تعيش الفرق المسرحية المستفيدة من الدعم المسرحي حالة استياء شديد جراء تأخر منح دعم الإنتاج التي لم يتم التوصل بشطرها الأول إلا خلال الأسبوع الفارط، وقد أسهم هذا التأخر في خلق حالة من الإرباك وتعثر الموسم المسرحي الذي راهنت الوزارة على انطلاقه بشكل مبكر بتزامن مع الدخول السياسي والاجتماعي والثقافي، كي توفر للفرق فرص تقديم عروضها وفق برمجة سلسة وغير مكثفة على المستويين الجهوي والوطني. حرص الوزارة على انطلاقة جيدة تبخر نتيجة إعادة تعديل القانون المنظم للدعم المسرحي بشكل رجعي. هذا وقد سبق للوزارة أن أعلنت بعد نهاية المهرجان الوطني للمسرح للسنة الماضية على نتائج الدعم المسرحي لموسم 80029002، حيث اختير 32 من أصل 89 ملفا اشتغلت عليها لجنة دعم الإنتاج المسرحي وبلغت قيمة الظرف المالي المخصص لهذه الأعمال 000.056.3 درهم، وقد استفاد من الدعم 42 مشروعا للكبار و4 مشاريع للأطفال و4 أخرى باللغة الأمازيغية. وفي تعليق على هذا التأخير اعتبر المخرج المسرحي لفرقة اللواء، بوسرحان الزيتوني، أن ذلك يعود بالأساس إلى المستجدات والتعديلات التي شملت النص القانوني المنظم للمنح والإعانات المالية المخصصة لدعم الإنتاج وترويج الأعمال المسرحية، وهو ما دفع الوزارة إلى مطالبة الفرق بإعادة توقيع التعاقدات، إذ لقيت الفرق المعنية صعوبات في الخوض في الإجراءات الإدارية والبيروقراطية وما استتبعها من تلكؤ في التوصل بالدعم، مما دفع بعض الفرق إلى الاعتماد على إمكانياتها الذاتية أو اللجوء إلى الاقتراض. أما في حالة فرقة اللواء فقد عبر بوسرحان الزيتوني عن يأسه من هذا الموسم حيث يرى طموحاته وقد تبخرت بسبب تأخر الدعم، وهو الذي يشتغل على عمل وصفه بالكبير وراهن كليا على المنحة لإخراج مسرحية «يوليوس قيصر» إلى الوجود، لما تتطلب من إمكانات وتجهيزات في غير متناوله وقد حدد ميزانيتها في حوالي 05 ألف درهم، وأضاف الزيتوني أنه اشتغل على النص بشكل مبكر وانتهى الممثلون من البروفات، في ما بقيت التجهيزات العائق الوحيد أمامه، وقد دعا بالمناسبة وزارة الثقافة إلى إيجاد طرق مرنة لتسهيل صرف مبالغ الدعم لإكمال العروض المسرحية على أحسن وجه وما يلازمها من إمكانات الدعاية والترويج وخلص إلى القول بأن المسرح «إما أن يؤخذ بشكل كامل أو يترك بشكل كامل». من جهته اعتبر الكاتب والناقد المسرحي وعضو لجنة الدعم سالم اكويندي أن القانون المعدل «أثر بشكل سلبي على انطلاقة الموسم المسرحي لأنه طبق بشكل رجعي، ولو أعطيت الفرق استحقاقاتها قبل التعديل لما وصل الوضع إلى ما هو عليه، فالتعقيدات الإدارية وقرار الصرف أثرا بشكل قوي» وأضاف اكويندي أن التعديلات الجديدة لم تزد الأمر إلا سوءاً وإذا كان النص القديم يوزع الإنتاج على ثلاث مراحل: 03 في المائة قبل الإنتاج و03 في المائة بعد تقديم العرض الأول ثم صرف 02 في المائة المتبقية، فإن القانون المعدل يقضي بصرف 05 في المائة قبل الإنتاج لكن ال50 المتبقية مشروطة بتقديم الفرق المعنية عشرة عروض، ناهيك عن تعقيدات الصرف المرتبطة بالإجراءات الإدارية وكل ذلك لا يسهم في خلق جو ملائم للاشتغال في ظروف مريحة. أما بخصوص دعم الترويج، يشير اكويندي إلى أن اللجنة المكلفة بذلك شاهدت كل العروض وتم قبولها باستثناء ثلاثة، وأكد على وجود تطور في جودة العروض لا سيما لدى فرق الجنوب (مراكش، أكادير، تيزنيت) وكذا على مستوى المدن الصغرى، حيث قدمت عروضا بأساليب وتقنيات جديدة، ويعود ذلك في نظر الكويندي إلى تحررها نوعا ما من الحرفية وولعها الفائق بالمسرح، وبقدر ما أعجب بحماسة وتعلق شباب الفرق المسرحية بأب الفنون بقدر ما استشعر الكويندي مكامن النقائص التي تحول دون مواصلة مسار التألق في هذا المجال،، والمتمثلة في الإمكانات الهزيلة المخصصة لهذا الصنف من الفنون والتي عادة ما تدفع محترفيها إلى امتهان نشاط آخر. وعلى ضوء ذلك دعا الجهات المعنية إلى التفكير جديا في ضمان استمرارية هذه الطاقات الواعدة والتي تحمل بعضها رصيدا معرفيا وتكوينا لا يستهان به خاصة خريجي المعهد العالي للتنشيط والتكوين المسرحي. ومن جملة المقترحات التي يعرضها الكويندي: البحث عن شركاء خارج الجهات المعنية للاستثمار في المجال، ذلك أن المسرح باعتباره منبرا لترويج القيم الرمزية هو أحوج لإمكانات مادية تؤمن له وسائل الترويج والتدبير وإدارة الإنتاج والتوزيع وكذا بيع العروض للمهرجانات والمؤسسات...وكل ما من شانه أن يعفي رجال المسرح من ضغوط الإنتاج ويوفر لهم الوقت للتفرغ للإبداع الفني. ويفضل الكويندي صيغة الشركات أو التعاونيات على غرار النهج المتبع في العديد من الدول الأوربية، كما يأمل في أن تدرج مسألة المروجين الخواص في أجندة النقابات والفر ق المسرحية والوزارة الوصية.