لا تخلو الصحف الإماراتية من أخبار المتاجرة في البشر، حتى أصبحت تحجز لنفسها صفحة كاملة في كل جريدة تقريبا، كما لا تخلو جلسات سمر المهاجرين المغاربة من الحديث حول دور كثير من الفتيات المغربيات اللواتي يخدشن صورة المغرب في هذا البلد. لكن المقاربة الأمنية لا تكفي للحد من ظاهرة تمس البلاد والعباد، مما يستدعي تجاوز سياسة وضع الأصبع على الداء إلى مرحلة وصف الدواء وإجبار النفوس المريضة على تناوله. لا توجد إحصائيات تقريبية حول عدد المغربيات والمغاربة الذين سقطوا في كمين شبكات المتاجرة في البشر بدولة الإمارات العربية المتحدة، لكن القنصل العام للمغرب يؤكد ل»المساء» أن عدد أفراد الجالية المغربية الذين يقيمون بطريقة قانونية يصل إلى 31 ألف مغربي، قبل أن يضيف «لكن عدد المغتربين المغاربة الذين يوجدون في وضعية غير قانونية يرتفع، وفي كل يوم تتوافد على القنصلية حالات تريد تسوية إشكالية الإقامة من الفوضوية إلى المنظمة، بمعدل حالة أو حالتين في اليوم». تحاول المصالح القنصلية المغربية تفادي الغوص في موضوع يصنف في خانة «الطابو»، بل إن المهاجرين المغاربة والمهاجرات المغربيات والمسؤولين الإماراتيين الذين التقتهم «المساء» في دبي وأبو ظبي والشارقة والفجيرة ثم العين، غالبا ما يتحدوثون في الموضوع بكثير من التحفظ، خوفا من المتابعة بجريمة عدم التبليغ، رغم أن هذه التهمة لا تكتمل في دول الخليج العربي إلا إذا تعلقت بأمن الدولة. يتداول مغاربة الإمارات همسا حكاية تهريب عدد من المغربيات إلى الإمارات، ويقول م. خالد بنبرة غاضبة، وهو يمسح بعينيه حشدا من الأسيويات يحدثن ضجيجا في المركز التجاري «سيتي سانتر»، «شوهونا أخويا متقدرش تقول مغربي»، رد عليه س. المختار قيدوم المهاجرين إلى الخليج العربي: «إذا كنت تقصد الدعارة فهي أقدم مهنة في التاريخ، أما سوق الجسد فلم يعد الاحتكار للمغربيات بعد الربيع العربي». دار نقاش حول هذه القضية، وأجمع الحاضرون على أن المسألة حقوقية أكثر منها أخلاقية، خاصة وأن ملف تهريب خمسة آلاف مغربية لممارسة الدعارة بالإمارات، قد نفخ فيه الحاقدون على المملكة وضاعفوا الأرقام، بالرغم من اعتراف كثير من العائدات في محاضر قضائية بوجود شبكة تهجير نشطت بين مدن سلا وأكادير وفاس والدار البيضاء ثم أبوظبي. مكاتب لدوس الكرامة خصصت الصحف الإماراتية ملحقات للترويج لتجارة استقدام المستخدمين، واكتفت أخرى بنشر إعلانات تتحدث عن شروط جلب العمالة الأجنبية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مع تنوع ملحوظ في المهن المطلوبة، والتي تصل إلى حد استقطاب خدم البيوت والمنازل والإشراف على المسنين والتزيين وغيرها من الحرف التي يمكن أن تكون مقدمة لممارسة أقدم مهنة. تنتشر هذه المكاتب في وسط دبي وفي مدن أخرى خاصة العاصمة أبوظبي، العبارة نفسها تتكرر «نوفر لكم الخادمات والطباخات والمربيات بأقصى سرعة وبخبرة وثقة». لكن شركة الوادي الأخضر لتوريد العمالة، التي توجد على مقربة من جامعة زايد، تقدم «بضاعة بشرية» أخرى من الغرب بدل الشرق، إذ تشير من خلال لوحتها الدعائية إلى «تأمين خدم المنازل من جميع الجنسيات الهند أثيوبيا سيريلانكا بنغلاديش المغرب بأفضل الشروط وأنسب الأسعار»، ما يميز هذه الوكالة أنها تقترح سائقات مغربيات مدربات لقيادة سيارات الخواص طبعا، الإعلان ولمكر الصدف يحمل اللونين الأحمر والأخضر . الفقر