج والأهداف المتوقعة، وكذلك التأكد من تنفيذ برنامج العمل المسطر والقيام بالتعديلات الضرورية قصد ملاءمة الموارد مع الأنشطة لبلوغ النتائج المنتظرة. كما أن تتبع المخطط الجماعي للتنمية يهدف إلى تقييم تقدم تنفيذ المشاريع من جوانب متعددة (التكلفة، الآجال، الجودة، النتائج،...) واتخاذ القرارات المتعلقة بكل مشروع في طور الإنجاز، إما بإعادة تقويم الموارد أو مراجعة النشاط أو الترخيص بمواصلة النشاط، كما يتم إعداد تقارير التتبع من طرف الفريق الجماعي المكلف وتقديمها إلى رئيس المجلس الجماعي كل ثلاثة أشهر أو مرتين في السنة أو سنويا، ويتم إرسالها إلى اللجنة التقنية الإقليمية والمديرية العامة للجماعات المحلية. ومن هذا المنطلق، يمكننا القول إن المخطط الجماعي للتنمية يعتبر بمثابة خريطة طريق التنمية الاقتصادية الترابية ووضعها في قالب استراتيجي، يمكنها من بلوغ أهدافها التنموية بشكل تحترم معه الهوية والإنسية المغربية مع ضمان الانخراط المتزن في مجريات التحولات العالمية العميقة. العباس الوردي