أكدت الأبحاث الحديثة التي أجريت لمعرفة العلاقة بين الغذاء المتوازن والصحة النفسية أن بعض الأطعمة تؤثر إيجابياً على إفراز بعض الكيماويات بالمخ، والتي تؤثر بشكل مباشر على تحديد حالتنا النفسية وطاقتنا الذهنية وأدائنا وتصرفاتنا، وحتى على علاقتنا بشريك الحياة. ولن نضيف شيئا جديدا إذا قلنا إن هناك علاقة وطيدة بين تناول بعض الأطعمة وإمكانية الاستمتاع باليقظة والهدوء والتفاؤل. كمثال على ذلك فإن الأحماض الأمينية المختلفة الموجودة في البروتين الحيواني والنباتي والضرورية للصحة الجيدة تتنافس لتوصيل رسائل إلى مخ الإنسان، ولذلك فإن تناول القليل من الخبز الأسمر يساعد على توصيل رسالة الحمض الأميني «التريبتوفان»، وبمجرد وصوله إلى المخ، يرتفع مستوى ال«سيروتونين»، وهو المادة الكيماوية في المخ التي تلطف وترفع من الحالة المزاجية. وكلما تحسنت الحالة المزاجية للزوجة انعكس ذلك بشكل ايجابي على علاقتها بزوجها وأولادها، ولذلك يشدد العلماء على أهمية تناول الخبز قبل أي مواد غنية بالبروتين من اللحوم أو الجبن، مما يسمح لل«التريبتوفان» بأن يصل إلى المخ قبل أن تزاحمه الأحماض الأمينية الأخرى. أما أطباق التونة والدجاج والديك الرومي فتعتبر مصدرا للبروتين قليل الدهون، والغني بأحد الأحماض الأمينية المسماة «تريوسين»، والتي ترفع من مستوى المادة الكيماوية الدهنية «دوبامين» وكذلك «نوريبينيفرين»، وبالتالي تحسن من الحافز وردود الأفعال. وترفع مستوى الطاقة وتساعد الجسم على التأقلم بشكل أفضل مع الضغوط. كما بين بحث آخر أجري في جامعة لندن أن الأطعمة الغنية بالبروتينات، يمكنها أن تعوض عن الإحساس بالإجهاد الذي ينتج عن تناول وجبة كثيرة النشويات. أما لحم البقر الأحمر فغني بالحديد الذي يُبقي خلايا الجسم غنية بالأوكسجين، ويجعل الجسم محتفظا بالحيوية وبطاقة جيدة. وقد اكتشف الباحثون أن أي نقص في فيتامين «C» الذي يعمل على رفع مستوى ال«نوريبينيفرين» المولد للطاقة، يمكن أن يجعل المرأة تشعر بعدم الراحة والإرهاق، ويحد من قدرة الجسم على امتصاص الحديد الذي يحتاجه في محاربة الإرهاق. كما أن تناول كمية أكبر من فيتامين «C» يمكن أن يجعلها أكثر ابتهاجاً وتفاؤلاً، أما الموز الغني بالماغنسيوم فيعمل على محاربة التوتر، ولذلك ينصح الأطباء المتخصصون في الأنظمة الغذائية الأشخاص الذين يحيون حياة قلقة بأن يضيفوا أغذية غنية بالمانغنسيوم إلى وجباتهم مثل الموز. كما تبين أن الإكثار من تناول المانغنسيوم، يؤدي إلى نقص القلق ويساعد على الظفر بنوم أفضل. بالنسبة إلى محبات القهوة، فإن العلماء يربطون بين الكافيين وبين القدرة على التفكير الواضح والشعور بالطاقة لثلاث ساعات تقريبا. ففي دراسة على خمسين شخصاً لم يحصلوا على قدر كافٍ من النوم ليلاً، نجحت كمية الكافيين القليلة في فنجان واحد من القهوة أن ترفع من مستوى تركيزهم وطاقتهم. ويعتقد بعض العلماء أن الكافيين يسبب ارتفاعاً طفيفاً ومؤقتاً في ضغط الدم، كما يحجب الرسائل الهرمونية التي تحثنا على النوم. ولكن العلماء يحذرون من الإفراط في شربها لأنها قد تؤدي إلى التوتر السريع والغضب والعصبية. من جهة ثانية، فإن غالبية الفتيات والنساء يملن إلى تناول الشوكولاته، وخاصة قبل الطمث مباشرة أو عندما يصبن بالملل والإجهاد. وتفسير ذلك هو أن بعض المتخصصين يعتقدون أن الشوكولاته قد يكون لها تأثير مهدئ، وتناولها بين الحين والآخر قد يكون مساعدا جدا على رفع معنويات المرأة. لقد اتضح للعلماء وجود علاقة قوية بين الحالة النفسية والجهاز العصبي وبقية أعضاء الجسم بشكل عام، فالجهاز العصبي مركزه المخ، وهناك عناصر غذائية ضرورية لسلامة التركيب الخلوي للمخ بكل أجزائه، ولتمكينه من القيام بوظائفه العامة، ويمتد هذا إلى كل الجهاز العصبي، وخلايا المخ تتكون من عناصر غذائية محددة أهمها عنصر الفسفور والأحماض الدهنية من نوع الأوميجا.