وراءكن والكفيل أمامكن الوصول إلى الإمارات يتطلب الحصول على تأشيرة، والتأشيرات أنواع أكثرها تداولا، هي تأشيرة عمل وتأشيرة زيارة، ولأن العمل يقتضي الحصول على عقد شغل مصادق عليه من الجهات المختصة في بلد الاستقبال أولا، فإن دول الخليج العربي تحرص على ربط استيراد الأيادي والسيقان العاملة بوجود «كفيل» تتعدد صوره وتتباين مظاهره من شغل لآخر، لكن أغلب المهاجرين خاصة أولئك المشتغلين في مقاولات ومطاعم ومزارع وبيوت وصالونات حلاقة يعملون تحت وصاية كفيل أي رب العمل، وهو مواطن إماراتي ينجز إجراءات السفر ويستقبل العمالة في المطار، وبمجرد وضع القدم الأولى في الإمارة يتم سحب جواز السفر لتبد أولى مؤشرات الوضع تحت الإقامة الجبرية. تقول ب. فتيحة ل»المساء» وهي تروي قصة وصولها إلى دبي قادمة من أكادير: «كنت متزوجة من رجل سلطة في أكادير، لكن سرعان ما انتهت العلاقة عند المأذون، لحسن الحظ أنني تعرفت على وسيط بأحد مطاعم كورنيش أكادير واقترح علي الاشتغال في محل للتجميل بدبي الإماراتية، قدم لي «كاطالوغ» حول الخدمات المقدمة ونوعية الزبائن، ودعاني إلى تعلم النقش بالحناء، لأن المحل أحوج لتخصص الوشم الذي غزا المجتمعات وأصبح أداة للزينة، توصلت بالعقد والتحقت بدبي، هناك تبين لي أنني تحت وصاية صاحب المحل الذي منحني على غرار كثير من المغربيات حرية الاختيار بين الاشتغال في المحل أو البحث عن شغل آخر، فاخترت الحرية المشروطة بأداء مبلغ شهري في حدود 2000 درهم إماراتي للكفيل، احتفظ بجواز سفري وأحرص على تسديد مرتب شهري له حتى لا يتخذ في حقي قرار الترحيل، بالمقابل أسهر وأقضي الليالي في أحضان الباحثين عن اللذة من الخليجيين وغيرهم من الجنسيات». سألتها عن دخلها وعن شعورها بالندم بعد أن تبين زيف العقد، فنفت حكاية الندم وقالت إنها سعيدة بوضعها الحالي، فظروفها المادية أفضل بكثير وهي تعيش حياتها بدخل يفوق ما لم تتخيله، « في ليلة واحدة يمكن أن أتقاضى 5000 درهم إماراتي، علما أن الدرهم الواحد يقارب 2.30 درهما مغربيا». أضافت فتيحة بنبرة جادة: «الفتاة التي تدعي بأنها كانت ضحية شبكة بيع الأجساد البشرية تحاول تضليل الرأي العام، من أول وهلة تعرف مآلها، وإذا رفضت لا يتم إجبارها وبإمكانها الذهاب إلى السفارة لتقديم شكاية، اسألوا السفير عن عدد الشكايات التي تصله من فتيات مغربيات». في زحمة سوق أبو هيل بدبي، والذي يفضل المغاربة تسميته بسوق أبو ليل، التقينا راقصة مغربية رفقة مطربة شعبية، سبق أن صادفناهما في أحد المطاعم الليلية بدبي، تبادلنا التحية وتبين لنا بأن مرافقهما سوري الجنسية يشدد الرقابة عليهما أثناء «خرجة للتسوق». قال مرافقي وهو مدرب بنادي دبي محاولا طرد تقاسيم الاستغراب عن محياي: «الراقصات والمغنيات المغربيات والأجنبيات يقمن في ما يشبه المعسكر المغلق في الفندق نفسه الذي ينشطن سهراته، وحين يعتزمن الخروج لقضاء بعض الأغراض يكون برفقتهن مرافق يمنع عنهن الاتصال الخارجي مع أي شخص، بمعنى أن حريتهن مسلوبة وما يربطهن بالعالم الخارجي مكالمات هاتفية فقط». نعود إلى فتيحة التي ترفض نظرية المؤامرة، وتؤكد على أن ما يتداول حول السقوط في فخ شبكات بيع الأجساد مجرد وهم، لكنها تحكي قصص مغربيات وصلن إلى الإمارات بعقود عمل وهمية، ولكنهن فضلن البقاء على العودة، وبين الفينة والأخرى تقحم فتيحة الربيع العربي في القضية، وتقول بأن الوضع المضطرب