وقف الجمهور، الذي غصت به جنبات قصر المؤتمرات في ثالث أيام المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وصفق طويلا للمخرج والمنتج «كوري أيدا هيروكازوا»، الذي حمل السينما اليابانية إلى العالمية. وتولت الممثلة شارلوت رامبين، التي حملت مسؤولية تحكيم أول دورة في مهرجان مراكش قبل 13 سنة، شرف الكلمة التي سبقت دخول «هيروكازوا»، بعد عرض ربورتاج قصير عن مشاهد من الأفلام التي أنجزها طيلة 20 سنة. وفي كلمة تحمل مشاعر جياشة، خاطبت النجمة الفرنسية شارلوت رامبين المخرج الياباني قائلة بأنها كممثلة ترى أنه من المهم أن يحظى باعتراف الزملاء، واليوم نكرم رجلا قدم من بعيد، وتمكن عبر أفلامه من التغلب على المسافات والبعد، له أسلوب خاص ولمواضيعه خصوصية، ملحة ومؤلمة لكنها كونية.. لا يهمل التفاصيل لأنه مؤمن بأن الحقيقة تكمن في طياتها، وختمت كلامها: «عزيزي كوري إيدا، كم من الصعب أن نساير الأمل الذي تقدمه لنا في أفلامك». المخرج الياباني في كلمته خاطب الجمهور قائلا: «أصدقائي المراكشيين إنه شرف أن أكرم في مراكش، لم أمض 18 ساعة سفر بالطائرة هباء. وتابع المخرج الياباني الحائز على المسلة الذهبية لمهرجان البندقية قائلا: «بعد عشرين عاما من الإخراج والإنتاج، سأصور أفلاما بروعة أحسن، لكي تدعونني من جديد إلى مراكش». بعد التكريم عرض آخر أفلام المخرج الياباني «الابن سر أبيه» الذي استمد فكرته المخرج، كما صرح قبل عرضه: «عند ولادة ابنتي قبل خمسة أعوام، تساءلت كثيراً عن الوقت الذي يصبح فيه الأب أباً. هل تقاسم الدم يجعل من الرجل أباً أو أنه الوقت الذي يقضيه الأب مع ولده الذي يجعله كذلك؟» في فيلم «مثل الأب، مثل الابن»، يرسم المخرج صورة زوج وزوجة بورجوازيين يتعلمان أن الولد الذي كانا يربيانه ليس ابنهما البيولوجي، بل تم استبداله عند ولادته بطفل عائلة أخرى حيث ترعرع في أوساط متواضعة. وكفيلمه الأول «مابوروزي» عام 1995، تشكل العلاقات العائلية خلفية لعمل كور-إيدا، الذي يقدم نفسه كوريث هيروشي شيميزو أحد صناع السينما اليابانية الذي توفي عام 1966. ليلة تكريم المخرج الياباني تميزت بحضور النجمة المكرمة أيضا في ليلة سابقة جولييت بينوش، وأعضاء لجنة التحكيم بالمهرجان، وجمال الدبوز الذي استطاع أن يخلق جلبة كبيرة على البساط الأحمر، وكان يفلت من بين حراسه لتحية ومعانقة الجمهور، الذي اصطف على جنبات مدخل قصر المؤتمرات. ولوحظ غياب ضيوف الشرف القادمين من مصر عن ثالث أيام المهرجان ويتعلق الأمر بالفنانين عادل إمام وعزت العلايلي ويسرا والمخرجة إيناس الدغيدي. كوري إيدا من يكون؟ ولد كور-إيدا هيروكازو سنة 1962 بطوكيو (اليابان). تخرج من جامعة واسيدا سنة 1987 ليلتحق بشركة الإنتاج المستقلة «تي. في. مان يونيون»، حيث تخصص في العمل في مجال الفيلم الوثائقي. في عام 1995، فاز أول أفلامه الروائية الطويلة مابوروزي بجائزة أوسيلا الذهبية في مهرجان البندقية السينمائي، فضلا عن العديد من الجوائز العالمية الأخرى. وفاز فيلمه الموالي، الحياة الآخرة (1998) بالجائزة الكبرى لمهرجان القارات الثلاث بمدينة نانت الفرنسية، كما حظي بالتتويج في مهرجان السينما المستقلة ببيوينس أيرس بالأرجنتين. في سنة 2001، شارك فيلم مسافة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، تماما كفيلم لا أحد يعرف سنة 2004، والذي بات من خلاله الممثل الرئيسي ياكيرا يويا أول ياباني وأصغر ممثل ينال جائزة أفضل أداء رجالي، ليتصدر مباشرة بعدها الصفحاتِ الأولى لجميع صحف العالم. في سنة 2006، أخرج كور-إيدا فيلم الأزياء هانا. وبعدها بعامين، لقي فيلم ما زلت أمشي استحسانا كبيرا في اليابان وخارجه، ونال العديد من الجوائز في أوروبا وآسيا، قبل أن يوقع الرجل سنة 2008 على فيلم وثائقي عن جولة المغني الياباني كوكو. في سنة 2009، استجلى بفيلمه دمية الهواء مجالات ظلت غامضة، من خلال نقل مانغا يوشي كودا إلى عمل سينمائي، وقد عرض هذا الفيلم في إطار البرمجة الرسمية لمهرجان كان السينمائي (قسم نظرة ما)، إضافة إلى مهرجانات أخرى مثل تورونتو وشيكاكو وأمستردام. في سنة 2011، فاز أتمنى - رغباتنا السرية بجائزة أفضل سيناريو في المهرجان التاسع والخمسين لسان سيباستيان. قبل أن يُمنح هيروكازو من قبل لجنة تحكيم مهرجان كان لسنة 2013، التي ترأسها المخرج العالمي ستيفن سبيلبرك، جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه الأخير؛ الإبن سر أبيه فضلا عن كل ذلك، شارك كور-إيدا هيروكازوا في إنتاج عدد من الأفلام من إنجاز مخرجين شباب؛ أمثال نيشيكاوا ميوا في التوت البري (2003 ) وصواي (2006 )، وسونادا مامي في ملاحظة أخيرة: وفاة البائع المتجول الياباني (2011 )، وهو فيلم وثائقي مؤثر يرصد الأشهر الأخيرة من حياة رجل أعمال وهب أكثر من 40 سنة من عمره في خدمة نفس الشركة، وعلِم مباشرة بعد بلوغه سن التقاعد أنه مصاب بسرطان غير قابل للعلاج.