انحاز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي الذي يقوده الاستقلالي عباس الفاسي، إلى صف النقابات العمالية في مواجهتها للحكومة بشأن الاقتطاعات من أجور المضربين عن العمل، وهو القرار الذي وصفه ب «المزاجي»، «غير المستساغ» ويعد «مسا بحق دستوري ثابت» و«لا يتماشى مع دولة الحق والقانون». غير أن موقف الاتحاد الاشتراكي قد يضع في ما يبدو وزراءه داخل الحكومة في حرج. وجاء في بلاغ للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي أنه «يسجل استغراب اللجوء المزاجي إلى اقتطاع أيام الإضراب التي أعلنتها النقابات المسؤولة ذات التمثيلية المنصوص عليها قانونا. ويعتبر هذا المنحى غير مستساغ، ويفتح بابا للمزيد من التوتر، ومسا بحق دستوري ثابت، علما بأنه يأتي في ظل غياب قانون تنظيمي يخص الإضراب». واعتبر البلاغ أيضا أن قرار الحكومة يخالف «دولة الحق والقانون التي قطع المغرب فيها أشواطا كبيرة»، داعيا إلى «العودة إلى منطق التفاوض الإيجابي الذي يستجيب للمطالب الملحة للفئات المتضررة». ودعا العربي حبشي، عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل المقربة من الاتحاد الاشتراكي، في اتصال مع «المساء» صباح أمس، ما أسماها القوى التقدمية إلى «مساندة بعض المركزيات النقابية في نضالاتها». واتهم الحكومة بأنه ليست لها «الشجاعة لطرح قانون تنظيمي للإضراب أو النقابات من أجل عقلنة المشهد النقابي. إن الحكومة ليس لها منظور استراتيجي للبعد الاجتماعي، فهي فشلت في الحوار الاجتماعي، وهي تحاول عبر الاقتطاع واستغلال الإعلام العمومي ضد النقابات ممارسة سياسة الهروب إلى الأمام، بل ويمكن أن تساهم بقرارها في الرفع من نسبة العزوف في الانتخابات المهنية المقرر إجراؤها يوم 15 ماي المقبل». ومن جهته، انتقد مصدر حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، موقف الاتحاد الاشتراكي من قضية اقتطاع أيام الإضراب، وبأنه يتناقض مع مواقف وزراء الحزب ذاته داخل الحكومة. وأوضح المصدر في اتصال مع «المساء»، صباح أمس، قائلا «لقد ناقش المجلس الحكومي، الذي انعقد الخميس الفائت، بإسهاب موضوع الإضراب وتأثيره على المشهد النقابي بالمغرب، خاصة وأن بعض المضربين يعتبرون يوم الإضراب مجرد يوم عطلة، بل منهم من يضرب ثم يذهب للاشتغال في القطاع الخاص. وكان الاتفاق على أن يتم في كل الدول الأوربية اقتطاع يوم الإضراب باستثناء المغرب. وخرج الاجتماع بخلاصة مفادها أنه يجب اقتطاع يوم الإضراب، ولم يتحفظ أي وزير ولم يحتج. وعادة ما تكون مناوشات داخل المجلس الحكومي، فيقوم الوزير المحتج بتسريب الخبر. ولكن في حالة الإضراب، كان الكل متفقا ومجمعا على الاقتطاع بمن فيهم الوزراء الاتحاديون. وتلقى كافة الوزراء تعليمات صارمة في هذا الاتجاه من الوزير الأول». هل سيحرج موقف المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وزراءه داخل الحكومة؟. جواب حسن طارق عضو المكتب السياسي للحزب كان حاسما وباتا «ليس هناك أي حرج». وأوضح حسن طارق في اتصال مع «المساء» قائلا «الحلقة التي تحكم علاقة الحزب مع الحكومة هي المساندة النقدية، وبالتالي فهو يقيم مسافة مع ما تقوم به الحكومة. والمفروض ألا يطبق الوزراء الاتحاديون الاقتطاع في الوزارات التي يديرونها». وإذا لم يحتج الوزراء الاتحاديون، حسب حسن طارق، على قرار الاقتطاع داخل الحكومة، فلأن «هؤلاء الوزراء لم يكن لهم في السابق قرار مرجعي في الموضوع، أما الآن وقد عبر المكتب السياسي عن موقفه بهذا الشأن، فمن المفترض أن نقيم أداءهم فيما سيأتي بعد بلاغ المكتب السياسي»، أي أن يمتنع الوزراء الاتحاديون عن تطبيق قرار اتخذ داخل الحكومة. وكانت الحكومة قد قررت مؤخرا على لسان محمد عبو الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة تعميم الاقتطاع بالنسبة للمضربين عن العمل في جميع القطاعات العامة والجماعات المحلية. وقال الوزير عبو ردا على الإضرابات التي دعت إليها مؤخرا عدد من المركزيات النقابية باستثناء نقابة حزب الاستقلال، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن لجوء المركزيات النقابية للإضراب «أصبح ظاهرة جديدة تضر بهذا الحق المشروع وبمصالح المواطنين، لأن ذلك يتسبب في تعطيل الإدارة ومصالح المواطنين»، ملاحظا أن «كثرة الإضراب أفقدت الحوار رمزيته ومصداقيته».