سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التدبير المفوض.. بين ضعف الفاعلية وتدخل «الحسابات» السياسية المجلس الأعلى للحسابات اعترف بوجود اختلالات أبرزها ضعف المراقبة وعدم قدرة الجماعات على اتخاذ إجراءات جريئة
عاد ملف التدبير المفوض ليتفجر من جديد بعد الخلاف الذي شهده المجلس الجماعي بمدينة الدارالبيضاء بين العمدة محمد ساجد ونائبه الخامس مصطفى الحيى، بشكل يهدد السير العادي لعمل المجلس. القضية تفجرت بسبب غضب ساجد من معلومات نشرت بوسائل الإعلام تهم تلاعبات حول إنشاء محطة لتصفية المياه بمدينة الدارالبيضاء تحت إشراف شركة «ليديك»، وهو المقال الذي اتهم فيه ساجد نائبه الخامس بالدفع لنشره، قبل أن ينفجر في وجهه مصطفى الحيى، ويؤكد بأن عمدة المدينة جانب الصواب، حيث أشهر وثائق قال إنها تؤكد ما جاء في وسائل الإعلام. الخلاف الذي يعرفه المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء، وإن كان يعود لحسابات سياسية لها تأثيرها على تسيير وتدبير الشأن المحلي، فإنها ترتبط من جهة أخرى بإشكالية التدبير المفوض، وما طرحه من اختلالات في عدد من المدن التي تقرر فيها تفويض تدبير عدد من مرافق الدولة إلى مؤسسات خاصة بملايير الدراهم. المجلس الأعلى للحسابات سبق وأن أكد على الاختلالات التي عرفتها عدد من المدن في تفويت عدد من الصفقات، وأيضا كيفية اشتغال بعض الشركات الموكول لها تدبير عدد من القطاعات التي كانت إلى عهد قريب حكرا على الدولة، بيد أن ضعف المراقبة وعدم قدرة الجماعات المحلية على اتخاذ إجراءات جريئة في حق الشركات المخلة بالالتزامات، لأسباب يرتبط بعضها بمصالح مشتركة مع بعض الدول، جعل الوضع يزداد قتامة وتصبح معه بعض شركات التدبير المفوض خارج خانة المساءلة والمحاسبة. وزارة الداخلية، بدورها، لم تخل تقاريرها من الحديث عن الإشكالات والاختلالات التي يعرفها قطاع التدبير المفوض، خصوصا في ما يتعلق بتدبير قطاع الماء والكهرباء وتطهير السائل، إذ أن آخر تقرير رسمي لها سنة 2012، أشارت فيه إلى أنها واصلت التدخل من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل والاختلالات التي تعترض التدبير الجيد لبعض هذه العقود، وتؤثر سلبا على المرافق المفوضة، ورصد التقرير أن الاختلالات تشمل «التأخر في إنجاز الاستثمارات المهيكلة المتعلقة بمحاربة التلوث والمشاكل المتعلقة بالمراقبة الممارسة من طرف السلطات المفوضة وكذلك بعض الجوانب المؤسساتية والمحاسبية والمالية والتقنية للعقود». اتخاذ القرارات في مجال التدبير المفوض هو من مسؤولية الجماعات، وإن كانت وزارة الداخلية هي الوصي عليها، إذ أن الفصل 39 من الميثاق الجماعي يلقي مسؤولية تدبير المرافق العمومية المحلية على عاتق الجماعات المحلية ويخول لها حق اختيار نمط تدبير هذه المرافق عبر الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة أو الامتياز، أو كل طريقة أخرى من طرق التدبير المفوض، غير أن وزارة الداخلية تتدخل بين الشركات والجماعات لحل المشاكل المتعلقة بين الأطراف، إذ أن سنة 2012 شهدت تدخل الوزارة بين الأطراف المعنية، خصوصا الشركات المفوض لها، وبالخصوص على مستوى ولايات الرباطوطنجة وتطوان، التي أوكل فيها تدبير قطاعات الماء والكهرباء وتطهير السائل إلى شركات منذ سنوات، إذ أن تدبير هذا القطاع يتم تأمينه على مستوى ولاية الدارالبيضاء الكبرى من طرف شركة «ليديك» منذ غشت من سنة 1997، وعلى مستوى ولاية الرباط- سلا يدبر القطاع من لدن شركة «ريضال» منذ يناير سنة 1999، أما على مستوى ولايتي طنجة وتطوان، فأمر تدبير القطاع موكول إلى شركة «أمادنيس» منذ يناير 2002، وتمتد مدة العقود إلى 90 سنة بالنسبة لليديك وريضال و25 سنة بالنسبة لأمانديس. ويعرف التدبير المفوض أحيانا بروز خلاف بين الشركات والسلطة المفوضة، فيتم اللجوء إلى مسطرة التحكيم، فعلى سبيل المثال، عرفت سنة 2010 تدخل وزارة الداخلية من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل والاختلالات التي تعترض التدبير الجيد لبعض عقود التدبير المفوض، خصوصا على مستوى ولايات الرباطوطنجة وتطوان، والتي تعرف تأخيرا كبيرا في إنجاز الاستثمارات المهيكلة المتعلقة على الخصوص بمحاربة التلوث والذي كان له وقع سلبي على جودة الخدمة المقدمة للسكان، حسب تقرير رسمي لوزارة الداخلية.