في العراق وسوريا ومصر شجع على نزوح جنسيات أخرى إلى الإمارات. «أعرف أكثر من فتاة مغربية جاءت إلى الإمارات بمحض إرادتها واختارت ممارسة الدعارة، بل إن البعض جاء بتأشيرة زيارة، وبعد العودة إلى المغرب تتحدثن عن سقوطهن في شراك شبكات دولية». محترفات الدعارة الأعلى دخلا يصر اللاعبون المغاربة المحترفون في الإمارات العربية المتحدة وكذا المدربون، الذين تقلص عددهم بشكل رهيب، على أن العائدات المالية للأجساد تفوق عائدات الأقدام. هناك أربعة لاعبين مغاربة يحترفون الكرة في الإمارات بعقود، ولاعب واحد نال جواز السفر الإماراتي، مجموع المداخيل المالية لكل واحد منهم لا تتجاوز 600 ألف يورو سنويا، مع ارتفاع ملموس في عائدات اللاعب المجنس بحكم حمله لقميص المنتخب الإماراتي، بينما يمكن أن تتجاوز «محترفات» الدعارة هذا الرقم بكثير. لكن بالمقابل هناك شهادات صادمة في هذا المجال لمغربيات عشن في دول الخليج أو بعض دول الشام قبل دخول الإمارات، وهي شهادات تختزل معاناة يصبح فيها الجسد بضاعة تصعد وتنزل في سوق بورصة ليست ككل البورصات، لكن يتحكم فيها منطق العرض والطلب. مروة. ع سيدة أربعينية تشتغل كأخصائية اجتماعية في وحدة اجتماعية للمصابين بالتوحد بدبي، تقضي سحابة يومها في خدمة أطفال يعانون من الإعاقة، لكنها تبدي استعدادا لتقديم العون المعنوي لمغربيات يعانين من كدمات نفسية، وأقسمت بأغلظ الإيمان بأن الفتاة المغربية أصبحت مرادفا للانفلات الأخلاقي على حد قولها، «والله حتى كنحشم كلما قرأت أخبارا في الصحافة عن وجود مغربية ضمن ضحايا المتاجرة في البشر». زحف شبكات الاتجار بالبشر تتعامل وسائل الإعلام الإماراتية بنوع من الحذر مع الظاهرة، وتحرص الصحافة المرئية على تفادي الخوض في الجرائم المتعلقة بالأعراض، لكن الإعلام المكتوب يجد في الظاهرة مادة دسمة، بل هناك من يخصص صفحتين يوميا لنشر وقائع للمغربيات نصيب فيها. في شهر ماي الماضي، تمكن فرع مكافحة الاتجار بالبشر بقسم الجرائم المنظمة بإدارة التحريات والمباحث الجنائية لشرطة رأس الخيمة، من «ضبط مجموعة من الأشخاص من الجنسية الآسيوية يقومون باستغلال عدد من الفتيات في أعمال منافية للآداب بمقابل مادي، إذ تم التوصل إلى إحدى الشقق المفروشة التي تتم فيها ممارسة تلك الأعمال، وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، تمت مداهمة الشقة وضبط المتواجدين فيها وهم «فتاتان وشخصان» وجميعهم من الجنسية الآسيوية، لكن بتدبير من سيدة مغربية تقطن في إمارة الفجيرة»، تقول صحيفة الإمارات اليوم. وحسب المصدر ذاته فإن الضحيتين قد صرحتا بإرغامهما على ممارسة تلك الأعمال تحت التهديد، وبأنهما «مدينتان للمتهمة المذكورة بأموال يجب دفعها، وبعد ذلك تم إيداعهن في مركز إيواء ضحايا جرائم الاتجار بالبشر». وفي شهر أكتوبر الماضي تناولت وسائل الإعلام الإمارتية قرارا صادرا عن محكمة استئناف الفجيرة في حق ثلاث جارات مغربيات هن (ف.أ) و(ن.ل) و(ك.