قاطعت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش تحقيقات وجلسات استماع الشرطة القضائية في قضايا الفساد ونهب المال العامّ في المدينة الحمراء. فقد علمت «المساء» أنّ محمد الغلوسي، رئيس فرع الهيئة الحقوقية، تخلف عن حضور جلسة الاستماع إيله من قِبَل مصالح الشرطة القضائية في مراكش صباح أمس الجمعة، على خلفية شكاية سبق للهيئة أن تقدّمت بها إلى وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف في آسفي للتحقيق في الاختلالات والتجاوُزات التي عرفتها عملية إعادة إسكان قاطني حي «الملاح» في الصويرة. وأوضح فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العامّ في مراكش أنه بعد استدعاء رئيسه من قِبَل مصالح الشرطة القضائية، اجتمع أعضاء الفرع وتناولوا بالتقييم مسارَ ومآل الشكايات التي سبق لهم أن تقدّموا بها إلى الوكيل العامّ للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، مسجّلين «غياب الإرادة الحقيقية للقطع مع الفساد وتبديد المال العامّ، وتوفير الحماية للمفسدين، وناهبي المال العامّ، بل وتشجيعهم على التضييق وممارسة أساليب التهديد والتشهير ضد مناضلي الهيئة»، وقرر الحقوقيون «تعليق» أي مشاركة لرئيس الهيئة في الأبحاث التمهيدية التي تباشرها الشرطة القضائية بخصوص الشكايات التي تقدّم بها والتي لها الصلة بالفساد وتبديد المال العام واستغلال النفوذ «حتى إشعار آخر»، معللين ذلك بأنه «لا يمكن اختزال المقاربة القانونية والقضائية لمعالجة ملفات الفساد وتبديد المال العامّ في الجهة في لعبة سؤال -جواب.. وتحويل المعركة ضد الفساد إلى مسلسل من الاستنطاقات والاستجوابات تُضمَّن بمحاضر لا تترتب عنها آثار قانونية، وهو عبث لا يمكن الاستمرار فيه أو القبول به». وبعد أن سجّلت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش -في بلاغ لها توصلت «المساء» بنسخة منه- «إيجابية» إحالة كل الشكايات التي تقدّمت بها على الشرطة القضائية المختصة، استطردت قائلة: «إن طول المدة التي استغرقتها الأبحاث التمهيدية وغياب قرارات جريئة وشجاعة ضد المُتورّطين في جرائم الفساد وتبديد المال العامّ لا يبعث على الارتياح، وتولد انطباعا لدى الرأي العام بأنّ القانون والعدالة قد تم وضعهما كسيف على رقاب المواطنين البسطاء، مما يولد الإحساس ب»الحكرة» ويشجّع كل القيم المناوئة لفكرة القانون والعدالة». وأوضحت الهيئة أن «محكمة الاستئناف في مراكش لا تتوفر منذ ما يقارب السنة على وكيل عامّ للملك قادر على اتخاذ القرارات الشُّجاعة والجرئية، وتتوفر فقط على ثلاثة قضاة للتحقيق يشمل نفوذ اختصاصهم خمسة أقاليم كبرى، ضمنهم قاض مكلف بجرائم الأموال، «تم إغراق مكتبه بملفات لها صلة بجرائم الحق العامّ، وهو ما يفرغ تخصّصه من أي محتوى». وأشارت الهيئة الحقوقية إلى أنّ بعض الملفات ذات الصلة باختلاس الأموال العمومية توجد لدى قضاء التحقيق في محكمة الاستئناف في مراكش منذ مدة تفوق ثلاث سنوات، ولم يتمّ اتخاذ أي قرار بشأنها إلى حد الآن». وفي هذا الصدد، أوضح الحقوقيون أن قضية «تزوير» تصميم التهيئة الخاص بالبنايات المجاورة للإقامة الملكية في جنان الكبير في مراكش قد استغرقت أكثرَ من خمس سنوات في الأبحاث التمهيدية، التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أنهت أبحاثها، ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأنها حتى الآن، وينطبق الأمرُ نفسه الذي على قضية شركة «ستي وانْ». كما أنّ الشكاية المتعلقة بالاختلالات والتجاوزات التي عرفتها عملية إعادة إسكان قاطني حي الملاح في الصويرة تم وضعها منذ سنة تقريبا، وأول إجراء اتُّخذ بشأنها حتى الآن هو استدعاء رئيس الهيئة للاستماع إليه من طرف الشّرطة القضائية في مراكش. كما أعلنت الهيئة استمرارها في النضال، بمختلف الأساليب المشروعة، إلى جانب كل القوى الحية ضد الفساد واقتصاد الرّيع وتبديد المال العامّ، وضد الإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية ومن أجل استرجاع الأموال المنهوبة.