استغل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لقاءه ببرلمانيي حزبه مساء أول أمس الإثنين، لبعث رسائل واضحة وأخرى مشفرة إلى القصر الملكي وحلفائه المستقبليين دون أن ينسى البيت الداخلي القلق بشأن التحالف مع الغريم السابق حزب التجمع الوطني للأحرار، وذلك ساعات قليلة على بدئه الجولة الثانية من مشاورات تبدو صعبة لترميم أغلبيته. أولى الرسائل التي حرص بنكيران على بعثها، خلال اللقاء الذي استمر نحو ساعتين، كان عنوانها القصر، حينما اعتبر أن «رمزية ومكانة الملكية عند حزب العدالة والتنمية هي بمثابة العقيدة ولا نتعامل معها كخيار تكتيكي»، قبل أن يضيف «نريد بناء الوطن مع جميع الأطراف بشكل جماعي، حسب مرتبة كل طرف». أما الرسالة الثانية التي عمد أمين عام حزب العدالة والتنمية إلى إيصالها إلى من يهمه الأمر فكانت تأكيده أن وجود حزبه في الحكومة يصطدم بمصالح غير مشروعة لعدد من المستفيدين من المرحلة السابقة، و«لهذا فهم يحاربوننا». وتابع قائلا: «لسنا حريصين على استدامة امتيازات مواقعنا الجديدة»، مشيرا إلى أن حزبه يتبنى «مفهوما جديدا للسياسة باعتبارها مدخلا لخدمة الشأن العام من منطلق الالتزام والتضحية وليست عندنا كما هي عند الآخرين بوابة للارتقاء الاجتماعي». إلى ذلك، حاول بنكيران تهدئة مخاوف ذراعه البرلماني من خطوة التحالف مع حزب التجمع وتكرار ما حدث مع شباط، وهي المخاوف التي لم يخفها عدد منهم خلال اجتماعهم به، فقال مخاطبا إياهم: «واش بغيتوني نفصل لكم حزب بمواصفاتكم.. السياسة هي فن الممكن، والممكن اليوم هو الأحرار». واعتبر رئيس الحكومة، الذي بدا مرتاحا، أن علاقة حزبه بالتجمع «كانت دائما متميزة إلى أن بدأ مزوار بخصومتنا فقلنا فيه وقال فينا.. وعلى كل، مزوار لن يقول فينا أكثر مما قاله فينا شباط.. وخصم أمس قد يكون صديق اليوم»، مشيرا إلى أن «مصلحة الوطن اليوم تقتضي تصحيح الوضع لنتجه الى الأمام». بنكيران أبلغ نوابه أن المشاورات السياسية لترميم الأغلبية تسير بشكل إيجابي، وأن أوراش الإصلاح ستتواصل لأنه «لم يعد هناك مجال لتأخيرها وليس لنا اختيار آخر غير مواصلتها»، يقول بنكيران. وفيما لم يطلع بنكيران برلمانيي حزبه على تفاصيل مشاوراته مع قيادة التجمع الوطني للأحرار من أجل ترميم ما تبقى من أغلبيته بعد انسحاب الاستقلاليين، كشف رئيس الحكومة أن الأغلبية وجدت نفسها موزعة بين خيارين: تنظيم انتخابات سابقة لأوانها وخيار الترميم، مشيرا إلى أنه بعد التفكير تقرر المضي في خيار الترميم بالاعتماد على «نتائج الاستطلاعات التي بينت ثقة المواطنين في الحكومة ورئيسها وارتياحهم لأدائها.. لذلك فإننا في سبيل المصلحة العامة للبلد آثرنا ترميم الأغلبية الحكومية على ما يمكن أن نجنيه من مكاسب إضافية في حال إجراء انتخابات مبكرة». غير أن اللافت في حديث رئيس الحكومة عن ترميم أغلبيته، كان حسب مصادر حضرت الاجتماع، إبراؤه لذمته من أي انفجار لأغلبيته وللتجربة الحكومية التي يقودها بعد انتخابات 25 نونبر 2011. من جهة أخرى، أماط بنكيران، خلال الاجتماع الأسبوعي للفريق النيابي، اللثام عن بعض كواليس تقديم وزراء حزب الاستقلال الخمسة لاستقالاتهم من الحكومة، دون أن ينسى «تقطار الشمع» على غريمه السياسي، حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال. رئيس الحكومة كشف أنه رفع استقالات وزراء الاستقلال الى الملك محمد السادس على مضض ل»أني مرتاح لأدائهم، ورغم استقالاتهم فهم يعملون بمنطق معاكس لمنطق من يريد إفشال الحكومة. لكن لم يكن ممكنا قبول الابتزاز والضغط». وأوضح أمين عام العدالة والتنمية أن الحكومة كانت تعيش في انسياب رغم ما كان يقال عن مشاكل الأغلبية، كاشفا أن عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، صارحه بأنها «أول حكومة لم يشتك فيها وزراء الاستقلال من طريقة الاشتغال». وفي إشارة واضحة إلى طبيعة العلاقة التي تجمعه بولاة وعمال المملكة، كشف بنكيران لبرلمانيي «البيجيدي» أن العمال والولاة ينفذون ما يطلب منهم، وأنه لم يحدث أن رفض أحدهم تعليماته، وقال: «لن أعقد اجتماعا مع الولاة والعمال بدون سبب..السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل كل ما نفعله إيجابي لأمتنا؟». وفي الوقت الذي تتجه الأنظار إلى النسخة الثانية من حكومة بنكيران، بالنظر إلى الآمال المعقودة عليها لدعم التواجد النسائي في تركيبتها، بعث رئيس الحكومة برسالة واضحة إلى الجمعيات النسائية، معتبرا أن «النساء المغربيات ليس لديهن مشكل في الاستوزار بقدر ما لهن مشكل مع العدل».