يرى الباحث إدريس هاني، المختص في العلاقات الإيرانية المغربية، أن قرار المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران يبقى أمرا عاديا تمليه لعبة العلاقات الدولية وبروتوكول التبادل الديبلوماسي، وهو قرار، وإن أعطيته مبررات تتعلق بقضية الصحراء والدفاع عن الأمن الروحي، يبقى تصرفا لن يغلق الباب في وجه المساعي الديبلوماسية. - كيف ترد على كون التشيع يهدد الأمن الروحي للمغاربة؟ < أتصور شخصيا أن المسألة عموما تنطوي على مبالغة وتضخيم كبيرين، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإني أعتبر ما جرى من أحداث مؤخرا بخصوص قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وما تم تداوله من كون المسألة تتعلق بقرار سيادي، وما إلى ذلك من حديث عن بروتوكول معروف على مستوى ممارسة العلاقات الدولية، أعتبر كل ذلك عبارة عن أمور ثانوية وشكلية ولا تعكس موقفا على مستوى كبير من الخطورة كما يتصور البعض؛ وبالنسبة إلي فإني أرى من حق كل دولة أن تضع سياسة دينية معينة تحافظ بها على أمنها الروحي وتحميه، إلا أن ذلك يتطلب بالمقابل مزيدا من العمل السياسي. في هذا الإطار، وتعميقا للإجراءات المتخذة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الحالي المنفتح على العولمة وعلى التطور الذي يشهده العالم والتاريخ، فإنه لا خوف على المغرب في ما يخص أمنه الروحي أو شيء آخر من هذا القبيل. -ولكن الجهات المغربية الرسمية تتهم إيران، وبالتحديد سفارتها بالرباط، بالضلوع مباشرة في أنشطة متعلقة بالتشيع، ما رايك؟ < هذا ما يقولونه من كلام وما يردد في العلن، ولكن ما قيل خلال ندوة وزير الخارجية مع الصحافة، بداية هذا الأسبوع، يوضح جليا أنه ليست مسألة التشيع هي الأساس الذي كان وراء دفع المغرب إلى قطع علاقته الديبلوماسية مع إيران، وحتى ما تم تداوله من أن قضية الصحراء كانت المبرر الأبرز لقطع تلك العلاقة، يبقى موقفا غامضا ويحتاج إلى مزيد من التوضيح. وعلى مستوى قراءة الموقف المغربي من الناحية الشكلية والبروتوكولية، نجد أن الكلام الذي أدلى به المسؤولون المغاربة يتحدث عن إحساس المغرب بالإهانة وبأن الموقف لم يكن مبرمجا أو مخططا له من قبل أو أنه جاء بإيعاز من أطراف خارجية أخرى، أملته على المغرب، بقدر ما كان القرار يغلب عليه الطابع الشكلي، حيث أشار المسؤولون المغاربة إلى أن المغرب استدعى موظفه في الخارجية القائم بالأعمال بالعاصمة الإيرانية، وانتظر بعد ذلك شرحا للموقف الإيراني، والذي لم يحصل، بحيث التزم المسؤولون الإيرانيون الصمت، فأعلن المغرب، بصفة أوتوماتيكية، عن قطع علاقته الدبلوماسية مع إيران. صحيح أن هناك كلاما كثيرا قيل ومؤاخذات عدة تم التعبير عنها غداة اتخاذ المغرب لموقفه السيادي ذاك، إلا أن الأساسي يبقى هو أن هذا الموقف يعتبر إجراء عاديا تمليه لعبة العلاقات الدولية المتسمة بعدد من الحوادث بين الدول، لذلك فلا يمكن اعتبار ما وقع نهاية للعالم، لأنه إن كان من حق المغرب اتخاذ قرار كهذا، فإن ذلك لا يعني بالضرورة قطيعة نهائية ما دام الباب يظل مواربا في وجه المساعي الديبلوماسية، في إطار قانون العلاقات الدولية. - ألا ترى أن القرار المغربي، كما ذهب إلى ذلك العديد من المتتبعين، يعتبر رسالة واضحة لردع المشجِّعين على التشيع بالمغرب؟ < شخصيا، لا أعتقد أن قرارا من هذا الحجم، أي قطع العلاقات الديبلوماسية مع دولة، في هذا التوقيت بالذات، وما سيترتب عن ذلك من نتائج على عدة أصعدة، كان فقط لأجل تبليغ رسالة من هذا القبيل إلى جهة معينة، والمسألة لا تحتاج إلى اتخاذ إجراء سيادي بهذا المستوى الكبير جدا، لأنه، إذا ما صح أنها كانت رسالة بالفعل بغرض تمرير خطاب معين إلى جهات بعينها، فإن الأمر لم يكن ليصل إلى مستوى وضع حد لعلاقة دبلوماسية مع دولة، والتي مهما قيل، فإنها تظل عضوا إلى جانب المغرب في منظمة المؤتمر الإسلامي، بل كان من الممكن الاقتصار على إصدار قرار تتم معالجته على المستوى الداخلي.