في 12 يونيو 1966، جلس محمد رضا بهلوي شاه إيران في المنصة الرسمية للملعب الشرفي بالدار البيضاء إلى جانب الملك الحسن الثاني، من أجل متابعة مباراة نهاية كأس العرش بين النادي المكناسي والمغرب الفاسي. كانت المباراة تندرج في سياق احتفالات المغرب بعيد الشباب، لكنها جاءت غنية بالإثارة والندية لثلاثة اعتبارات أساسية، كونها تجمع بين غريمين تقليديين هما أهل فاسومكناس وما يجمع بينهما من عداء كروي، وكون الفريق المكناسي نزل قبل أيام من هذا التاريخ إلى القسم الثاني ويسعى إلى إنقاذ موسمه بحيازة كأس العرش، إضافة إلى أهمية خوض مباراة في كرة القدم أمام ملك وإمبراطور. قبل انطلاق المواجهة، نزل الحسن الثاني ومحمد رضا بهلوي إلى أرضية الملعب وصافحا اللاعبين، وفي طريقهما إلى المنصة راهن كل منهما على فريق، أمام شعور بتضامن مع الفريق المكناسي بحكم نزوله إلى القسم الثاني. يروي حمادي حميدوش، اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي لشباب الريف الحسيمي، ما تبقى من ذكريات تؤرخ لهذا الحدث: «كان نهائي 1966 بين النادي المكناسي والمغرب الفاسي مثيرا تحت قيادة الحكم محمد بن جلون، وانتهى بفوز فريقنا المكناسي بهدفين لصفر، سجل الأول، وسجلت الثاني بضربة رأسية رائعة، حضر المباراة الملكان الراحلان الحسن الثاني ومحمد رضا بهلوي شاه إيران. كنت عميدا للفريق وصعدت إلى المنصة كما يفرض البروتوكول لأتسلم الكأس الفضية من يدي الملك الراحل الحسن الثاني، كانت آخر كأس للعرش في تاريخ النادي المكناسي، وكنت عائدا من تجربة احترافية بفرنسا، لكنني فوجئت بشاه إيران وهو يحييني بحرارة ويدعوني لزيارة إيران للتعرف على الكرة الإيرانية، على الفور تدخل أحد مرافقيه ودعا السفير إلى استكمال ترتيبات الدعوة الإمبراطورية. أسعد اللقب ساكنة مكناس وكان عزاؤها الوحيد في موسم النزول إلى القسم الثاني، كما منحني لقبا فخريا حين شرفني الشاه بزيارة إيران. بعد أيام تلقيت الدعوة الكريمة وسافرت إلى طهران، هناك استقبلت استقبال الأبطال في المطار وعشت أياما لا تنسى في بلد كان يعيش تطورا كبيرا على كافة الواجهات. نظم اتحاد كرة القدم على شرفي مجموعة من الزيارات للمرافق الرياضية وتعرفت على الكرة هناك، لأنني كنت ضيف الشاه كما كانوا يرددون. شعرت بعد انتهاء الرحلة أن الاستضافة هي أكبر منحة نلتها بعد الفوز بلقب كأس العرش، لاسيما وأن الشاه أثنى علي كثيرا ووصف أدائي في تلك المباراة التاريخية بالمذهل لأنه كان عارفا بالكرة». عرضت على حمادي فكرة الاحتراف في إيران لكنه رفض لارتباطه بالمغرب، خاصة أنه رفض الاستمرار في حضن فريق «ريد سطار» الفرنسي الذي عزز هجومه إلى جانب العربي شيشا، رغم أن سفره إلى فرنسا كان فقط من أجل قضاء عطلة صيفية عند أخيه. حين عاد حميدوش من إيران محملا بالهدايا والذكريات، وجد عرضا من الجيش الملكي الذي جاوره كلاعب وفاز معه بلقبين للدوري المغربي. في بعض نهايات كأس العرش، كان الملك الراحل يحرص أشد الحرص على أن تجرى هذه المواجهات في إطار احتفالي تزامنا مع ذكرى عيد ميلاده، بحضور بعض القادة والزعماء العرب الذين كانوا يتقاسمون معه من منصة الملعب الفرجة على النهائي، على غرار شاه إيران رضا بهلوي والملك حسين عاهل الأردن الراحل، ثم الفقيد زايد بن سلطان آل نهيان، لكن الشاه هو الوحيد من بين هؤلاء الذي يشارك الحسن الثاني لعبة الغولف وهوس الكرة.