أخيرا فعلها حزب الاستقلال. فلأول مرة في تاريخ المغرب السياسي الحديث أقدم ستة وزراء من حزب الميزان على تقديم استقالتهم لرئيس الحكومة زوال أمس الثلاثاء الذي سيرفعها بدوره للملك كما يقر بذلك الدستور. وعلمت الأحداث المغربية أن الوزراء الاستقلاليين اجتمعوا صباح أمس الثلاثاء بمنزل كريم غلاب عضو اللجنة التنفيذية للحزب ورئيس مجلس النواب، وهناك وقع خمسة منهم على استقالاتهم بما فيهم وزير الآقتصاد والمالية، في حين غاب محمد الوفا وزير التربية الوطنية الموجود في مهمة بالعيون. وقالت مصادر الأحداث المغربية إن استقالات الوزراء الاستقلالين وضعت زوال نفس اليوم فوق مكتب رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران الذي ينتظر أن يكون قد عرضها عصر أمس على الملك وفق مقتضيات الفصل 47 من الدستور. ولم تسجل سابقة من هذا النوع في تاريخ الحكومات المغربية ولهذا لم يكن اجتماع اللجنة التنفيذية مساء أول أمس الإثنين اجتماعا عاديا في تاريخ المغرب وتاريخ حزب الاستقلال. اجتماع اللجنة التنفيذية الذي أقر وضع الانسحاب من التحالف الحكومي الذي يقوده عبد الإله ابن كيران قيد التنفيذ بتقديم استقالة جماعية لوزراء حزب الاستقلال ، لم يكن في الواقع سوى خاتمة لمسلسل امتد لقرابة الشهرين ابتدأ بقرار للمجلس الوطني لحزب الاستقلال بإقرار الانسحاب من التحالف الحكومي، وانتهى باجتماع للجنة التنفيذية تم فيه إقرار تقديم استقالة الوزراء من حكومة عبد الإله ابن كيران مرورا عبر محطة أخرى هي اجتماع اللجنة المركزية للحزب التي طالبت في دورتها الأخيرة بتفعيل قرار الانسحاب من الحكومة والإسراع بتقديم استقالات الوزراء. قبل أن يخرج قادة اللجنة التنفيذية في البلاغ الأخير المؤدي خارج باب الحكومة كانت الأحداث قد تلاحقت. اجتماع اللجنة التنفيذية الذي دام زهاء الساعتين لم يخرج سوى بما كان منتظرا ، التفعيل الرسمي لقرار الانسحاب من الحكومة وتقديم الوزراء لاستقالتهم لرئيس الحكومة الذي سيقدمها للملك محمد السادس. بلاغ اللجنة التنفيذية الذي كان أطول من المعتاد قال إن اللجنة التنفيذية ، تقرر تفعيل قرار المجلس الوطني للحزب بعد استشعارها أنها منحت رئيس الحكومة ما يكفي من الوقت لتدارك انسحاب الحزب على أغلبيته الحكومية". الاستقلاليون قالوا إن حزبهم، "تحمل بوطنية عالية كل الاستفزازات التي صدرت عن رئيس الحكومة والتي تعكس قلة الخبرة وانعدام الإحساس بالمسؤولية، والذي تجلى في تعامله مع المهلة التي منحت له قبل تنفيذ القرار، وتؤكد اللجنة التنفيذية أنها لن تتأثر بأساليب الابتزاز التي أدمنها رئيس الحكومة". بلاغ حزب الاستقلال الأخير الذي خاطب رئيس الحكومة لآخر مرة من موقع الأغلبية قال إن ابن كيران استخف بالمهلة التي كان يجدر فيها به البحث عن سيناريو لتعويض انسحاب الاستقلاليين من التحالف الحكومي، قبل أن يعلن نفس البلاغ على الاستقالة الجماعية لوزراء حزب الاستقلال. يقول البلاغ "إن وزراء حزب الاستقلال سيقدمون استقالتهم الجماعية لرئيس الحكومة على أن يقدمها إلى صاحب الجلالة طبقا للدستور، وذلك بعد إبلاغ جلالة الملك من طرف الأمين العام للحزب بهذه الخطوة مساء يوم الإثنين، وقررت اللجنة التنفيذية دعوة فريقي الحزب بالبرلمان لاجتماع مع قيادة الحزب سيجري تحديد تاريخه ، وذلك استعدادا لما تقتضيه المعارضة من منهجية عمل وتنسيق يهدف إلى الدفاع المستمر على المصالح العليا للوطن". قادة الاستقلال في اللجنة التنفيذية يعرفون أن بلاغ اللجنة التنفيذية لا يكفي لوحده لتفعيل قرار الانسحاب من الحكومة وتقديم الوزراء لاستقالاتهم الجماعية لعبد الإله ابن كيران. الناطق الرسمي باسم الحزب عادل بنحمزة قال إن الملك أعطى الضوء الأخضر لانسحاب الوزراء الاستقلاليين من الحكومة، وهو ما تم تفعيله في ليلة أول أمس الإثنين. في الوقت الذي رفض فيه رئيس الحكومة الخوض في أي مآل للاستقالات التي سيقدمها وزراء حزب الاستقلال له. وقال في تصريح هاتفي "للأحداث المغربية" : »لم أتوصل بعد بالاستقالات ولن أتكلم قبل أن تكون هذه الاستقالات بين يدي». دخل بعض قادة العدالة والتنمية على الخط في التصريحات والتصريحات المضادة بعد قرار اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال سحب جميع وزراء الحزب. قيادي مقرب من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قال "للأحداث المغربية" إن تقديم الاستقالات لا يعني قبولها أو رفضها، فكل الاحتمالات تبقى واردة، مادام أن رئيس الحكومة سيدرس استقالة وزراء الاستقلال عند توصله بها، قبل اتخاذ القرارات المناسبة فيها وقبل رفعها للملك باعتباره رئيس الدولة. الاحتمالات التي تحدث عنها قيادي العدالة والتنمية، وبحسب قوله قد تتراوح بين رفض الاستقالات، أو قبول بعضها والاحتفاظ بوزراء من حزب الاستقلال في إشارة إلى نزار بركة ومحمد الوفا، ثم هناك السيناريو الثالث الذي أصبح "راديكاليو" حزب رئيس الحكومة ينادون به أي اللجوء إلى الانتخابات السابقة لأوانها بدل البحث عن حليف جديد قد يكون حزب التجمع الوطني للأحرار. الجيلالي بنحليمة