أرخى قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال القاضي بالانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران بظلاله على اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، المنعقد صباح أمس الخميس. ووجد الفريق النيابي لحزب الاستقلال في ضرب النائب الاشتراكي عبد العالي دومو على وتر الاستقرار المؤسساتي كضامن لطمأنة المستثمرين، أثناء مناقشته تداعيات قرار الحكومة وقف 15 مليار من نفقات الاستثمار، الفرصة لتوجيه رسائل إلى من يهمه الأمر. واعتبر مصطفى حنين، عضو الفريق الاستقلالي بالغرفة الأولى، أن تغيير الحكومات شيء عادي، وقال إن «المغرب لا يمكن عزله عما يقع في جواره، فتونس ومصر عرفتا هزات، وتبدلت فيهما حكومات وحكومات في ظرف سنتين فلم لا يقع هذا في المغرب؟». حنين حاول إبعاد تهمة تهديد الاستقرار المؤسساتي عن حزب الاستقلال بعد قرار برلمان الحزب الانسحاب من الحكومة، مؤكدا أن حزبه كان دائما مع استقرار المؤسسات، وهو ما يبرر، حسب رأيه، عدم تردد الحزب في الإعلان عن المشاركة في الحكومة والتجربة الجديدة، مباشرة بعد ظهور نتائج انتخابات 25 نونبر 2011. وأضاف حنين «استجبنا للاستقرار السياسي والاجتماعي في وقته. وكان همنا الأساسي هو هذا الاستقرار، وهو الذي دفعنا اليوم إلى اتخاذ قرار الانسحاب بناء على الفصل 42 من الدستور»، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال اختار استعمال الفصل 42 من دستور المملكة الجديد عوض الفصل 47 ليس جهلا بالقانون الدستوري، ولكن لأنه يبحث عن الاستقرار المؤسساتي.
توضيحات حنين بشأن «الزالزال» الذي أحدثه قرار المجلس الوطني الانسحاب من الحكومة، لم تثنه عن التأكيد بأن فريقه لن يوقع شيكا على بياض لحكومة بنكيران فيما يخص الوضعية الاقتصادية الصعبة، وقال: «سنتكلم بنفس النبرة التي تحدثنا بها في أكتوبر الماضي بمناسبة مناقشة قانون المالية. ودورنا ليس التصفيق وإنما تقديم النصح»، مضيفا «نحن لسنا ضد إصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد كما يقال، لكن نريد من الحكومة أن تصرح أمام لجنة المالية بحقيقة الوضعية المالية». إلى ذلك، شن عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، هجوما حادا على حزب الاستقلال، واصفا «معارضته» للحكومة ب«قصف طائرة إف 16»، وقال: «بعد الجي 4 والجي 8 كنا أمام الإف 16.. منذ أكتوبر والحكومة تتعرض للقصف من الداخل.أنا مع جلد الحكومة وتقديم اقتراحات، لكن ضد أن نركب على النقد الذاتي ونمس الاستقرار». واعتبر بوانو خلال تدخله أن ممارسة الأحزاب اليوم هي نفس الممارسات التي سادت أثناء الخروج عن المنهجية الديمقراطية في سنة 1999، وعدم تنزيل الدستور. وأضاف موجها رسائل إلى الاستقلاليين: «يتعين ألا يكون هاجس صعود شعبية العدالة والتنمية أو هبوطها هو الذي يحركنا.. وأعتقد أنه إذا تغول الحزب هناك طرق لإعادته إلى جادة الصواب لا تهديد استقرار المؤسسات». وأوضح بوانو أن المؤسسة الملكية، وإن كانت ضامنة للاستقرار، فإن مجهودها وحدها غير كاف، مؤكدا أن على الأحزاب الاتصاف بالوضوح والالتزام، وأضاف «اليوم نحن أكثر حاجة إلى تفعيل مسؤوليتنا. ولا يمكن أن نتخذ القرارات خارج المؤسسات، ونحارب كل من أراد الانحراف»، مشيرا إلى أن الخطاب السياسي اليوم لا يدعم الاستقرار السياسي. وفيما اعتبرت ميلودة حازب، النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن قرار حذف 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار ستؤثر على القطاع الخاص وعلى ثقة المستثمرين، تساءل دومو عن مستقبل استقرار المؤسسات السياسية في المغرب عقب قرار برلمان حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة، مشيرا إلى أن الجواب عن الاستقرار المؤسساتي هو الذي يطمئن المستثمرين، ويجعل المغرب يلجأ إلى المؤسسات المالية للاقتراض بفوائد منخفضة. واعتبر البرلماني الاشتراكي أن نقطة قوة المغرب هي الاستقرار المؤسساتي، مشيرا خلال تدخله إلى أن إصلاح الجهوية الموسعة وهم سيخيب آمال المغاربة في أي إصلاح أو استراتيجية. وأوضح بأنه على الرغم من الإصلاح، فإن كل الجهات ستتصرف في 5 في المائة من مخصصات الدولة وتبقى 85 في المائة للدولة، مما يبقي الأوضاع على ما هو عليه اليوم.