لم يكتف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المشارك في الحكومة، بلجوء أحد قيادييه إلى إعطاء تصريح أو حوار صحافي لأحد المنابر، على غرار ما قام به عباس الفاسي الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال الحليف بداخل الأغلبية، للرد على هذا الأخير، بل كانت طبيعة الرد تقتضي من حزب الوردة أن يصيغ بيانا للمكتب السياسي، ذكّر العديد من المتتبعين، بأيام لطالما باتت الساحة الوطنية تحن إليها، لبرودة المشهد الحزبي الراهن، وللفراغ السياسي القاتل الذي تتسم به الساحة، إلا أن السؤال المطروح هو مدى قدرة مثل البيان الصادر، في الأسبوع الماضي، على إقناع القواعد بأن هناك فعلا اتجاها لا يقبل الاستمرار في حكومة ما فتئ الحزب يؤدي ثمن مشاركته فيها. ورغم أن بيان المكتب السياسي، المجتمع يوم الثلاثاء الماضي، رافقه الحديث القديم/الجديد عن كون حزب المهدي بن بركة، بات يتجاذبه تياران متناقضان؛ مدافع عن البقاء بالحكومة، ومعارض لهذا البقاء فيها، والمفجوع بصدمة نتائج انتخابات السابع من شتنبر سنة 2007، فإن الاتحاديين يرفضون وصف نقاشهم الداخلي بأنه صراع بين تيارين، وأن المسألة لا تتعلق بجدل حول مسألة الخروج أو البقاء في الحكومة الحالية، بقدر ما هو نقاش مستمر حول مدى احترام البيان السياسي العام للمؤتمر الأخير الذي يشترط المشاركة بمحددات إصلاحية، يقول حسن طارق عضو المكتب السياسي للحزب، ومادامت الحكومة تعمل ضمن ما هو مخطط لها من إصلاحات اجتماعية وسياسية، والتي كانت شروط مشاركة الاتحاد ضمنها، يضيف طارق، هي المتحكمة، فإن أي حديث عن الخروج منها ليس واردا، وبالمقابل إذا لم يتخذ عمل هذه الحكومة تلك الأبعاد الإصلاحية، على المستوى السياسي والدستوري والاجتماعي، كأهداف له، فإن الاتحاد لن يرضى بأن يبقى ضمن حكومة هي أقرب إلى موظفين سامين في الحكومة، ولا يمارسون صلاحيات استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه مع القواعد. إلا أن حقيقة وجود جناح رافض للمشاركة في الحكومة، يظل غير ذي حجية قوية لإقناع مناضلي الحزب، قبل باقي المواطنين، بمدى مصداقية هذا التوجه لقادة الحزب، لاسيما في ظل وجود مواقف لبعض الزعماء الاتحاديين، تعتبر قمة في النكوص عن المواقف وضربا بعرض الحائط لمبدأ الرجوع إلى القواعد، وهنا يبرز جليا موقف الكاتب العام، عبد الواحد الراضي، قبل توليه رئاسة الكتابة العامة، حيث عبر عشية انعقاد المؤتمر الثامن، الذي تم في جولتين في السنة الماضية، عن استعداداه تقديم استقالته كوزير للعدل، في حالة توليه قيادة حزب الاتحاديين، من أجل إصلاح البيت الحزبي وإعادة الحيوية لدورته الدموية التي أصيبت بما يشبه بعض العسر، جراء النتائج التي حملتها انتخابات 2007، إلا أن “الرفيق” الراضي رأى شيئا آخر، واستجاب ل«الثقة المولوية»، مباشرة بعد استقبال الملك له ليُواصل، إلى جانب عباس الفاسي، مشوار الحكومة الحالية، حتى ولو كان عباس الفاسي يلمز الاتحاديين بدور «البطولة»، عندما يقولون بضرورة الإصلاحات الدستورية والسياسية، كما صرح بذلك الوزير الأول، بعيدا عن «اللباقة» التي ينبغي لزعيم أغلبية التحلي بها، بحسب بيان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، المجتمع بداية الأسبوع الماضي. وما يحدث بداخل الاتحاد الاشتراكي لا يكاد يكون اختلافا في مواقف بين الاتحاديين، لن تؤثر على بقاء أو خروج الحزب من الحكومة الحالية، كما يرى ذلك الأستاذ الباحث محمد ضريف، لأن الحديث عن تيار بداخل الحزب هو حديث سابق لأوانه، ولأن وجود تيار يعني أن هناك مرجعية وثوابت وقرارات خاصة تحدد ملامح هذا التيار أو ذاك، ومسألة النقاش الحالي بداخل هذا الحزب لا تفتأ تكون مجرد خلافات بين اتحاديين هي واحدة من تداعيات نتائج انتخابات سنة 2007، عندما احتل الاتحاد الاشتراكي مراتب متأخرة، مما جعل البعض ينادي بالعودة إلى المعارضة، على اعتبار أنها المكان الطبيعي للحزب، والكفيلة بإعادة ما افتقده من تعاطف مع القاعدة خلال مشاركته في الحكومة، وهو ما كرسته نتائج انتخابات السابع من شتنبر.