قال فوزي الشعبي إن أهم استثمار يجب على المغرب أن يوليه اهتماما خاصا هو العنصر البشري، حيث إن المملكة لا تتوفر على بترول ولا على غاز، وبالتالي فالموارد البشرية هي أهم ما تتوفر عليه، مضيفا أن أغلب المقاولات والمؤسسات المغربية لا تعير اهتماما لاستكمال تكوين أطرها، مما يؤثر سلبا على تدعيم ركائزها الاقتصادية وتعزيز تنافسيتها داخل محيط دولي يشهد عدة تحولات، بل إن القلة القليلة من هذه المقاولات لا يتعدى متوسط الفترة التكوينية التي يستفيد منها الأجير 10 أيام في السنة. وتساءل الشعبي لماذا يستقطب المغرب خبراء وأطرا أجانب، في حين أن البلاد تزخر بكفاءات عالية، خصوصا المكونة بالخارج، بل منهم من تقلد مناصب وزارية أو عمداء مدن كبرى بأوربا، وأعطى مثالا بشركات التدبير المفوض مثل «ريضال» و«ليديك» حيث يسيرها أجانب وتمنح لهم أجور خيالية وبالعملة الصعبة، وأضاف أن من يشتكي من عدم توفر المغرب على أطر ذات كفاءة عالية ما عليه إلا أن يبحث عن المغاربة الذين يدرسون في الجامعات الغربية، بل العكس هناك أطر في المستوى لكن الأبواب تقفل في وجوههم، مما يضطرهم إلى البقاء في الخارج حيث كانوا يدرسون، منبهرين بالديموقراطية التي ينعم بها ذلك البلد، بالإضافة إلى الأجور المحترمة التي تمنح لهم. وتأسف الشعبي لكون المغرب يصرف حوالي 900 ألف درهم على كل طالب يصل إلى مستوى الباكالوريا، لكنه يفضل الالتحاق بالجامعات الغربية، مما يخسر معه المغرب ملايين الدراهم لكون أغلب الطلبة الذين يدرسون بالخارج لا يرجعون للاشتغال في موطنهم الأصلي. واعتبر فوزي الشعبي نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال ندوة نظمتها «جمعية تنمية المسيرين» يوم الخميس الماضي بالدار البيضاء أن ضعف استثمار الشركات والمقاولات في مجال التكوين بالمغرب يعمق هشاشة النسيج المقاولاتي بالمملكة المتأثر أصلا بضعف خريجي الجامعات المغربية، حيث لم تتمكن المدرسة المغربية منذ سنين من إنتاج سوى طلبة معطلين يحتجون قبالة باب البرلمان، مما يفقد المغرب طاقات كان من الممكن تكوينها في تخصصات يحتاجها سوق الشغل، وبالتالي إنتاج موارد بشرية مؤهلة تستجيب لتطلعات المقاولات المغربية من أجل تعزيز قدرتها التنافسية. ومن هذا المنطلق، يضيف الشعبي، كان تفكير «يينا هولدينغ» منصبا على التكوين المستمر لأجرائها منذ عدة عقود، كما دخلت المجموعة في تحد آخر يتمثل في إنشاء جامعة دولية خاصة بالمغرب حيث أبرمت اتفاقية بهذا الخصوص في شهر ماي الماضي بين ميلود الشعبي وجامعة ولاية انديانا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو المشروع الذي سيكلف غلافا استثماريا بقيمة 500 مليون درهم سيمول من طرف مؤسسة «ميلود الشعبي للتعاون». كما ستخصص مجموعة يينا هولدينغ نسبة 10 % من ثروتها لنفقات التسيير، حيث أكد فوزي في هذا الشأن أن المجموعة قامت بكل الإجراءات الإدارية من أجل «تحبيس» هاته النسبة التي ستبقى إلى الأبد. وستخول الدراسة بهذه الأكاديمية للطلاب الحصول على دبلوم أمريكي معترف به في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بل أكثر من ذلك ستستقبل الأكاديمية طلابا أمريكيين سيأتون إلى المغرب لمتابعة دراستهم بالنظر للتكلفة العالية للدراسات العليا بالولاياتالمتحدة، وستتكون هيئة التدريس من 130 أستاذا أمريكا. كما أن الطلاب، مغاربة وأجانب سيكون بإمكانهم الاستفادة من نظام داخلي جد متطور. الجامعة حسب فوزي الشعبي، ستوفر الدراسة لثلاث فئات من الطلاب، فئة ستدرس بالمجان وهي مخصصة للمتفوقين الذين لا يتوفرون على الإمكانيات المادية للدراسة بالمقابل، وفئة ستمنحهم الأكاديمية تسهيلات في الأداء كالقروض الخاصة بالطلبة، ثم فئة ثالثة ستدفع مقابلا ماديا، موضحا في الآن نفسه أن الجامعة هي مشروع ليس هدفه الربح. التدخلات الأخرى خلال الندوة التي كان موضوعها «الرأسمال البشري وتنافسية المقاولات»، وانصبت كلها في خانة سرد موجز للتجارب الناجحة لبعض المقاولات التي تشتغل بالمغرب، من ضمنها شركة «ميديتيل» التي قالت عنها فاطمة الزهراء عبادي، مديرة الموارد البشرية بها، إن الفاعل الثاني لقطاع الاتصالات بالمغرب ينهج سياسة تروم تدبير كفاءات أطره مع تشبيب طاقات الشركة التي لا يتجاوز متوسط أعمار أطرها 33 سنة، كما أكد المدير العام ل«ميكروسوفت المغرب» أن نفس سياسة تدبير الموارد البشرية التي تنهجها مجموعته بالدول الأخرى يطبقها بالمغرب، حيث الشفافية في التعامل وتنمية الشركاء المتعاملين مع الشركة، بالإضافة إلى الاهتمام بالتكوين المستمر للأجراء.