على بعد ساعتين من مدينة تطوان مشيا على الأقدام، توجد أسرة تعاني من مرض غريب ألم بأحد أبنائها حار الأطباء في معرفة خفاياه وأسبابه. فالطفل يونس اشويقار يعاني من مرض لم يتمكن الأطباء من معرفة كنهه ولا علاجه. على مرتفع جبلي في قرية تسمى أفدايك، بضواحي المدينة، يتقاسم الطفل يونس البالغ من العمر 11 سنة معاناته مع المرض مع إخوته الأربعة الآخرين. يشكو الطفل من أورام صلبة، وهي عبارة عن كتل من العظام تتفرق في جميع أطراف ظهره وكتفيه تعيق جلوسه ونومه ووقوفه. وتقول فامة، وهي والدة الطفل، ل«المساء»، أثناء زيارتها لبيتها، أنها أحالت ابنها لمرات متعددة على المستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، في محاولة منها لإنقاذ حياته وتمكينه من حياة عادية كبقية إخوته وأصدقائه، لكن رغم إخضاعه لأربع عمليات جراحية، آخرها في شهر شتنبر من السنة الماضية، فإن الوضع الصحي لم يتحسن، وإن كان زاد من تفاقمه تفرق العظام بشكل عشوائي في كل أنحاء جسد الطفل المنهك بالعمليات وبالأورام. «لقد انتابني خوف كبير من حالة ابنك، ولذا أنصحك بالذهاب به إلى فرنسا ليخضع للعلاج»، يصارح طبيب جراحي في العظام والدة الطفل. وتتسائل الأم كيف لها أن تسافر بابنها إلى فرنسا وهي التي لا تتوفر حتى على مصروف يوم يكفيها لإطعام أطفالها الخمسة في بيت قصديري يفتقر إلى الكهرباء والماء، يشرف على منحدر جبلي في القرية المذكورة. الطفل يونس لم يتمكن من الحديث إلى «المساء» سوى بإطلاقه بعض الكلمات المبعثرة التي يعبر بها عن معاناته مع المرض الذي نخر جسده وحار الأطباء في معرفته. كما أنه لا يستطيع الجلوس بمفرده، وإن جلس لن يتمكن من الوقوف. فالعظام المتفرقة في جسمه قد تفرقت أكثر لتشمل حتى منطقة الحوض. «في دول أخرى، يتنافس الأطباء فيما بينهم للظفر بحالة كهاته للبحث في أسبابها ودراستها وإمكانية علاجها، أما عندنا فإن الطبيب يصارح الأم بأنه جد خائف من الاهتمام بحالة ابنها»، يستغرب أحد الدكاترة. وتقول والدة الطفل إن الوضع النفسي والصحي لابنها يتدهور كل يوم، فالطفل لا يستطيع حتى قضاء حاجته جالسا، بل يفعل ذلك واقفا في الخلاء، لانعدام وجود مرحاض في الكوخ، «لك أن تتصور معاناة ذلك»، تتحسر الأم بألم وهي تكتفي برؤية صحة ابنها تتدهور كل يوم. اضطر الطفل إلى مغادرة حجرات الدراسة، نظرا لبعد المدرسة عن القرية، فهو لا يستطيع المشي لمسافة طويلة، المدرسة التي غادرها غادرها قبله أخوه أحمد الذي يكبره بسنة واحدة، «اضطررنا لمغادرة المدرسة لعدم توفرنا على إمكانيات مادية»، فهنا في هذه القرية لا مكان لبرنامج مليون محفظة ولا لأي دعم حقيقي يساعد الأطفال على متابعة الدراسة.