يفترض في المغرب إنجاز استثمارات بقيمة 62.4 مليار درهم لتطوير القطاع الصناعي، مما سيخول في أفق 2015، توفير 220 ألف منصب شغل ورفع الناتج الإجمالي الخام ب50 مليار درهم، وتوسيع الحجم الإضافي للصادرات الصناعية ب95 مليار درهم. «البرنامج التعاقدي للميثاق الوطني للإقلاع الاقتصادي 2009-2015»، الذي وقع بين تسع وزارات والاتحاد لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية للبنوك المغربية، يقتضي تعبئة، حسب ما تجلى خلال ندوة صحفية الجمعة الماضي لتقديمه بفاس، استثمارات من الدولة ب12.4 مليار درهم، واستثمارات خاصة من القطاع الخاص تصل إلى 50 مليار درهم، بحيث شدد وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، على أن الدولة تكتفي بالدعم، وتحمل القطاع الخاص مسؤولية إنجاز الاستثمارات المبرمجة. و تنصب هذه الاستثمارات على ما يعرف بالمهن العالمية للمغرب، التي تتناول ترحيل الخدمات، السيارات، أجهزة السيارات، والإلكترونيك، ولم يغفل الميثاق قطاع النسيج والجلد،الذي يراد تطوير صادراته وانفتاحه على السوق الداخلي، والتي يتطلع معدو الخطة الجديدة إلى تشجيع الاستثمار في الوحدات التي تنطوي في الصناعة الغذائية على قيمة مضافة قوية، ودعم أجود المنتجين للمواد الأكثر استهلاكا وتحفيز المشاريع المدمجة في المواد الأساسية مثل الحليب واللحوم. وسيتم تجسيد الخطة الصناعية الجديدة عبر 101 إجراء، نصفها تقريبا يروم التنافسية على مدى السبع سنوات القادمة، بحيث تتضافر جهود السلطات العمومية والقطاع الخاص والبنوك، من أجل تسهيل الولوج للتمويل البنكي وتوفير التحفيزات الجبائية والرفع من جاهزية الموارد البشرية خريجة التكوين المهني وإحداث مناطق تخضع لمعايير عالمية تستقبل المستثمرين الأجانب، وتطوير الحكامة التي تعالج المعوقات ذات العلاقة بالرشوة والفساد والبيروقراطية. وزير الاقتصاد والمالية أصر على أن الخطة الجديدة التي تأتي في ظرف دولي مضطرب لا تعارض مخطط انبثاق الصناعي الذي ثم تبنيه قبل أكثر من أربع سنوات، حيث شدد على أن ما أعلن عنه يوم الجمعة، يروم توفير رؤية واضحة للمستثمرين لما بعد الأزمة ودعم القطاعات التي قد تتأثر من الظرفية الدولية الحالية بفعل تراجع الطلب الخارجي نتيجة الركود الذي أصاب اقتصاديات الشركاء التقليديين للمغرب. ويبدو أن الإجراءات الجديدة تتطلع إلى النهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تمثل حوالي 95 في المائة من النسيج المقاولاتي المغربي، حيث يرتقب أن يخصص دعم للمقاولات التي تسلك سبيل الشفافية في حدود 20 في المائة من برنامجها الاستثماري في حدود 5 ملايين درهم، في نفس الوقت يقيم المخطط عبر الوكالة الوطنية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، آلية لتقديم الدعم التقني الذي يتناول تحمل التشخيص والمساعدة في باب إعادة الهيكلة. بعض المتتبعين لتفاصيل ما جاء في الميثاق يلاحظون أنه باستثناء بعض الإجراءات من قبيل تلك التي تهم المقاولات الصغرى والمتوسطة التي اكتسبت طابع الجدة، والتي يراد من ورائها خلق مقاولات تنافسية،لا تعدو الإجراءات التي تضمنها الميثاق أن تكون تجميعا لمجموعة من الإجراءات التي سبق أن أعلن عنها، خاصة في مخطط انبثاق الذي أعده مكتب الدراسات الدولي «ماكينزي»، وهذا ما يتجلى مثلا فيما يتعلق بتدخلات صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والجباية التي يستفيد منها قطاع ترحيل الخدمات والمحطات الصناعية. غير أن محللا متابعا للقطاع الصناعي، بإحدى المؤسسات البنكية بالمغرب،اعتبر أن المزاوجة بين الإجراءات القديمة والجديدة لا يقلل من جوانب الجدة في الميثاق، مادام يعتبر في جزء منه تفعيلا لمخطط انبثاق ويضع أهدافا مرقمة. وقد سلم البنك الدولي، في مؤخرا، للحكومة المغربية تقريرا وصف ب«المقلق» حول القطاع الصناعي، حيث أشار إلى أنه سجل خلال الفترة الفاصلة بين 2000 و2007 نموا بلغ في المتوسط 3.5 في المائة، في نفس الوقت تلاحظ المؤسسة الدولية أن 12.5 في المائة فقط من استثمارات القطاع الخاص تذهب إلى القطاع الصناعي، بالنظر إلى التوجة المهيمن نحو العقار والخدمات، بحيث إن ابتعاد الاستثمارات عن الصناعة بوأها على مستوى الإنتاجية المرتبة 21 من بين 30 بلدا صاعدا. تلك بعض الجوانب التي شخصها التقرير، الذي أوصى بتسريع التغيير الهيكلي من أجل بلوغ معدل نمو اقتصادي سنوي في حدود 7 في المائة، حتى يتمكن المغرب من احتلال مرتبة متقدمة بين البلدان الصاعدة المتوسطة.