لفظ البائع المتجول، الذي أضرم النار في جسده مساء السبت الماضي في مراكش، أنفاسه الأخيرة متأثرا بالحروق التي لحقته، الأمر الذي أثار غضب أسرته وجيرانه، التي خرجوا في مسيرة قطعوا خلالها حركة السّير في حي «السعادة». وحسب مصادر قريبة من الملف، فقد تلقت أسرة مبارك الكاروسي (35 سنة) القاطن بدوار السراغنة الصغير، أول أمس الاثنين، نبأ فاجعة وفاة البائع المتجول، لتهرَع صوب مستشفى ابن طفيل، حيث صُدموا بصحة النبأ المؤلم. انتقل أفراد الأسرة صوب مستودع الأموات لتسلم جثة مبارك، وبعد أن أجري التشريح، وكانت الاستعدادات تجرى لتسلم جثة الضحية لدفنها، خرج أحد المستشارين الجماعيين في مجلس مقاطعة جليز وأحد المُقرَّبين من الرئيسة، ليمنع أحد أفراد أسرة الضحية من التوقيع على محضر التسلم إلى حين الحصول على تعويض أو «كريمة»، هذا الأمر جعل أسرة الكروسي تعدل عن التوقيع، ويخرج العشرات من أفراد العائلة، مصحوبين بأبناء الحي في مسيرة في حي «السعادة»، رافعين الأعلام الوطنية وصور الضحية، مُردّدين شعار «الشعب يريد إنصاف المُواطن».. وساد استنفار أمني ساد في تجزئة «السعادة»، بعد أن نصب المحتجّون حاجزا بشريا وأوقفوا عربات وسط الطريق الرئيسية، مانعين كل السيارات والدراجات والحافلات من المرور.. لكن تقدّم المسيرة في اتجاه الدائرة الأمنية ال16 جعل رجالَ الأمن بزيّ مدني على أهبة الاستعداد ل»حماية» المنشأة، دون أن تلجأ السّلطات إلى حشد مزيد من عناصر القوات العمومية إلى المكان، تفاديا لأيّ مواجهات يمكن أن تندلع بمجرد ظهور سيارات الأمن.. وبعد مفاوضات بين أحد أبناء الحي وبعض أفراد الضحية والمحتجّين، قرر الجميع العودة إلى منازلهم وتجنيب المنطقة أحداثَ عنف كان من المتوقع أن تندلع لولا «ضبط النفس» من قِبَل الجميع. ومن المتوقع أن تكون أسرة مبارك قد تسلمت الجثة لدفنها. وقد بدأت تفاصيل الحادث عندما أقدم بائع متجول في مراكش على إضرام النار في جسده، بعد أن منعته السلطات المحلية من عرض سلعته في الشارع العامّ. وحسب معلومات، فإنّ الضحية تقدم في اتجاه المكان، الذي كان يقف فيه خليفة قائد منطقة «السعادة»، حاملا قنينة مملوءة بالبنزين، وهو في حالة هستيرية، قبل أن يقترب من باعة متجولين يعرضون الفواكه والخضر ويضرم النار في جسده. وقد كان مبارك، الشاب الأعزب، يصرخ وسط النيران مستنكرا ما اعتبره «حكرة» مارسها عليه بعض ممثلي السلطة، قبل أن يشرع في طلب الإنقاذ، بينما عمد بعض الباعة إلى جلب الأغطية البالية وقنينات إطفاء النار، وشرعوا في محاولة إنقاذ «مبارك»، الذي «التهمته» النيران.