على بعد أسبوع من انطلاق المؤتمر الوطني الرابع حول الحركة الكشفية في المغرب، كشف صلاح الدين مبروم، مدير «منظمة كشاف المغرب» أن الحركة الكشفية بالمغرب بدأت تتراجع على حساب تنامي الحركات السياسية بألوانها المختلفة. في الحوار التالي، يتحدث مبروم عن تاريخ الكشفية وآفاقها. - لو شئنا تتبع المسار التاريخي للكشفية بالمغرب، كيف ارتبطت صورتها بالشباب؟ < عبر مساراتها التاريخية، يكفي أن نشير إلى أن الحركة الوطنية المغربية التي عبأت المجتمع المغربي للنضال والمقاومة من أجل نيل استقلال المغرب، كانت من الرعيل الأول لرواد الحركة الكشفية بالمغرب، وبالطبع الشباب عصبتها ونواتها، وهذا يؤشر على أن الحركة الكشفية حتى وإن شملت ضمن فئاتها مختلف الأعمار، فالمحطات التاريخية أكدت على الحضور المتميز لشريحة الشباب. - ما هي القيم التي تكتسبونها في الكشفية؟ < القيمة العالمية للحركة الكشفية لا تختلف باختلاف الألوان والأجناس والأديان والطبقات الاجتماعية، لكن تتباين التقاليد والممارسات من مجتمع لآخر. وأهم قيمة نكتسبها في حياتنا الكشفية تتجلى في التسامح والتعاون والتآخي بين كل أفراد العائلة الكشفية، فالكشاف أخ لكل كشاف وصديق للجميع، ونحن في جمعية كشافة المغرب نحرص على بلورة هذه القيم في برامجنا وأنشطتنا المتعددة. - هل تلاحظون أن حضور الكشفية في المغرب لم يعد مرئيا بالشكل الذي كان عليه في السابق؟ < لقد تأسس حضور الكشفية في المغرب كحركة شبابية انطلاقا من وعيها بمسؤوليتها التاريخية، الرامية إلى تعبئة الشباب المغربي من أجل استقلال المغرب، ولم تكن تعرف إبان هذه الفترة لغة الألوان والتقاطبات السياسية والجدالات الإيديولوجية، لأنها كانت تحمل في ذاكرتها الجماعية. لنتذكر أن عبد الخالق الطريس وعلال الفاسي والمهدي بن بركة والدكتور الخطيب ومحمد بلحسن الوزاني وغيرهم كانوا شبابا تمرسوا في حضن الكشفية ونشؤوا في أوراشها الوطنية، وساهموا بشكل فعال في تعميم رسالتها، لكن بعد استقلال المغرب، برزت توجهات أخرى لهؤلاء الأعلام، وبدأت مرحلة التوجهات الإيديولوجية تطفو على سطح المشهد السياسي المغربي، وطبعا ستتأثر الحركة الكشفية بهذه المرحلة، وسينعكس التأجيج السياسي على المجتمع المدني. في هذا المضمار يمكننا القول إن الحضور القوي للحركة الكشفية بدأ يتراجع على حساب تنامي الحركات السياسية بألوانها المختلفة، وبتعبير آخر أصبح المجتمع المدني، والحركة الكشفية من لبناته، مرتهنة سياسيا. حراك تنافست في حلبته سلطة «المخزن» وباقي الأطراف المكونة للمشهد السياسي، هذا في اعتقادنا ما جعل حضور الحركة الكشفية بالمغرب حضورا باهتا لا يعبر عن الصورة الحقيقية التي نطمح إليها. - ما هي الظواهر التي تثير انتباهكم وتفردون لها أهمية في تدخلاتكم؟ < منذ تأسيس جمعية كشافة المغرب في بشهر مارس 2000 وضعنا مخططا استراتيجيا يحدد أولوياتنا على المدىين المتوسط والبعيد، ومنحنا أهمية بالغة لتأهيل مواردنا البشرية وتنمية قدراتها على الإبداع والإنتاج، كما نفذنا عدة مشاريع تربوية لتنمية الروح الوطنية والتربية على قيم الديمقراطية والمواطنة، لأننا نشهد بكل أسف تراجعا ملحوظا لهذه القيم في صفوف اليافعين، بالأوساط التعليمية، لذا نسعى إلى تحقيق مقاربة شمولية وتشاركية مع الفاعلين في الحقل التربوي، سواء على المستوى الرسمي أو منظمات جمعوية مماثلة - ما هي أشكال التواصل التي تعتمدونها مع الشباب المنتمي للكشفية؟ < ننظم التداريب والمخيمات والرحلات المحلية والوطنية والدولية، إضافة إلى الملتقيات الثقافية والمهرجانات الفنية والأوراش التطوعية، ونعتمد في تواصلنا على الدعامات الإعلامية والوسائط المتعددة لتعميم رسالتنا وأهدافنا المرجوة. وتجدر الإشارة إلى أن طبيعة جمعيتنا كحركة كشفية تتميز بتواصلها الميداني والمباشر مع مختلف المستفيدين. - ينتسب إلى الجمعية أزيد من 3000 شاب مغربي. كيف تقومون بتأطير هذا العدد الكبير منهم؟ < نساهم في تأطير هذا العدد الكبير وما يزيد عليه، من خلال فروعنا الممتدة وطنيا، والتي تعمل جاهدة على تعبئة طاقاتها وإمكانياتها لتنفيذ برامج التأهيل والتكوين والتحسيس والتوعية، علاوة على أنشطتنا القارة المنظمة أسبوعيا بمقراتنا الخاصة أو بفضاءات دور الشباب، ففي موسم التخييم مثلا يصل حجم تأطيرنا سنويا إلى أزيد من 2000 مستفيد، يضاف إلى هذا العدد المنخرطون الدائمون في أنشطتنا القارة وحملاتنا وملتقياتنا الوطنية . - من هم المتدخلون الذين يساهمون في تحقيق أهداف الجمعية؟ < قامت الجمعية بإدخال عدة برامج دولية لأول مرة في المغرب، نذكر من بينها برنامج «كورت» بشراكة مع مؤسسة إدراك الوكيل الرسمي لهذا البرنامج بالعالم العربي، وبرامج القراءة السريعة والتصويرية وتنمية الذاكرة، بشراكة مع ممثل مِِِِِؤسسة توني بوزان، وهناك مشاريع وبرامج أخرى في طور الإعداد. - تنظمون حملات لفائدة الشباب لمحاربة المخدرات، هل لديكم استراتيجية محددة بخصوصها؟ < قمنا بوضع برنامج محاربة المخدرات في صفوف الشباب، ضمن أولوياتنا للمرحلة الراهنة، ونظمنا عدة حملات وطنية للتحسيس والتوعية ومهرجانات فنية لمعالجة الظاهرة بأسلوب مؤثر وقريب من أوساط الشباب، كما نظمت معارض فنية للملصقات واللوحات التشكيلية بعدة مؤسسات تعليمية حول هذا الموضوع. على العموم، لا تقتصر استراتيجيتنا لمحاربة المخدرات في صفوف الشباب على الوسائل التقليدية المتعارف عليها عند الجمعيات، بل نحاول وفق إمكانياتنا إبداع أفكار ومبادرات جديدة لملامسة عمق الآفة واجتثاث جذورها. - كيف تلمسون استجابة الشباب لحملات محاربة المخدرات؟ < لقد استفاد من هذه الحملات أزيد من 30000 شاب ينحدرون من مختلف الأوساط الاجتماعية، وتجاوب التلاميذ مع الورشات المفتوحة بشكل فعال. الشباب المدمن على المخدرات يحتاج إلى من ينصت إله، ويقترب منه، ويخاطبه بلغة يفهمها ويتفاعل معها..