أقر القضاء التركي بملاحقة ابني وزيري الداخلية والاقتصاد وإيداعهما السجن على ذمة التحقيق في إطار فضيحة فساد مدوية تطال مباشرة الحكومة التي يرأسها رجب طيب أردوغان على بعد أربعة أشهر فقط عن الانتخابات البلدية. وفضلا عن اعتقال نجلي الوزيرين، أودع السجن أيضا عشرون شخصا آخرين، بمن فيهم سليمان أصلان، رئيس مجلس إدارة مصرف «هالك بنكاسي» العام، ورضا زراب، رجل الأعمال المتحدر من أذربيجان. وأوردت وسائل إعلام تركية أن حوالي 50 شخصا مثلوا أمام المحكمة، بينهم مصطفى دمير، وهو عضو في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ورئيس بلدية فاتح في إسطنبول، ويشتبه في تورطهم في أعمال فساد وتزوير وتبييض أموال في إطار ثلاث قضايا مرتبطة بصفقات عقارية عمومية وتحويل أموال وذهب بين تركيا وإيران الخاضعة لحظر دولي. ومنذ أربعة أيام والصحف التركية تنشر تفاصيل هذه القضية، مما يزيد في إحراج الحكومة الإسلامية المحافظة التي جعلت من مكافحة الفساد أحد شعاراتها. وواصلت الحكومة التركية حملة تطهير موسعة بين قيادات الشرطة، إذ تم عزل 14 ضابطا من المديرية العامة لشرطة أنقرة، مما يرفع إلى حوالي 50 عدد الضباط والمديرين المعزولين، بينهم قائد شرطة إسطنبول، إذ تتهمهم الحكومة باستغلال النفوذ. ووصف الرئيس التركي أردوغان الأمر بكونه مؤامرة مدعومة من الخارج لتقويض سلطاته وإقامة «دولة داخل الدولة». وأثارت الأزمة الآخذة في التصاعد مخاوف من إلحاق الضرر باقتصاد البلاد وحدوث تصدع في حزب العدالة والتنمية الذي أضعفته هذه الزوبعة السياسية المالية. ويعكس الأمر تصاعد الصراع على السلطة بين أردوغان وجماعة فتح الله غولين الدينية ذات النفوذ في الشرطة والقضاء، منذ ألغى رئيس الوزراء مدارس الدعم المدرسي الخاصة، وهي من أهم موارد تمويل الجماعة. وحذر أردوغان من أنه قد يعمد إلى إبعاد بعض السفراء الأجانب الذين يقومون بعمليات «تحريض» على خلفية التوترات الناجمة عن فضيحة الفساد. على صعيد متصل، دعا كمال كيليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر حزب معارض، أردوغان إلى الاستقالة واصفا إياه ب«الديكتاتور»، وقال إن «تركيا بحاجة إلى طبقة سياسية ومجتمع نظيفين».