ينتمي الثوم إلى فصيلة الأليوم Allium التي تجمع البصل والثوم؛ وهو نبات تسهل زراعته وينبت في كل المناطق نظرا إلى مقاومته للظروف البيئية القاهرة. وإنتاج الثوم يعتبر، في نظرنا، من أبرز الزراعات الاستراتيجية في المغرب. وغريب أن تخفى هذه المشاريع على الناس. لكن مع الأسف الشديد لا زلنا ننظر إلى التنمية بعيون أجنبية، ولازال إنتاجنا موجها إلى التصدير رغم كلفة الإنتاج العالية. وهناك تناقض كبير في إنتاجنا الزراعي، ويتجلى ذلك في اللهث خلف إدخال مزروعات أجنبية لا تفيد المغرب في شيء، بينما هناك زراعات سهلة لا يهتم بها الكثيرون، مثل الثوم. ويرجع الفضل في المزايا الصحية للثوم إلى المركبات الكبريتية التي تشمل كلا من مكونات الثيوسولفونيت Thiosulfonates، وأشهرها الأليسين Allicin بنسبة عالية، ثم السولفوكسايد Sulfoxides، وأشهرها الأليين Alliin، وكذلك الدايثنيينات Dithiin، وأشهرها الأجوين Ajoene. وهذه المركبات هي المسؤولة عن الرائحة والمذاق القويين للثوم، ولها كذلك خصائص وقائية وصحية. ويعتبر الثوم مصدرا مهما للمنغنيز والفايتمين B6 والفايتمين C والسيلينيوم. بينت الأبحاث العلمية أن استهلاك الثوم بانتظام يخفض من الضغط الدموي، وكذا من الدهون الثلاثية بالدم والكوليستيرول الخبيث، وترفع من نسبة الكوليستيرول الحميد أو النافع أو الواقي، وتنشط إفراز أوكسايد النايتريك NO على مستوى جدار الأوعية الدموية، والذي يساعد على تمدد وراحة هذه الأوعية. ومن خلال هذه الخصائص، فإن الثوم يحفظ من الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ويمنع الإصابة بالسكري ويقي من الجلطة القلبية. ويساعد الثوم، بشكل كبير، على تحسين حالة المرضى بالقلب والشرايين، ويعزى هذا الأمر إلى المركبات التي يحتوي عليها، ومنها ما بيناه أعلاه، وهي المركبات الكبريتية والفايتمين C والفايتمين B6 والسلينيوم والمنغنيز. ويزداد دور الفايتمين C مع الأليسين والألين كمضادات للتأكسد داخل الجسم وداخل الأوعية الدموية ليحول دون تأكسد الكوليستيرول أو بقاء الكوليستيرول على شكل HDL، لأن الشكل المؤكسد LDL هو الذي يسبب شرخا في بنية جدار الأوعية الدموية، وطبعا فكلما انخفض مستوى الجذور الحرة Free radicalsداخل الأوعية، كلما كانت الوقاية من تعرضها للتخريب الذي يسهل تجمل والتصاق الصفائح الدموية فيقع ضيق أو ربما انسداد للأوعية الدموية. أما مكون الفايتمين B6 فيقي من أمراض القلب والشرايين بكيفية أخرى عبر الميكانيزم الذي يخفض مكون الهوموسيستاين. ومكون الفايتمين B6 هو وسيط في الدورة البايوكيماوية للخلية أو ما يسمى بMethylation cycle، لأن الهوموسيستاين يمكن أن يخدش مباشرة جدران الأوعية الدموية من الداخل، فيمهد ذلك لحدوث تراكم الصفائح. أما السلينيوم فهو وإن كان له دور مضاد للتأكسد ليزيد في حماية الكوليستيرول الحميد، فإن دوره في الحماية والوقاية من السرطان يكون أكثر، فمن أسرار السلينيوم أنه يخفف من التسمم بالمعادن الثقيلة، لأنه يلعب دور الجزء المعدني للأنزيم كلوتثيون بيروكسيديزGlutathione peroxydase . ويعمل السلينيوم مع