ب) يقضي بالحبس شهرا مع إيقاف التنفيذ وغرامة 2000 درهم بسبب مشاجرة وقعت بينهن في إحدى البنايات في منطقة قدفع، إذ اعتدى بعضهن على بعض بالضرب، ما أدى إلى جرح بعضهن بآلة حادة وتشويه وجوههن، ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها. وفي أبوظبي قضت محكمة الاستئناف ببراءة متهمة مغربية من جريمة الاتجار بالبشر، وكذلك تبرئة متهم آخر في القضية نفسها من الشروع في ارتكاب الجريمة نفسها، ومعاقبته بالحبس ثلاثة أشهر عن جريمة الاتجار في مواد كحولية مع الإبعاد من الدولة. وكانت الفتاة المغربية قد تقدمت ببلاغ للشرطة عن وجود شبكة تتاجر بالبشر تتكون من 13 شخصا، لافتة إلى أن أعضاء من الشبكة أرغموها على ممارسة البغاء في أماكن عدة من الدولة. وأكدت الفتاة في أقوالها أمام النيابة العامة مشيرة إلى أن «رفضها كان يقابل بالتهديد والاعتداء من جانب المتهمين، كاشفة عن إرغام المتهمين 18 فتاة على ممارسة البغاء». أعادت محكمة النقض القضية إلى محكمة الاستئناف بعد نقض الأحكام التي صدرت بحقهم، والتي وصل بعضها إلى السجن المؤبد لسبعة متهمين و10 سنوات لثلاثة متهمين. وسبق لصحيفة الإمارات اليوم أن تناولت بتفصيل قضية شبكة الدعارة، بعد أن أصدرت محكمة الفجيرة الابتدائية أحكاما مختلفة على ثلاثة متهمين في قضية دعارة في مدينة دبا الفجيرة، «وقضت بحبس المتهم أ.ص-إماراتي لمدة أربعة أشهر بتهمة ممارسة الدعارة وشهرين عن تهمة السكر، وبرأته من التهم الأخرى المسندة إليه، وهي تسهيل أعمال الدعارة، وإدارة شبكة للبغاء، كما قضت بحبس المتهمين الآخرين في القضية نفسها ف.م مغربية وه.ومصري عن تهمة ممارسة الدعارة بالحبس أربعة أشهر، والإبعاد عن الدولة». نواصل قراءة صفحات قضايا الأخلاق العامة، إذ برأت محكمة جنايات رأس الخيمة عربيين هما: ي- يمني ول- سوري من اغتصاب المدعوة ز. مغربية الجنسية «كانت قد تقدمت ببلاغ بأحد أقسام الشرطة عن قيام المتهم الأول باغتصابها بعد انتحاله لصفة رجل تحريات، وذكرت أن المتهم قام باستدراجها لمكان مهجور بعد أن أوهمها أنه من رجال التحريات، حيث قام بالاعتداء عليها، وتناقضت أقوال المتهمة أمام جهات التحقيق بداية من محضر الشرطة والنيابة إلى القضاء، وكان هذا مسوغا لصدور حكم البراءة على المتهمين اللذين أنكرا هذه الوقائع». وفي شهر يونيو أشارت صحيفة البيان الإماراتية إلى ملف شائك، إذ استمعت محكمة جنايات أبوظبي، إلى أقوال عربي متهم بالاتجار بالبشر «ضحيته ثلاث مغربيات تم وفق أوراق الإحالة إجبارهن على ممارسة الدعارة، وهو المتهم الثاني في القضية، حيث يحاكم المتهم الأول غيابيا لفراره. وكان القاضي سيد عبد البصير رئيس الجلسة قد رفض طلبا تقدم به مركز الإيواء خلال الجلسة بالسماح للضحايا بالعودة إلى بلدهن، وأوضح القاضي عبد البصير أن «على المحكمة أولا سماع أقوالهن ومراجعة القضية للتأكد من كونهن ضحايا ولا يعملن برضاهن في الدعارة». علما أن المتهم في القضية مجرد سائق طاكسي. وقبل أيام أشارت صحيفة الاتحاد إلى أن أجهزة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة، قد تمكنت من إلقاء القبض على فتاة مغربية، بعد قيامها بطعن شاب من جنسيتها بقطعة من زجاجة مشروب كحولي، إثر خلاف نشب بينهما في إحدى الشقق السكنية بمنطقة الخان التابعة للإمارة. مراكز لإيواء ضحايا تجارة الجنس لكن كيف تواجه الإمارات هذا المد الأحمر؟، وما هي المقاربات المعتمدة للحد من الظاهرة؟ وقفت «المساء» على جهود الإمارات العربية المتحدة للحد من الظاهرة، والتصدي لما يعرف بشبكات الاتجار بالبشر، وتبين أن الدولة وقفت على جدية وخطورة الظاهرة، فأنشأت صندوقا لدعم الضحايا الغاية منه «تقديم المساعدة المالية للضحايا الذين يتعرضون للممارسات الاستغلالية والقسرية، ويقدم يد العون لهم ومساعدتهم على تخطي المشكلات التي يمرون بها نتيجة ما يقع عليهم من إساءة وإهمال». لكن الصندوق لا يلغي دور مراكز الإيواء في الإمارات التي ترعى هذه الفئة وتؤهلها من جديد. في مدينة أبوظبي توجد ثلاثة مراكز بينما تنتشر مراكز أخرى في الشارقة ورأس الخيمة، وهي مؤسسات تشرف عليها الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسوي بالإمارات، ورئيسة الهلال الأحمر في هذا البلد السباق إلى التصدي لشبكات المتاجرة في الأعراض، وينكب الأخصائيون والأخصائيات بهذا المرفق على التصدي لظاهرة الاتجار بالأطفال من خلال البيع والعمل في المواد الإباحية والسياحة الجنسية، ومكافحة كل أشكال الاستغلال الوظيفي من خلال العمل القسري، ومحاربة تجارة الرقيق الأبيض الذي يمارس عليه الاستغلال الجنسي، كما يوجد في المركز الإيوائي عدد من الأطفال الأجانب والخادمات المغرر بهن وأغلبهن من جنسيات أسيوية. حسب التقرير السنوي حول مكافحة الاتجار في البشر بدولة الإمارات العربية المتحدة لسنة 2013، الصادر عن اللجنة الوطنية التي أنشئت لهذه الغاية، فإن 25 في المائة من الضحايا ينتمون للقارة الأسيوية، وأن 34 في المائة من الضحايا لا يتجاوز مستواهن الدراسي المرحلة الابتدائية، مقابل 9 في المائة من الجامعيات، وأن أزيد من 54 في المائة من الضحايا عازبات مقابل 26 في المائة متزوجات و7 في المائة أرامل. وكشف التقرير على أن 80 في المائة من الضحايا غرر بهن ودخلن الإمارات بوعد بالتوظيف، 70 في المائة منهن اكتشفن «الملعوب» بمجرد وصولهن. لا يوجد مركز من هذا النوع في المغرب، وفي غيره من البلدان المصدرة للأجساد، لكن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أصدر دراسات في هذا الشأن وذكر بتوقيع المغرب عدة اتفاقيات في هذا المجال، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، واتفاقية لحماية حقوق الطفل، بل إن التشريع المغربي يغطي العديد من الجنايات وجرائم الاتجار بالبشر. لكن الإشكالية الكبرى تكمن في تفعيل القوانين حتى لا تظل مجرد فزاعة. نعيمة تكشف كيف سقطت في براثن شبكات الدعارة كثيرة هي القضايا التي تقف فيها المغربيات أمام العدالة ويتم اقتيادهن في نهاية المطاف صوب المطار، في رحلة عودة لا ينقطع فيها صبيب الدموع على امتداد ثمان ساعات من التحليق الجوي. نعيمة. ن عادت إلى المغرب بعد نهاية خدعة حب، بدأت بنقرات على فأرة الشات وانتهت بالترحيل القصري، فقد كانت ضحية على غرار ضحايا غرر بهن، بعد أن استقبلهن مواطن في سكن معد للرديلة وأرغمهن على الذهاب إلى الملاهي الليلية واصطياد الزبائن لممارسة الجنس مقابل مبلغ من المال، وكان يتوعدهن ويعتدي عليهن بالضرب في حالة العودة الى السكن من دون حصيلة. أما محكمة الجنايات في عجمان، فقضت برئاسة القاضي عمر الغول، بحبس متهم ستة أشهر والإبعاد، بتهمة «تحويل شقته إلى وكر دعارة وتسهيل ممارسة الرذيلة، وتشغيل زوجته في أعمال الدعارة»، وقال صك الاتهام إن المتهم كان يدعو الرجال لممارسة الرذيلة مع الزوجة المغربية مقابل مبالغ مالية، كما حكمت على زوجته بالحبس ستة أشهر والإبعاد عن تهمه الاعتياد على ممارسة الدعارة. وبحسب أوراق القضية، فإن تحريات شرطة عجمان استدلت على شقة المتهم الموجودة في منطقة الكرامة، بعد ورود معلومات من مصدر تابع للتحريات، تفيد بأن المتهم يسهل ممارسة الدعارة لزوجته مقابل 100 درهم (إماراتي)، فأعدت الشرطة كمينا لمداهمة الشقته.