في الوقت الذي لم تتكشف بعْدُ نتائج التحقيقات الإدارية التي باشرتها مصالح المندوبية العامة للسجون والتحقيقات القضائية، التي أسندت إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بخصوص واقعة إطلاق نار داخل سجن «عين قادوس» في فاس، عاد موضوع حمل السلاح ليُطرَح داخل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والمؤسسات السجنية التابعة لها، حيث عبّر عدد من موظفي المندوبية، خاصة المداومون في أبراج الحراسة، عن استيائهم من قرار حفيظ بنهاشم، المندوب العامّ، القاضي بتجريدهم من السلاح الناري (شودغان) وإلزام الموظفين المكلفين بتعزيز الحراسة أثناء جولاتهم في ممر الطواف بالاحتفاظ بالمسدّسات دون «طلقات نارية»، التي يُعهَد بها إلى موظف مرافق، فيما احتفظ رؤساء الخفر الذين يتكفلون بنقل المعتقلين صوب المستشفى أو بترحيلهم نحو سجون بالسلاح الناري المحشو بالطلقات. وأكدت مصادر مطلعة أنّ قرار المندوبية هذا جاء بعْدَ تعرّض مدير سجن «عين عائشة» في تاونات لمحاولة اغتيال على يد موظف عامل في طاقم الحراسة الليلية كان مداوما في برج المراقبة.. ولمّا ضبطه مدير السجن نائما أثناء جولة تفقدية حاول الموظف الإجهاز على رئيسه المباشر، بعد أن وجّه له طلقات نارية نقِل إثرها المدير إلى المستشفى وأحيل الموظف على جنايات فاس، التي أدانته بعقوبة حبسية. وأضافت المصادر ذاتها أنّ المندوبية العامة حاولت ربط تجريد الموظفين من السلاح باعتبارات أمنية في حال ما إذا تم انتزاع السلاح من طرف أحد المعتقلين ليكون حينها غيرَ محشو بالرصاص. وسعى حفيظ بنهاشم إلى تطوير ترسانة الأسلحة التي تتوفر عليها المندوبية العامة والتي لم تخضع، وفق مصادر «المساء»، لأيّ تجديد لعقود متتالية، وهكذا أبرمت المندوبية العامة صفقة تم بموجبها توريد مسدّسات متطورة زُودت بها المركبات السجنية الكبرى (عكاشة في الدارالبيضاء، الزاكي في سلا، السجن المركزي في القنيطرة) وهي المسدسات التي تشُلّ حركة الشخص من على بُعد خمسة أمتار دون إيذائه جسديا (شون مانيتيكْ). يشار إلى أنّ المندوبية العامة كانت قد عرفت واقعة اختفاء رصاصات خاصة بمسدّس شهدتْ أطوارَها دار الإيقاف في بنجرير، حيث تفاجأ أحد المسؤولين أثناء إشرافه على عملية تسليم وتسلم السلاح باختفاء رصاصات، ما دفع مصالحَ الأمن الإقليمي في قلعة السراغنة إلى الدخول على الخط، حيث أجريت تحقيقات ماراطونية دامت لسنين لم تكلل بالعثور على الرّصاصات المختفية، وهو ما دفع المندوبية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لحفظ الأسلحة والذخيرة. ويذكر أنّ كل مؤسسة سجنية تتوفر على سجلّ ممسك يسمى «سجل حمل السلاح» يدون فيه اسم الموظف ورقمه الإداري والمهمّة الموكلة إليه (الحراسة، الخفر، الترحيل) وكذا السلاح المسلم إليه وعدد الرصاصات، كما يحمل هذا السجلّ توقيع الموظف، ويعهد بهذا السجل إلى رئيس المعقل. ويُفترَض أن يطّلع مدير المؤسسة السجنية بانتظام على هذا السجل، فيما يتم الاحتفاظ بالأسلحة النارية داخل خزانة حديدية في عهدة المقتصد. وفي اتصال بحفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، قال إنّ هذا الأمر إجراء عادي ومعمول به في جميع المؤسسات السجنية في مختلف الدول، وهو بغرض الردع، علما أنّ موظفي السجون لا يستعملون الأسلحة النارية في الغالب، نظرا إلى عدم وجود أي تدخلات توجب استعماله.