يلجأ المغرب حاليا إلى سياسة المماطلة في تدبير ملف الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي، فبعد أزيد من شهرين تقريبا على انعقاد الجولة السادسة من المفاوضات، مازال الطرف الأوربي ينتظر من الحكومة المغربية تحديد تاريخ لعقد جولة سابعة من المفاوضات يتم فيها الحسم في الاتفاق. وتؤكد مصادر موثوقة من وزارة الفلاحة والصيد البحري أن المغرب يسعى من خلال التأخر في الرد على الأوربيين إلى الضغط أكثر على بروكسيل ودفعها إلى تقديم مزيد من التنازلات، مشيرا إلى أن السلطات المغربية أكدت مرارا أنها لن توقع اتفاقا جديدا للصيد إذا لم يكن في صالحها بنسبة مرتفعة جدا. بالمقابل، تعتبر ماريا داماناكي، المفوضة الأوربية للشؤون البحرية والصيد، أن عددا من البلدان بدأت تستشعر تأخرا ملموسا في التوصل إلى اتفاق جديد، مؤكدة أن الموقف المغربي الحالي لا يجب أن يستمر كثيرا، وأن الضغوط لا يجب أن تمارس على مفوضية التجارة الأوربية بقدر ما يجب أن تمارس على البرلمان الأوربي، الذي عرقل سابقا تمديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب. ويرى رئيس مجموعة الصداقة الاتحاد الأوربي-المغرب بالبرلمان الأوربي، جيل بارنيو، أن اللجنة الأوربية تتعامل مع موضوع المفاوضات حول تجديد اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوربي والمغرب وفق «مقاربة ذات نتائج عكسية». وأبرز أنه «من أجل معالجة هذا الملف بهدوء وبدون صراعات لا طائل منها ينبغي تغييب أي إشارة إلى الصحراء المغربية من جولة مفاوضات المفوضية الأوربية، كما اقترحت ذلك الرئاسة الدنماركية في يناير الماضي». بالمقابل، يعتبر النائب الاشتراكي الفرنسي أن التطرق إلى النزاع حول الصحراء في إطار المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد للصيد البحري يعتبر خلطا تترتب عنه نتائج عكسية، وأن من شأن ذلك إلحاق الضرر بمصداقية الاتحاد الأوربي في دعم الانتقال الديمقراطي في بلدان حوض الأبيض المتوسط. وأضاف أن اللجنة الأوربية تأخذ بمواقف بعض المجموعات السياسية في البرلمان الأوربي، «التي تستغل قضية الصحراء»، موضحا أن الرأي الذي يقول إن الساكنة المحلية في الأقاليم الجنوبية لا تستفيد من الاتفاق لا يصمد أمام الزيارات الميدانية. وتضغط إسبانيا بقوة من أجل توصل الاتحاد الأوربي إلى اتفاق جديد مع المغرب، حيث قال الأمين العام للكونفدرالية الإسبانية للصيد البحري إن مهنيي الصيد البحري الإسبانيين يعتبرون من المهم تجديد هذا الاتفاق عاجلا، وقبل أن يتم وضع الترتيبات النهائية على المساعدات التي تمنحها الحكومة الإسبانية للصيادين المتضررين من تعليق الاتفاق. وتبقى مخاوف المسؤولين المغاربة من موقف البرلمان الأوربي حاضرة بقوة، خاصة مع اللغة التي تحدث بها مسؤولون كبار في البرلمان، مؤخرا، حول تدبير المغرب لقضية الصحراء وانعكاسات ذلك على الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوربي. وكشفت مصادر موثوقة ل«المساء» أن المسؤولين المغاربة يضعون نصب أعينهم موقف البرلمان الأوربي أكثر مما يركزون على المفاوضات الجارية حاليا بين اللجان التقنية، حيث يرون أن المفاوضات ستمر بشكل جيد وسيتم خلالها الاتفاق على جميع نقاط الخلاف، غير أن ما لا يمكن ضمانه هو تصويت البرلمان الأوربي لصالح الاتفاق، والذي يخضع بشكل كبير للأجندة السياسية.