حذر الاقتصادي، حماد قسال، من فقدان المغرب ضمانة الخط الائتماني الذي حصل عليه من صندوق النقد الدولي، و الذي تقدر قيمته ب6.2 مليارات دولار، إذا ما استمرت الحكومة في تأخير الإصلاحات الكبرى التي وعدت بها سابقا. وقال قسال ل«المساء» إن لجنة الصندوق الدولي التي تزور المغرب حاليا وجهت إنذارا للحكومة من مغبة استمرارها في تأجيل الإصلاحات الكبرى، وعلى رأسها إصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد، مشيرا إلى أن الحكومة الآن أمام خيارين أحلاهما مر، وهما إما الاستجابة لتعليمات صندوق النقد والقيام بالإصلاحات خلال الأسابيع المقبلة، وإما فقدان ضمانة الخط الائتماني، خاصة أن لجنة صندوق النقد ستعلن عن تقريرها حول زيارتها إلى المغرب في غضون شهر من الآن تقريبا. وأكد الاقتصادي حماد قسال أن المغرب سيجد نفسه في ورطة شبيهة بأزمة 1983 التي تم فيها تطبيق برنامج التقويم الهيكلي، موضحا أن فقدان الحكومة لضمانة الخط الائتماني لصندوق النقد الدولي سيعني مباشرة فقدان ثقة السوق الدولية، وبالتالي فقدان القدرة على الحصول على قروض من الخارج بمعدلات فائدة معقولة. وأضاف قسال أن الحكومة مطالبة حاليا بإرسال إشارات قوية إلى مسؤولي صندوق النقد والمؤسسات الدولية من خلال الانخراط في الإصلاحات الكبرى والعاجلة خلال أسابيع من الآن، مشيرا إلى أن هذا التوجه أعلن عنه ضمنيا رئيس الحكومة ومجموعة من الوزراء خلال تصريحاتهم الأخيرة حول إصلاح نظام المقاصة. بالمقابل، كان الخبير الاقتصادي الطيب أعيس قد اعتبر أن الأزمة الاقتصادية في المغرب مرتبطة بشكل كبير بالميزان التجاري الذي يعاني من اختلال واضح لصالح الواردات، وهذا أثر على احتياطيات المغرب من العملة الصعبة وجعلها تنخفض إلى حوالي 4 أشهر فقط، موضحا أن الحكومة يجب أن تتدخل حاليا لمعالجة هذا المشكل عن طريق مراجعة العلاقات الاقتصادية مع الشركاء التجاريين، وكذا من خلال تشجيع الصناعة الوطنية حتى تكون قادرة على الإنتاج والتصدير بشكل أكبر. وأضاف أعيس أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال التعجيل بالإصلاحات الكبرى، خاصة إصلاح نظام المقاصة وصناديق التقاعد، واعتماد برنامج بعيد المدى يقوم على التدخل لإعادة هيكلة بعض المقاولات الكبرى، بالإضافة إلى إيجاد الظروف المواتية لتطوير بعض الصناعات، موازاة مع اعتماد تدابير غير جمركية لحمايتها على المدى القصير والمتوسط حتى تكون في مستوى المنافسة. ويبدو أن الحكومة ستجد نفسها في حيص بيص، خاصة أن اقتصاديين آخرين حذروا مرارا من إلغاء الدعم عن المواد الأساسية، معتبرين أن من شأن ذلك أن يخلق توترات اجتماعية كبيرة. وقال أستاذ الاقتصاد، جمال الدين التباع ل«المساء»، إن إلغاء الدعم عن السكر والدقيق والمحروقات خلال الظرفية الحالية المتميزة بارتفاع قوي للأسعار من شأنه أن تكون له تداعيات وخيمة على السلم الاجتماعي، داعيا الحكومة إلى تبني إصلاح شامل لمنظومة الدعم لا تقوم على إلغائه فقط، بل تضع حلولا وتدابير عملية لتشجيع الطبقة المتوسطة وتوجيه الدعم إلى الفئات التي تستحقه دون تفقير فئات أخرى.