حسمت الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية بإقرارها فصل جهاز النيابة العامة عن وزارة العدل والحريات، عبر إسناد رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وقيام وزير العدل بتبليغ مقتضيات السياسة الجنائية، كتابة، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. وأوصت الهيئة، في ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي تم الإعلان عنه أول أمس في الرباط، بعدد من الإجراءات الكفيلة بضمان استقلال السلطة القضائية، ومنها وضع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتكريس استقلاله الإداري والمالي، إذ سيتم تخصيص ميزانية سنوية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يتم رصدها من الميزانية العامة للدولة، ومقر خاص به. أما على مستوى التخليق، فقد جاء الميثاق بعدد مهم من التوصيات، منها تتبع ومراقبة الثروات والتصريح بالممتلكات، مع الأخذ بعين الاعتبار، إذا اقتضى الأمر، مظاهر الثراء الذي لا يتناسب مع الدخل المشروع للمعني بالأمر، ومراعاة ضمانات يحددها القانون، وإحداث هيئة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الأعلى للسحابات للتنسيق في مجال تتبع الثروات والتصريح بالممتلكات، ونشر برنامج ونتائج أشغال كل دورة من دورات المجلس الأعلى للسلطة القضائية وفق كيفية يحددها النظام الداخلي للمجلس. وعلاوة على ضرورة إقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية، فقد نص الميثاق، في الشق الخاص بالسياسة الجنائية، على منع التدخل أو إعطاء التعليمات لضباط الشرطة القضائية من غير الجهات المختصة في ما يتعلق بتسيير الأبحاث القضائية، ووضع آلية لمراقبة الخبرات والشواهد الطبية لتعزيز مصداقيتها، وتعزيز إشراف قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق على عمل الشرطة القضائية، وإشراكهم في القرارات المتعلقة بالمسار المهني لضباط الشرطة القضائية، سواء على مستوى الترقية أو التأديب أو النقل. وتساءل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران: «إذا لم يكن المواطن محترما في بلده وينال حقوقه وبسرعة، فكيف سيأتي الأجنبي لكي يستثمر في البلاد؟ وبالتالي فهذه، اليوم، خطة طريق لإصلاح العدالة في المغرب». وقال بنكيران: «إذا نجحنا في هذا الورش، فإننا نجحنا في بناء المغرب الحديث والناهض والمعاصر الذي يقوده جلالة الملك، حيث ترون أننا نتقدم خطوات، بطبيعة الحال نحن لا نسير بسرعة، لكنها خطوات أكيدة وثابتة وراسخة وستكون لها أحسن النتائج». ومن جهته، كشف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات ورئيس الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أنه تم الشروع في إعداد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، «مستوحين مقتضياته من مضامين الميثاق، وعرضنا المشروع، بقصد إبداء الرأي، على أعضاء المجلس الأعلى للقضاء». كما «أننا -يضيف الرميد- بصدد إعداد المرسوم المتعلق بمراجعة الوضعية المادية للقضاة، تنفيذا لبنود الميثاق ووفاء بما تعهدنا والتزمنا به سابقا». وأكد وزير العدل أن «مشروع الحوار، والميثاق الذي تمخض عنه، هو في الحقيقة مخطط مجتمعي، نرمي من خلاله إلى تأهيل عدالتنا والنهوض بها، وتعزيز استقلال قضائنا ودعم نزاهته والرفع من فعاليته، حتى يستجيب لتطلعات المتقاضين من بساطة في الإجراءات وسهولة في الولوج وشفافية في سير الدعاوى وسرعة في البت وجودة في الأحكام وحزم في التنفيذ».