بإحياء الذكرى الأولى لرحيل الشيخ عبد السلام ياسين، تكون جماعة العدل والإحسان قد أنهت سنتها الأولى في مرحلة ما بعد وفاة الشيخ، وسط تساؤلات عدة عن مستقبل تعاطي أكبر تنظيم إسلامي معارض في المغرب مع الدولة، وإمكانية تطبيعه مع العمل السياسي. تحليل سنة من عمر الجماعة في ظل غياب زعيمها الروحي يبعث على التساؤل حول أسباب «خفوت» و«انكماش» تواجدها على الساحة، وحقيقة ما يروج حول وجود «صراع» بين القيادة وعائلة الشيخ، وبشكل خاص ابنته نادية ياسين. وفيما تنفي عدد من قيادات العدل والإحسان وجود أي شرخ أو صراع داخل التنظيم الإسلامي، فإن بعض المحللين السياسيين والمهتمين بشأن الحركات الإسلامية يربطون سبب ما يبدو من انكماش لحضور الجماعة في الساحة الاجتماعية والسياسية بحرص قادتها على رص الصفوف ومواجهة بعض التحديات الداخلية التي خلفها غياب الشيخ، بالنظر لموقعه الهام داخل الجماعة. بيد أن موقف الجماعة من الدولة لم يتغير، كما لم يتغير موقف الدولة من هذا التنظيم الإسلامي، الذي يوصف بكونه «محظورا» رغم ما تتسم به علاقة الطرفين من مد وجزر بالنظر للظروف السياسية، فجماعة العدل والإحسان لم تجد بعد في العمل السياسي ما يغريها بالنظر إلى الشروط التي تضعها أمام النظام للانخراط والمشاركة في الحياة السياسية. وإذا كان الثابت في أدبيات جماعة العدل والإحسان هو لاءاتها الثلاث المتمثلة في «لا للعنف» و«لا للسرية» و«لا للارتباط بالخارج»، فإن تحليل طبيعة التعاطي مع الدولة منذ الخروج من حركة 20 فبراير، وبعدها حدث وفاة الشيخ عبد السلام ياسين، يعطي الانطباع، حسب بعض المحللين، بوجود نوع من الانفتاح على الدولة بشكل قد يؤسس لمرحلة انتقالية للعمل السياسي، تعبر فيها الدولة والجماعة عن رغبتهما في ذلك. وفي هذا الإطار، يرى إبراهيم أولتيت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن زهر في أكادير، أن «المواقف التي تعلن عنها الجماعة ترتبط بتغيير النظام لنظرته للمسألة السياسية، وهو ما يظهر في بعض الحوارات لقيادات في الجماعة، التي توضح أن لديها رغبة في المشاركة شريطة رفع النظام السياسي يده من اللعبة السياسية برمتها»، وهو ما يعني حسب أولتيت، أن «هناك إعلانا من طرف الجماعة لرغبتها في المشاركة شريطة أن يغير النظام نظرته وعلاقته بالفاعلين السياسيين». والمسألة الثانية، حسب المحلل ذاته هي أن «الجماعة تعلن في أبجدياتها ومواقفها أنها جماعة سياسية ترفض العنف، لكن تعتبر أن المشكل مرتبط بطبيعة النظام السياسي، الذي يسعى إلى بوتقة الفاعلين السياسيين في نفس التصور الذي يخدمه هو ولا يخدم المسألة السياسية برمتها. ومن جهة أخرى يؤكد أولتيت ضرورة إعادة النظر في موقف النظام من الجماعة، خاصة أن القضاء سبق أن أقر مواقف إيجابية واعتبرها جماعة خيرية وبالتالي فهي جماعة قانونية. ويرى الخبير السياسي أن «الإشكالية لا تخص الجماعة وحدها، بل أيضا النظام السياسي كذلك الذي يجب أن يتجاوز مسألة إما الإدماج أو الإقصاء، المتمثلة في التعاطي مع من يقبل بتصوره وإقصاء وإبعاد من يخالفه الرأي، خاصة وأن الجماعة لديها حضور قوي في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونقابات كنقابة المهندسين ودورها في السلم الاجتماعي». واستنادا إلى التحليل ذاته، فإن «خروج الجماعة من حركة 20 فبراير هو بمثابة قبول لموازين القوى، ورغم إعلانها الذهاب لخوض صيغ نضالية جديدة، لكن لحد الساعة لم يتم الإفصاح عنها ويمكن قراءة هذا الجانب بشكل إيجابي في إعادة العلاقة بين الطرفين لمصلحة الفعل السياسي بكامله». خلاصة سنة بعد رحيل الشيخ المؤسس هي أن «الربط بين الجماعة والشيخ فيه تصور لمنطق «الشيخ والمريد»، لكن بشكل عام وباستثناء الجانب النفسي، فإن الجماعة أعلنت عن عدد من المواقف بشأن الاستمرار في النهج الذي وضعه الشيخ، وبالتالي فالمسألة لم تعد مرتبطة بعبد السلام ياسين، رغم تأثيره وحضوره»، يضيف الأستاذ إبراهيم أولتيت. لا جديد إذن في العلاقة بين الدولة والجماعة، وإن كانت الأخيرة، حسب المحلل السياسي إبراهيم أولتيت، قد بعثت بعض رسائل الغزل إلى النظام لعلها تجد نوعا من التجاوب في إمكانية التأسيس لعلاقة ثقة بين الطرفين، بما يضمن انخراط هذا التنظيم بشكل مؤسساتي في العمل السياسي.