ضيفة مسار لليوم، هي زبيدة نجدي، نموذج امرأة تألقت رغم محنة البدن أو الحواس، تشع عيناها أملا، وينبض قلبها عطاء، حولت الإعاقة إلى طاقة وإبداع... زبيدة..فنانة تشكيلية ..عاجزة عن الحركة لكنها حطمت القيود وأبدعت. استطاعت زبيدة نجدي، ذات الخمسين من عمرها، بيضاوية الأصل، بالكفاح والإصرار والمثابرة أن تحقق جزءا من طموحها وتتطلع إلى تحقيق المزيد، فلم تمنعها ظروف الإعاقة من ذلك، بل كانت الوقود الحقيقي لها والدافع القوي وراء تحديها لتثبت أن لديها روحا لا تعترف باليأس.. مصاعب الحياة وحب العمل وإثبات الذات هي ما دفع زبيدة إلى البحث عن وسيلة عمل لأجل توفير مدخول يقيها طلب العون. حكاية الإبداع تقول زبيدة بحماس، إنها لم تستسلم للمرض ولا الإعاقة، بل جعلت منها وسيلتها ومحفزا قويا، لإخراج ما بدواخلها كامرأة حالمة بغد أفضل، ولها رؤية تختلف عن غيرها من النسوة، هي التي تؤمن بأن حتى المتلاشيات التي يرمي بها الكثيرون يمكن أن نبدع بواسطتها. وعن بدايتها مع الإبداع الذي تتقن دروبا شتى منه، من رسم للوحات التشكيلية وابتكار للحلي، وأيضا لمختلف المشغولات اليدوية. تقول زبيدة «بدايتي كانت بتشجيع من طبيبي المشرف على علاجي بمستشفى ابن رشد بالبيضاء، إذ أقمت فيه لشهور عديدة، وأستطعت أن أجعل من فضائه ليس مكانا للألم والأنين، وإنما للإبداع وإبراز الموهبة، وذات يوم ابتسم الطبيب في وجهي وعبر بالقول «أنت فنانة ..واصلي» وتضيف « كنت أقوم في المستشفى بحياكة مشغولات يدوية وأقوم ببيعها لزبناء من زوار المرضى في المستشفى، لدرجة أني زرعت الحماسة في المريضات اللواتي كن يشاركنني الغرفة وكنت أشجعهن على أن يتحدين المرض بالإبداع و«المشغولات» الحرفية، وخاصة ما يتعلق منها ب«التريكو، الجوارب، القفازات الصوفية وطواقي الرأس وغيرها». أمي ملهمتي وعن مثلها الأعلى والذي تتلمذت على يديه في المجال الإبداعي، ذكرت بكل فخر والدتها رحمة الله عليها وقالت زبيدة: «أمي مصدر إلهامي، إذ كانت تحيك الزرابي، وبدوري كنت أساعدها منذ كان عمري خمس عشرة سنة، غير أن حالتي الصحية جعلتني أغير مجالي الإبداعي بالرسم على الثوب باستعمال مواد متلاشية من قبيل «الكارطون»، «العقيق» والابتكار في الحلي الفضية. لوحاتي الناطق باسمي وتضيف زبيدة كل الفضل للراهبات اللواتي مددن لي يد المساعدة وكن يساعدنني ماديا ومعنويا حين مغاردتي المبكرة للدراسة، لأنهل منهن القواعد الأولية للإبداع، وخاصة في مجال زاخر كالصناعة التقليدية، وأبدع بدوري في فن أجده ينوب عني في التعبير عن مكنوناتي الداخلية التي يعجز لساني أحيانا عن البوح بها للآخر. وعن ما يميز إبداعاتها الفنية تقول زبيدة» أميل للون الأصفر والأسود والأخضر والأبيض وأضيف الخط العربي من خلال آيات قرآنية في لوحاتي التشكيلية».