1 - غور الأردن يقف في مركز المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، فقد طالب رئيس الوزراء نتنياهو بالبحث في الترتيبات الأمنية على هذه الحدود قبل الحديث عن الحدود نفسها، فاستجاب الأمريكيون، أما الفلسطينيون فلم يرغبوا في السماع. وأوشكت المفاوضات على الانفجار، فجند الوسيط الأمريكي جون كيري طواقم من عشرات الخبراء لإيجاد حل للمشكلة.. بمعنى، كيف يتم حفظ النظام، دون مواصلة الاحتلال الإسرائيلي ومنح الفلسطينيين دولة مفتوحة ومستقلة. يقترح كيري على إسرائيل في موضوع الغور ما اقترحته مبادرة جنيف التي وافق عليها مسؤولون فلسطينيون كبار. يبقى الجيش الإسرائيلي على نهر الأردن على مدى سنوات بعد أن تبدأ التسوية كلها في العمل. وإذا لم تكن مشاكل أمنية خاصة، يقل الوجود الإسرائيلي باطراد. في مبادرة جنيف، يتحدثون عن ثلاث سنوات بعدها تسيطر قوة متعددة الجنسيات على المنطقة. اقتراحات جون كيري والجنرال جون ألين تتخذ جدولا زمنيا مشابها، ولكن ليس واضحا من يحفظ الحدود بعد ذلك. نتنياهو لا يستبعد تماما الأفكار الجديدة، وهذا شيء ما منذ الآن. ولعله يجدر به أن يتبنى أيضا باقي عناصر مبادرة جنيف التي لم يرغب، أي مرة، في أن يسمعها. أما وزير الدفاع، موشيه يعلون، ووزراء آخرون فيتحفظون. "أنظر ما حصل مع القوات الدولية التي أخذت مكاننا في غزة وفي لبنان"، قالوا لكيري. أما وزير الخارجية الأمريكي فلم ينذعر. "في هذه المناطق لم يكن اتفاق نهائي وتام.. كل شيء بقي مفتوحا. نحن نتحدث عن اتفاق سلام"، أجاب. الاستنتاج: إذا كانوا يريدون، يمكن التقدم. توجد حلول إبداعية لكل مشكلة. لننتقل إلى البند التالي. 2 - أربعة سياسيين كبار من "الليكود بيتنا" يصبون ماء باردا على كل المسيرة؛ فوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يدعي أنه لا يخرج شيء من المفاوضات ولا حتى اتفاق مرحلي؛ وزير المواصلات إسرائيل كاتس يهاجم الرئيس الأمريكي أوباما بعد أن حاول هذا الأخير أن يشرح أن الاتفاق في الضفة سيجر إليه لاحقا شباب غزة. "نحن لن نقدم كل التنازلات في يهودا والسامرة ونتعرض للصواريخ من غزة"، أعلن كاتس. نائب وزير الدفاع، زئيف الكين، أفاد بأن إسرائيل لن تكون مثل جنوب إفريقيا التي تنازلت للعالم، بل مثل إيران التي تصر على موقفها "وعندها العالم سيتنازل لها". الكين غير مستعد لأن يتنازل عن الوجود الإسرائيلي في غور الأردن إلى أبد الآبدين. أقوال مشابهة يقولها أيضا نائب وزير الدفاع، داني دنون. نائب الوزير الكين يضيف، ربما عن حق، أن الفلسطينيين أيضا يرفضون كل اقتراح حل وسط أمريكي بالنسبة إلى الترتيبات الأمنية وبشكل عام. الاستنتاج: لا يريدون التقدم. ليبرمان هو شريك كبير في الليكود. كاتس، الكين وأساسا دنون هم رؤساء المؤسسات الهامة في الليكود. كلهم يعارضون الدولة الفلسطينية وكل ما ينشأ عنها، ولهذا فإنهم سيسدون لنتنياهو كل الطرق السياسية حتى لو أراد التحرك إلى الأمام، وهو سيبقى وحده، دون حزب وراءه. 3 - الترتيبات الأمنية هي المقدمة فقط، وينبغي الثناء على الأمريكيين في أنهم لم ينكسوا منذ الآن في هذه المرحلة وهم يحاولون تربيع الدائرة. المداولات لم تلمس بعد المسائل الجوهرية الحقيقية: القدس، اللاجئون، المستوطنات وخريطة الحدود. إذا وصلنا إلى هناك، سنفهم أنه لا توجد حكومة في البلاد يمكنها حقا أن تُقسم القدس وتُخرج آلاف اليهود من الأحياء العربية؛ لا توجد حكومة ستتنازل عن السيطرة في الحرم؛ لا توجد حكومة تُخلي 140 ألف مستوطن إلى داخل الكتل؛ ولا توجد حكومة ستوافق على عودة اللاجئين، حتى ولا بأعداد رمزية. باختصار، لا توجد حكومة تلاقي مطالب الحد الأدنى للفلسطينيين وتفي بها. الاستنتاج: حتى لو أرادوا (ولا يريدون) فلن يستطيعوا التقدم. يمكن مواصلة المسيرة، إذ إن هذه قد تكون مريحة لكل الأطراف، ولكن واضح للجميع أنه لن يخرج منها أي حل سياسي، فقط تقدم ظاهر، تراجع وأزمات. عن «معاريف»