فجر صيادلة ومهنيون في قطاع الصحة فضائح من العيار الثقيل تتعلق بمختبرات صناعة الأدوية متعددة الجنسيات، والتي لا تخضع لأي تفتيش أو مراقبة من طرف وزارة الصحة لعدم وجود فروع لها بالمغرب، على حد تعبيرهم. وأثارت المختبرات متعددة الجنسيات جدلا قويا في لقاء دراسي نظمه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في موضوع «أي سياسة دوائية في تدبير الشأن العام؟»، أول أمس في الرباط، إذ كشف عدد من الصيادلة عن الوضع «اللاقانوني» الذي تشتغل فيه هذه المختبرات في المغرب وخرقها لمدونة الدواء والصيدلة. وأوضح كريم آيت أحمد، عضو مكتب رابطة الصيادلة الاستقلاليين، أن «مديرية الدواء الصيدلية تتاح لها الفرصة لزيارة المختبرات المغربية بكيفية مستمرة لأنها موجودة فوق التراب الوطني، في الوقت الذي لا نعرف أي شيء عن المكان الذي تصنع فيه أدوية المختبرات الخمسة متعددة الجنسية التي تسوق أدويتها بالمغرب، رغم أن الفصل 47 من مدونة الدواء والصيدلة ينص على أنه يسمح بتسويق الدواء للمصنعين الذين يتوفرون على مصانع لتصنيع الأدوية بالمغرب». وبخصوص السعر المرتفع للأدوية مقارنة مع دول أخرى، قدم عضو الرابطة مقارنة بين المغرب ودولتي تركيا وسويسرا كشفت عن الفرق الشاسع بين المغرب وهاتين الدولتين، حيث إن بعض الأدوية يصل ثمنها إلى 5,86 دولارات في تركيا وفي المغرب تباع ب62,85 دولارا، بما يعادل 973% كفارق في الثمن، وفي سويسرا بعض الأدوية ثمنها لا يتجاوز 8,85 دولارات، بينما يتم تسويقها في المغرب ب62,85 بمعدل 610% زيادة. وأوضح عضو الرابطة في هذا السياق أن ارتفاع الثمن لا يرجع إلى هامش الربح الذي يحصل عليه الصيادلة، حيث أعطى مثالا بلائحة من الأدوية توضح أن الصيدلي يقتني علبة أحد الأدوية المكونة من 56 حبة ب170,10 درهما في حين أن ثمنها عند التسليم بعد إجراء طلبات العروض لا يتجاوز 3,36 دراهم»، حيث طرح آيت أحمد عددا من التساؤلات حول المتدخلين الذين يتسببون في رفع ثمن الأدوية بهذا الشكل. والأخطر من ذلك، يضيف المتحدث ذاته، هو أن بعض الأدوية المستعملة في معالجة السرطان يقتنيها الصيدلي بثمن جد مرتفع يصل إلى 4439 درهما رغم أن سعرها قبل وصوله عند الصيدلي لا يتجاوز 152 درهما، حيث سجل أن «المختبرات متعددة الجنسية لا تقدم خيرا للمغرب بل إن المصنعين الوطنيين وصلوا في سنة 2011 إلى 70% من الإنتاج الوطني، و30% المتبقية تحتاج إلى مساعدة من طرف الدولة من أجل تحسين الجودة وتطوير البحث العلمي». وعاد موضوع الأدوية الجنيسة إلى الواجهة بعدما أماط عدد من المهنيين اللثام عن حقيقة بعض المختبرات الطبية التي تقوم بتصنيع أدوية بجودة ضعيفة، حيث جاء في شهادة طبيبة في القطاع العام أن أطباء الدولة خضعوا لتكوين لدى وزارة الصحة لمنح المرضى الأدوية الجنيسة، لكن المشكل هو أن المريض لا يتداعى للشفاء بسبب غياب الجودة، وعندما يتوجه للقطاع الخاص وتمنح له وصفة من الأدوية الأصلية فإن المريض يعتقد أن طبيب القطاع العام ليست له الخبرة الكافية لأن دواء الطبيب الحر كان له مفعول جيد.