سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أبو اللوز: قانون الأحزاب واضح ويمنع تأسيس حزب ذي مرجعية دينية الباحث في شؤون الحركات الدينية قال إن السلفية تفضل العمل الدعوي وسيناريو الانتقال للمجال السياسي وارد جدا
- هل يمكن قراءة التحركات الأخيرة لشيوخ السلفية الثلاثة على أنها مؤشر على رغبة في الانخراط في العمل السياسي؟ بداية، لا يجب اختصار هذا التيار في الشيوخ الثلاثة، فهناك مجموعة من التيارات غير البارزة في الساحة العمومية، لكنها منخرطة في العمل الدعوي وأيضا في العمل السياسي بشكل مستتر وخفي. فهناك تيار مراكش وأكادير وطنجة، والتيار السلفي الجهادي، الممثل في الشيوخ الأربعة. التصريحات الصادرة عن الشيوخ الثلاثة: الكتاني وأبي حفص والحدوشي، تذهب في اتجاه الاشتغال في العمل الدعوي، وعبروا عن ذلك بصفة صريحة، أما الشيخ الفيزازي فغير واضح في اتجاهه. لكن على مستوى آخر، هناك انخراط كبير في النقاش العمومي حول المواضيع التي تهم هذا التيار، كالحوار مع الناشط الأمازيغي أحمد عصيد حول الهوية المغربية، ثم النقاش الذي دار حول فتوى المجلس العلمي الأعلى ومواضيع دينية أخرى. ومن ثم، هناك انخراط في ما هو سياسي في مستوى أولي، من خلال الانخراط في النقاش العمومي. وبذلك، يمكن الحديث عن مستويين: الأول رسمي وليس فيه انخراط في العمل السياسي، وهناك المستوى غير الرسمي، الذي يوجد فيه انخراط في القضايا العمومية التي تهم هذا التيار. - لكن ألا ترى بأن هناك تحولا في الخطاب بعدما كانت السياسة في السابق بدعة بالنسبة لهذا التيار؟ يجب أن نميز بين الخطاب الديني الصرف والخطاب السياسي. فعلى المستوى الديني الصرف، هناك تحول، لأن النظرة المحافظة والمعيارية التي كانت تجاه المجتمع، لم يعد لها وجود الآن في الخطاب. فالخطاب البدعي والعدائي تجاه الأحزاب السياسية والحركات الإسلامية شهد تحولا، وتم الإعلان عن ذلك بصراحة، وهذا تحول إلى خطاب اعتدالي من الناحية الدينية، أو على الأقل هناك اتجاه نحو إلغاء التمايز بينهم وبين الخطاب الرسمي في هذا الاتجاه. ولكن على مستوى الخطاب السياسي الصريح، نستنتج من خلال التصريحات الرسمية الصادرة من الشيوخ الأربعة، أن هناك اتجاها عاما للاشتغال على المستوى الدعوة والديني. ولكن هناك إشكال في الخطاب الإسلامي، على اعتبار أن الدعوى لا تتميز عن السياسة، فصحيح أن هناك تمايزا، ولكن ليس بمعنى التمييز. ويذلك يمكن طرح السؤال حول حدود الخطاب الدعوي إن كان يشمل ما هو سياسي أم لا. إذن، هناك صعوبة في الخطاب الإسلامي والخطاب السلفي حول حدود التمييز ما بين ما هو دعوي وما هو سياسي. فهذا التيار على مستوى النقاش العمومي يتحدث في السياسة، لكن على مستوى العمل وتأسيس الأحزاب والخطوات العملية في السياسة فهذا غير موجود. وبالتالي، يجب أن نكون حذرين في استعمال كلمة الدعوة، لأنها تعني ما هو ديني وما هو سياسي واجتماعي وثقافي أيضا، وليس هناك تمييز بين هذه المجالات. - في السياق ذاته، لاحظنا مؤخرا نوعا من التنافس بين الأحزاب السياسية حول ملف السلفية. هل في ذلك محاولة لاستقطاب أتباع هذا التيار؟ صراحة، الاستقطاب الذي ظهر واضحا في الساحة السياسية المغربية هو التحالف الذي أقامه حزب العدالة والتنمية مع السلفية التقليدية، التي يتزعمها المغراوي، حيث دعا العدالة والتنمية هذا التيار صراحة إلى التصويت لصالح مشروعهم، وفي المقابل دعا المغراوي، مباشرة إلى التصويت لصالح من يدافع عن المرجعية الإسلامية. وبالتالي هذا التحالف مكن العدالة والتنمية من احتلال المرتبة الأولى في انتخابات 25 نونبر، وهو الاستقطاب السياسي الصريح الذي ظهر لنا. وهناك أيضا استقطاب آخر هو الاستقطاب الإيديولوجي، من خلال تعاون العدالة والتنمية مع السلفيين، خصوصا المفرج عنهم، في تنشيط الأيام الثقافية التي تعقدها حركة التوحيد والإصلاح على مستوى العديد من المدن. فهناك نوع من التقارب، لأنه على المستوى الديني، فالشيوخ الأربعة متمكنون أكثر من دعاة حركة التوحيد والإصلاح، خصوصا في الجانب الديني، في التعاطي مع القوى التي تعتبر عدوة للعدالة والتنمية كالقوى العلمانية. أما بالنسبة للنهضة والفضيلة مع الشيوخ الأربعة، فالمسألة غير واضحة، وهنا نسرد مثال عبد الباري الزمزمي، الذي صرح بأنه التجأ إلى هذا الحزب دون أن يعرف أعضاءه، بل إن بعض الأشخاص فقط هم من دفعوه لتقديم ترشيحه باسم هذا الحزب. ومن ثم، أظن أن مسألة النهضة والفضيلة لا يجب أن نعيرها أي اهتمام، لأنه ليس هناك مؤشرا يجعلنا نتحدث عن الاستقطاب. وعموما، يبدو أن هناك رغبة في العمل الدعوي من طرف الشيوخ الأربعة، وهناك استقطاب من طرف الجمعيات الإسلامية لهذا التيار من أجل مواجهة التيار العلماني بخصوص مجموعة من المواضيع، لأن الشيوخ الأربعة لهم من القوة على الجدل الإيديولوجي ما يكفي لمواجهة التيار العلماني. - ألا تعتقد بأن هذا العمل الدعوي هو بداية لسيناريو الانتقال نحو العمل السياسي؟ بكل تأكيد، لأن التجربة بدأت على مستوى تيار الإسلام السياسي مع الإخوان المسلمين في 1925، حيث انطلق بتيار دعوي يمارس العمل الخيري والإحساني، ثم تطور إلى عمل سياسي، وإن كان غير معترف به. إذن، فهذا السيناريو قوي وتعززه المعطيات، إذ أنه لا يوجد عمل إسلامي منذ الربع الأول من القرن العشرين إلى الآن لم يبدأ في المساجد والعمل الإحساني والخيري أو الثقافي، ثم يتحول فيما بعد إلى العمل السياسي، وبالتالي فهذا السيناريو وارد جدا. لنفرض جدلا أن المنتسبين للتيار السلفي قرروا - إنشاء حزب. هل الدولة مستعدة لتقبل هذه الخطوة؟ على المستوى الرسمي، ليس هناك استعداد أو تقارب، لأن الدولة تبنت منذ 2004 سياسة دينية تقوم على مغربة الدين، أو الدين القطري الخاص بالمغاربة وقطع الصلة مع كل ما يرد من تيارات عبر المشرق. ولكن على المستوى غير الرسمي، تبين لنا بأن التيار السلفي يفرض نفسه على المستوى الديني، وتمكن بعض من كبار شخصياته من ولوج المجلس العلمي الأعلى وله أعضاء مؤثرين فيه. كما تمكنوا من المشاركة في عدد من البرامج الدعوية والتثقيفية التي تقوم بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وبالتالي، هناك احتواء غير رسمي وسلس من طرف الدولة، لكن هذا التعامل لم يصل إلى مستوى السماح بتأسيس حزب سلفي، لأن قانون الأحزاب واضح ويمنع تأسيس حزب ذي مرجعية دينية.