قدم وزراء حزب الاستقلال في حدود الثانية عشرة من صباح أمس الثلاثاء استقالاتهم من الحكومة الثلاثين في تاريخ المغرب الحديث، إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، طبقا للفصل 47 من دستور المملكة. وجاء تقديم الاستقالات بعد اجتماع طارئ جمع صباح أمس، في بيت القيادي الاستقلالي كريم غلاب، بين وزراء الحزب والأمين العام للحزب. وكشفت مصادر استقلالية أن الاجتماع حضره جميع الوزراء باستثناء محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، رغم إبلاغه هاتفيا بضرورة الحضور، مشيرة إلى أن الاجتماع عرف التوقيع على الاستقالات، التي قدمت إلى رئيس الحكومة. و اعتبرت مصادر حكومية أن كل الاحتمالات تبقى واردة بعد تقديم الوزراء الاستقلاليين استقالاتهم، من بينها رفض تلك الاستقالات أو قبول بعضها والاحتفاظ بوزراء من حزب الاستقلال، يأتي في مقدمتهم نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد الوفا، وزير التربية الوطنية. يأتي ذلك بعد أن حصل شباط على الضوء الأخضر من الملك محمد السادس، لانسحاب وزراء حزبه من الحكومة، إثر مكالمة هاتفية، وهو ما تم تفعيله ليلة أول أمس الاثنين، خلال اجتماع اللجنة التنفيذية. واستبق شباط اجتماع اللجنة التنفيذية بإخبار الملك محمد السادس هاتفيا، عشية أول أمس الإثنين، بعزم اللجنة اتخاذ قرار تقديم وزراء الحزب استقالاتهم، وهو ما تم تفعيله مباشرة بعد الحصول على الضوء الأخضر من القصر. وحسب مصدر حضر اجتماع اللجنة التنفيذية، التي امتد لما يربو عن الساعتين، فقد كان هناك إجماع على عدم وجود مبرر لبقاء وزراء الحزب بعد قرار المجلس الوطني في 11 ماي الماضي، وإبلاغ الملك، وإجماع جميع مؤسسات الحزب على القرار، وأيضا بعد استنفاد المهلة التي منحت لبنكيران من أجل البحث عن حليف جديد. إجماع القيادة التنفيذية للاستقلال ترجم في بلاغ أكد أن هذه الأخيرة قررت «تفعيل قرار المجلس الوطني للحزب بعد استشعارها بأنها منحت رئيس الحكومة ما يكفي من الوقت لتدارك انسحاب الحزب»، وأن الحزب تحمل كل «الاستفزازات التي صدرت عن رئيس الحكومة والتي تعكس قلة الخبرة وانعدام الإحساس بالمسؤولية». بلاغ اللجنة لم يفوت الفرصة ل»تقطار الشمع» على حليفه السابق، متهما الفريق الوزاري لحزب العدالة والتنمية ب«افتقاده للخبرة والتجربة الكافية لقيادة الحكومة في ظروف وطنية ودولية دقيقة تتسم بعدم الاستقرار والوضوح». كما اتهم الاستقلاليون «إخوان» بنكيران ب«إرادة الهيمنة على الإدارة من خلال تعيين الموالين لحزب رئيس الحكومة وجماعته الدعوية». من جهة أخرى، ينتظر أن تضع قيادة الاستقلاليين خريطة طريق لنوعية المعارضة التي ستنهجها ضد حكومة بنكيران الثانية، خلال اجتماع سيجمع يوم الإثنين القادم بين اللجنة التنفيذية وفريقي الحزب بمجلسي النواب والمستشارين. وحسب مصدر من اللجنة، فإن الاجتماع يروم تدارس الانتقال إلى المعارضة وما يقتضيه ذلك من تأهيل للفريقين للقيام بالدور الجديد المنوط بهما، مشيرا إلى أن المرور إلى المعارضة سيعرف فترة انتقالية يمنح من خلالها الاستقلاليون لبنكيران «سلاما» تشريعيا يدفع عنه خطر إسقاط القوانين التي قد يتقدم بها، إلى أن تصبح الحكومة القادمة جاهزة وفي وضع الاطمئنان الدستوري والإداري. وفيما قال المصدر ذاته:»خارجين باش نعطيو بيئة جديدة للحكومة أحسن من اللي كانت معنا ولإنجاح التجربة وليس لإفسادها»، يتجه حزب علال الفاسي لتأدية دوره الجديد على يسار حكومة بنكيران، بتنسيق مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مما يعني أن الاستقلال يستبعد في الوقت الراهن أي تنسيق مع باقي مكونات المعارضة، وخاصة حزب الأصالة والمعاصرة.