اختار الكاتب والشاعر المغربي، عبد اللطيف اللعبي تقديم كتابه الجديد "كفاح من أجل الديمقراطية" للقراء والمهتمين بمؤلفاته بمكتبة "كليلة ودمنة" مساء يوم الخميس 6 أكتوبر الجاري بالرباط الكاتب عبد اللطيف اللعبي (خاص) بغية إعادة الاعتبار للمكتبات، وإيفاء حقها من الاهتمام، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، التي تعانيها المكتبات بالمغرب، والقراءة بشكل عام. وأثناء تقديم كتابه "كفاح من أجل الثقافة" ) (Combat pour la culture، الصادر حديثا عن "دار مرسم للنشر" بالرباط، ذكر الكاتب عبد اللطيف اللعبي أنه اختار أن يصدر هذا المؤلف، الذي يضم أربعين نصا مختارا صدر له من سنة 1984 إلى سنة 2010، في هذا الوقت بالذات، بهدف تسليط الضوء على البركة الآسنة للثقافة بالمغرب، خاصة أن معركة الثقافة أخذت بعدا سياسيا، وأصبحت عاملا أساسيا للديمقراطية. وأضاف اللعبي، في هذا اللقاء، الذي عرف حضورا كبيرا للمثقفين والكتاب المغاربة، أنه يشتغل بقبعتين: قبعة الكاتب المبدع، وقبعة المثقف المناضل، الذي يتحمل مسؤوليته في القضايا الوطنية والمصيرية، موضحا أنه بعد إصدار كتابه "المغرب أي مشروع ديمقراطي" عن "دار ملتقى الطرق" بالدارالبيضاء، ها هو يصدر كتابا عن الثقافة ليشرك القارئ في هواجسه وأحلامه، ويكشف عن مدى انخراطه في المجتمع، موضحا أن كتابه ليس وصية، بل شهادة عن مرحلة معينة من تاريخ بلده، وأنه رغم الإحساس بالعبث، وهباء العمل الثقافي، فإنه يصر على الكتابة والحلم بالتغيير، من أجل الشباب والأطفال، لمنحهم الرغبة في الحياة، والتشبث بالمستقبل. وأوضح اللعبي أن تخصيصه لجزء في كتابه لتكريم مجموعة من الكتاب، وهم محمد ديب، وجابرييل بونور، والطاهر جاعوط، وأوكتافيو باث، جاء "بهدف التعريف بهؤلاء الكتاب، ودعوة القراء إلى اقتسام متعة قراءة أعمالهم الرائعة، خاصة الكاتب الجزائري، محمد ديب"، الذي قال عنه اللعبي إنه لو كان هناك أحد في المغربي العربي يستحق نوبل للآداب فهو محمد ديب. وأشار اللعبي إلى أن فضل الكاتب جابرييل بونور كبير عليه، فهو الذي درسه الآداب الفرنسية في الجامعة المغربية، ومكنه من اكتشاف غنى الثقافة العربية الإسلامية، والثقافة والشعر الصوفيين، موضحا أن بونور هو الذي شجعه على الكتابة ودعمه، وعزز ثقته بنفسه. إلى جانب هؤلاء، تحدث اللعبي عن كتاب آخرين لم يوردهم في كتابه، وهو الإيراني صادق هدايات، والكاتب الياباني إريكو موراكامي، وكتاب آخرون أثروا خزانته، وغذوا روحه، وطعموا ذائقته الأدبية بأعمال قل نظيرها، مشيرا إلى أنه مدين للأدب بما هو فيه، وأنه "لا أعرف ماذا يمكن أن أكون، فالأدب أنقذني حينما كنت محروما من حريتي. الكتابة والأدب ساعداني على التحرر، لأنه من دون ذلك، فأنا كنت دون شك سأكون ميتا. الكتابة والأدب حاجة ضرورية وحياتية". وعن الميثاق من أجل الثقافة المغربية، الذي دعا إليه عبد اللطيف اللعبي، من أجل النهوض بالثقافة في المغرب، والبحث عن حلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أشار الكاتب إلى أنه لم يلق استجابة واسعة، وأن الموقعين عليه هم فقط 500 كاتب وكاتبة، وأنه كان يأمل مع "الربيع العربي" أن يتحرك "ربيع ثقافي" في المغرب، لكن للأسف، كما قال، "أجهضت كل الآمال، وأخطأ المغرب موعده التاريخي الكبير، المتمثل في تعديل الدستور". وأوضح اللعبي أن الموعد السياسي الحقيقي للمغرب ليس هو الانتخابات المقبلة، بل هو 2017، ولهذا فعلى كل القوى السياسية، والمجتمعية، والثقافية بالمغرب أن تتحرك وأن تعمل من أجل تحقيق التغيير المنشود على جميع المستويات، خاصة أن المغرب بلد يزخر بالكفاءات والطاقات، التي يمكن أن تشكل مجموعات عمل حقيقية، شريطة أن يخرج كل واحد من قوقعته، وأن ينخرط في الشأن الوطني والمجتمعي. وخلص اللعبي إلى أنه الآن على مشارف السبعين من عمره، وأنه منذ ستينيات القرن الماضي وهو يؤمن ويعتقد في التغيير، وألا شيء تحقق إلى الآن، وهذا فعلا ما يرعبه في المغرب، إذ قال "أخشى أن تذهب كل التضحيات من أجل أن يعيش الإنسان المغربي حرا وكريما، سدى". يعد عبد اللطيف اللعبي، واحدا من الكتاب المغاربة الملتزمين، الذين يحسون دوما أنهم معنيون بالشأن العام، فهو لم يتوان في أي لحظة عن التعبير عن رأيه وموقفه مما يحدث في المغرب، حتى في فترات إقامته بفرنسا، فمقالاته وكتبه كان يتلقفها القراء، ويجري تسريبها أحيانا بين المثقفين بسرية كبيرة، لأنه لم يكن يهادن ولا يجامل في كتاباته، تربى على كتاباته ومقالاته أجيال من المغاربة، وكانت مجلة "أنفاس"، التي أسسها سنة 1966، مجلة ثقافية رائدة بالمغرب، كتبت فيها العديد من الأقلام المغربية الوازنة، وأثارت العديد من القضايا الشائكة بالمغرب في ذلك العهد، لكنها توقفت عن الصدور سنة 1972، بعد تعرض مؤسسها، عبد اللطيف اللعبي، للاعتقال في مارس من السنة نفسها، بسبب نشاطه السياسي. صدرت له مجموعة من الأعمال الشعرية منها "أزهرت شجرة الحديد" 1974، و"عهد البربرية" 1980، و"قصة مصلوبي الأمل السبعة" 1980، و"خطاب فوق الهضبة العربية" 1985، و"جميع التمزقات" 1990، و"الشمس تحتضر" 1993، التي جرى تحويلها إلى عمل مسرحي من طرف "مسرح اليوم"، و"شجون الدارالبيضاء" 1996، و"مقاطع من تكوين منسي" 1998، وديوان إيروتيكي بعنوان "فواكه الجسد". ومن أعماله الروائية: " تجاعيد الأسد"، و"قاع الخابية"، ومن أعماله المسرحية": "تمارين في التسامح"، و"رامبو وشهرزاد"، وترجمت أغلب أعماله إلى اللغة العربية، من طرف كتاب مغاربة أو عرب، وهو حاليا بصدد التعامل مع "دار ورد" السورية من أجل نشر أعماله الكاملة مترجمة إلى اللغة العربية، بمساعدة الكاتب المغربي عبد الهادي السعيد.