«دم المرحوم خالد في رقبتهم» يقول أحد مستخدمي الحراسة بشركة «ريضال» وهو يتحدث عن أحد زملائه الذي مات بحسرته بعد أن اتخذ في حقهم قرار بالتوقيف الجماعي. العمال وجدوا أنفسهم وجها لوجه أمام محاولة للتخلص منهم، علما بأن بعضهم ل له أقدمية تعود إلى سنة 1987، بعد أن بدأ العمل مع الوكالة المستقلة لتوزيع الكهرباء قبل أن يتم إبرام صفقة التدبير المفوض للماء والكهرباء لصالح شركة «ريضال» التي تعد المشغل الأصلي لهم حاليا. العمال يقولون إن شركة «ريضال» تحاول التخلص منهم، بعدما عمدت إلى حذف بعض البنود من دفتر التحملات الخاص بصفقة الحراسة التي أبرمت مع شركات جديدة سنة 2008، وهي البنود المتعلقة بالاحتفاظ بالعمال واستقرارهم في مناصبهم وأعطت للمقاولتين الجديدتين اللتين رست عليهما صفقة الحراسة حرية الاختيار بين العمال. «الإنسان رخيص في المغرب إلى درجة يسهل على البعض الدوس على كرامته، وحرمانه من طرف الخبز الذي يعيل به أبنائه» يقول مستخدم بالحراسة قضى أزيد من عشر سنوات في خدمة الشركة. العمال نظموا أزيد من 6 وقفات احتجاجية كما راسلوا عدة جهات من بينها وزارة الداخلية، وولاية الرباط ووزارة التشغيل، من أجل قطع الطريق على المحاولات الرامية لتجريدهم من حقوقهم ومنها الأقدمية، من خلال إعادة دفتر التحملات إلى ما كان عليه سنة 2004، وكذا المطالبة بالالتزام بالقانون الاجتماعي والاحتفاظ بجميع العمال، حماية لأسرهم من التشرد والضياع. يقول عامل حراسة: «لقد صرت شخصا غريبا عن أبنائي بفعل ساعات العمل التي تمتد إلى نصف يوم، علما أننا نتقاضى أجرا عن ثمان ساعات». ما يحز كثيرا في نفس العمال هو أنهم يقارنون بين تعامل الأجانب المسؤلين عن الشركة السابقة، وبين تعامل المسؤولين المغاربة، يقول أحدهم لمدة «لم نكن نتوقع أن تمارس علينا «الحكرة» من طرف أبناء بلدنا»، بعد أن اشترطت المقاولتان الجديدتان إمضاء عقد عمل مؤقت في إطار فترة تدريبية، وتشغيل العمال 12 ساعة في اليوم، والسماح بفسخ العقد بإرادة المقاولة المنفردة مع إشهار ورقة التوقيف بين الحين والآخر. هناك إجماع وسط العمال على أن «ريضال» تحاول أن تتخلص من واجباتها تجاههم وأصبحت تتعامل معهم كعبء ثقيل رغم السنوات التي قضوها في خدمتها والتضحيات التي قدموها، لذا لجأت إلى تفويتهم لشركة خاصة بدفتر تحملات تم إعداده بشكل يضمن تجريدهم من كافة حقوقهم، تمهيدا لتسريحهم فيما بعد. عدد كبير من المستخدمين بالحراسة لدى شركة «ريضال» مجازون أو ذوو مستوى عال من التعليم، أجبرتهم الظروف الاجتماعية الصعبة على العمل في مجال الحراسة، كما أن نسبة مهمة منهم لديهم قروض بنكية، أو مصابون بأمراض مزمنة أو يعيلون أسرا مكونة من عشرة أفراد. تقول مستخدمة مجازة في الحقوق: «لم أختر هذه المهنة، الظروف أجبرتني على ممارستها، ليس هناك من يستطيع أن يبقى واقفا على قدميه 12 ساعة في اليوم ليلا ونهارا، كل هذا كنا نتعايش معه لكن أن تتم محاولة تشريدنا فهذا أمر سنقاومه بكل قوة». مستخدم آخر متزوج وله ثلاثة أبناء قال ل»المساء» إن «ريضال شركة فرنسية فهل تستطيع أن تقوم بنفس التصرف مع مستخدميها بفرنسا»، وتساءل: «لماذا يتم التعامل معنا في بلدنا كعبيد». العمال يتناوبون على الحراسة بفوجين، الأول يبدأ من السابعة صباحا إلى السابعة مساء، ثم يليه الفوج الثاني من السابعة ليلا إلى الساعة السابعة صباحا، كما أن العمل لا يقتصر على مهام الحراسة، بل يتولى المستخدمون أيضا مهام الاستقبال والإرشاد دون أي تعويضات أو تحفيزات.