مكون التوكوفيرول أو الفايتمين E ليحمي التأكسدات بالوسط الذهني، بينما يحمي مكون فايتمين C التأكسدات بالوسط المائي. يحتوي الثوم على مكونات تكبح الأنزيمات المسببة للبروستكلاندين Prostaglandins والثرومبوكسان Thromboxane. وهذه الأنزيمات هي اللايبوكسيجنيز lipoxygenase والسايكلوكسيجنيز cyclooxygenase. وهذه الخاصية تجعل الثوم مادة غذائية أساسية للمصابين بالريوماتويدات وألم المفاصل والعظام، وربما يحد أو يحفظ من ظهور هذه الأعراض إذا كان ضمن نظام غذائي طبيعي خال من الشحوم الحيوانية. وتبقى خاصية كبح الجراثيم هي السر الأكبر للثوم. وتعود هذه الخاصية إلى المكونات الكبريتية، ومنها الأليسين، والأخيرة معروفة بقوتها المضادة للبكتيريا والخمائر والفايروسات، وتنفع هذه الخاصية في غازات الأمعاء المترتبة عن الخمائر وفي تقرحات الفم والتهاب الكبد والزكام الفايروسي والقرحة المعدية، ولو أن بكتيريا القرحة Helicobacter pylori تقاوم هذه المكونات. ويمكن استعمال أو استهلاك الثوم كمادة غذائية قوية أثناء العلاج بالنسبة إلى المصابين بالسل، خصوصا إذا كان تناوله بانتظام وبكثرة. ومن الأحسن أن يكون الثوم طازجا. ولا يسبب الثوم أية أعراض جانبية أثناء العلاج المكثف بالمضادات لمرضى السل، وربما يسهل العلاج المكثف، وتكون النتيجة عالية في القضاء على بكتيريا السل Mycobacterium tuberculosis. ربما يجد القارئ بعض المعلومات حول علاج السرطان بالثوم على الشبكة العنكبوتية، لكن هذه المعلومات ربما تكون نتائج أبحاث ولا ترقى إلى مستوى الاعتماد عليها أو استعمالها، ولا يكفي الثوم لوحده في صد السرطان، وتبقى الوقاية من السرطان أحسن بكثير من العلاج. والثوم يحول دون ظهور السرطان في الجسم، لكن في إطار نظام متكامل للوقاية، فلا يمكن أن نقي الجسم من السرطان بالثوم لما تكون أسباب السرطان موجودة ويومية، فيشترط التوقف عن تناول السموم، واتباع نمط عيش طبيعي. وتحديد النظام الغذائي ليس بالأمر السهل، وإنما يستدعي دراسة عميقة ومتخصصة، ولذلك يصعب استعمال هذه المعلومات لغاية علاجية بدون نصائح من متخصص، وليس هناك متخصص في الطب الطبيعي، ولو أن كثيرا من الناس يدعون أن لديهم خبرة في الطب الطبيعي. والثوم يدخل في النظام الواقائي من السرطان، لكن ليس بشكل عشوائي، فهناك أسباب كثيرة يجب الانتباه إليها، ولذلك فاستهلاك الثوم والبصل يوميا وبكمية معقولة يقي من السرطان. وتبين من خلال المعطيات الإحصائية أن احتمال الإصابة بالسرطان ينخفض عند الأشخاص الذين يستهلكون الثوم بكثرة وباعتياد، وتبين كذلك أن استهلاك البصل يعطي نفس المفعول. والثوم الذي نتكلم عنه هو الثوم الطبيعي غير المعالج بالمبيدات وغير المعالج بالأشعة وغير المخزن تحت محفظات كيماوية. ونظرا إلى احتواء الثوم على الأليسين والبوتسيوم فإنه يخفض الضغط، ويساعد المصاب بالسكري على الحد من الزيادة في الوزن والكوليستيرول، وعلى المصابين بالسكري أن يستهلكوا بانتظام الثوم للوقاية من ارتفاع الضغط والزيادة في الوزن وارتفاع الكوليستيرول، وهي كلها أعراض يجب ألا تظهر لدى المصاب بالسكري.