الخطوة التي أقدم عليها الشاعر المغربي والمعتقل السياسي السابق عبد اللطيف اللعبي، والمتمثلة في تسليم أرشيفه إلى مؤسسة فرنسية، خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول تفضيل اللعبي مؤسسة أجنبية وخصها بالتصرف الحصري في أرشيفه الشخصي الذي هو، في النهاية، أرشيف لمرحلةٍ كاملةٍ، يشترك فيها مع غيره، وتمس أفرادا كثيرين كانوا رفاقا له في مرحلة مغرب الستينيات والسبعينيات وما تلا ذلك. ولكن الذهاب أبعد من طرح الأسئلة وتلمس الإجابات الممكنة يكشف أن سلوك اللعبي، وهو بطبيعة الحال حرٌّ في ذلك، يعيد إماطة اللثام عن واقع الأرشيف الوطني، أو ما بقي منه، ويؤكد أن مسلك اللعبي حتى وإن كان فيه رد فعل مبالغ فيه، فإنه لا يغير واقعا قائما، من بين سماته أن الذاكرة الثقافية والسياسية والتاريخية المغربية تعرضت وتتعرض للانقراض والتهريب، وأن أغلب نفائس أرشيفنا الوطني موجودة في الأرشيفات الفرنسية والإسبانية والأمريكية والبريطانية والألمانية. وبالتالي، حان الوقت لاسترجاع هذا الأرشيف، من جهة، بعد أن أصبحت للمغرب مؤسسة اسمها «مؤسسة أرشيف المغرب»، وهذا حقٌّ، على الدولة أن تسعى في اتجاه تحقيقه. ومن جهة ثانية، فإن مؤسساتٍ، مثل المكتبة الوطنية وأرشيف المغرب وغيرهما من المؤسسات التي لكلٍّ منها أرشيفه الخاص، وبالتحديد في المرحلة الكولونيالية، مثل مؤسسة بنك المغرب ومؤسسة بريد المغرب وغيرهما، عليها أن تنتظم على نغمة واحدة، وأن تذهب رأسا في اتجاه الارتقاء بالأرشيف الوطني، لأنه التاريخ اليومي والحقيقي للمغرب والمغاربة وما يشكل هويتهم الوطنية وتاريخهم الجمعي.