في أول خروج له بعد استماع الفرقة الوطنية، مؤخرا، إلى عدد من المسؤولين بسيدي سليمان بخصوص مصدر ثرواتهم، اختار إدريس الراضي، رئيس الفريق الدستوري بمجلس المستشارين، الخروج عن صمته لدفع التهمة عنه من تحت قبة البرلمان، بعد أن تم تداول اسمه ضمن المسؤولين المحققين معهم. واعتبر الراضي، خلال الإحاطة علما التي تقدم بها مساء أول أمس الثلاثاء، أن تضخم الرسائل والشكايات الكيدية يهدد المكتسبات الحقوقية التي حققها المغرب، مشيرا إلى أنها توسعت بشكل مهول، على حد تعبيره، لتشمل كل المواطنين المغاربة، الإداري والقاضي والمحامي ورجال الأمن والسلطة والمدراء ورجال الأعمال، ولم تعد تستثني أي قطاع أو فئة. وكشف الراضي- الذي كان قد أقدم على «تعرية» بطنه احتجاجا على اتهام عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة له حينما قال خلال جلسة المساءلة الشهرية: «المغاربة يعرفون شكون اللي كرشو خاوية.. وشكون اللي كرشو ماخاوياش»- أنه في غياب إحصائيات رسمية تشير بعض المصادر، التي لم يحدد هويتها، إلى أن 96 في المائة من الشكايات المجهولة ثبت أنها شكايات كيدية. وتابع الراضي دفاعه بالقول: «لسنا ضد الشكايات التي تبلغ حقيقة عن جرائم أو خروقات أو أي ممارسات تشجع على الفساد، لكن التساؤل المركزي هو: من يرد الاعتبار إلى الأبرياء من الشكايات الكيدية، خاصة إذا كانت مجهولة وتروم تشويه شخص أو تصفية حسابات شخصية أو سياسية؟». وتابع متسائلا: «في الوقت الذي لا يعطى للشخص الذي تقدمت ضده الشكاية الكيدية المجهولة حق متابعة من تقدم بها، فهل هذه هي العدالة؟». وكانت الفرقة الوطنية قد باشرت بأمر من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، صباح يوم الاثنين المنصرم، عملية الاستماع إلى عدد من المسؤولين، ضمنهم مستشارون جماعيون ورئيس المجلس البلدي لسيدي سليمان، وعدد من رجال الأمن الحاليين والمتقاعدين. وتم الاستماع إلى هؤلاء المسؤولين على خلفية عدد من الرسائل المجهولة الموجهة ضد مسؤولين بالمنطقة، والمتعلقة بعدد من الملفات التي اتهموا بالتورط فيها. وكان لافتا التركيز على مجموعة من المستشارين في التحقيق معهم على مصدر ثرواتهم. كما شمل التحقيق مجموعة من المعروفين بالاتجار في الخمور وطبيعة العلاقة التي تربطهم برجال الأمن. إلى ذلك، دعا الراضي إلى فتح نقاش قانوني وفقهي جاد من أجل حل مشكلة المعضلة بعيدا عن المزايدات، ومنزهة عن الظرفية والمناسباتية كما قد يفهم البعض، في إشارة إلى استماع الفرقة الوطنية لمسؤولين بسيدي سليمان للتحقق من مصدر ثرواتهم، مشيرا إلى أن بعض المعنيين بالتحقيقات في سيدي سليمان هم خصوم سياسيون. وبعد أن تساءل رئيس الفريق الدستوري بالغرفة الثانية عمن ينصف هؤلاء المسؤولين في حال براءتهم، ويرد الاعتبار إليهم وإلى ذويهم عما لحق بهم من تشويه السمعة، اختار أن ينهي دفوعاته بالاستشهاد بالآية القرآنية: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، لكنه أخطأ في تلاوة الآية بعد أن استبدل لفظ «إن جاءكم» ب«إذا جاءكم»، مما أثار موجة من الضحك داخل قاعة الجلسات، قبل أن يتدخل رئيس الجلسة لتصحيح الخطأ.