في أجواء يشوبها الحذر انطلقت أول أمس الأربعاء ببروكسيل جولة جديدة من مفاوضات الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، حيث التقى الوفد المغربي بمسؤولين في المفوضية الأوربية التي تدعم الاتفاق، مقابل موقف غير واضح من قبل البرلمان الأوربي. وأكد الناطق باسم المفوضية الأوروبية المكلف بالشؤون البحرية والصيد، أوليفر دريويس، انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات بين الاتحاد الأوربي والمغرب من أجل إبرام بروتوكول شراكة جديد في قطاع الصيد، قائلا في تصريحات صحافية: « بدأ الاجتماع، والمفاوضون الأوربيون والمغاربة يبدون إرادة جيدة من أجل تحقيق تقدم بهذا الخصوص». وأضاف دريويس «نتطلع إلى أن تسفر هذه الجولة التي تستمر ثلاثة أيام عن نتائج»، مؤكدا على الانخراط القوي للمفوضية الأوربية في هذه المفاوضات. ومن المنتظر أن يتطرق المفاوضون المغاربة، في هذا الاجتماع، مع نظرائهم الأوربيين، إلى إمكانات الصيد المتاحة حسب الفئات التي يمكن اصطيادها. كما سيركزون على ضرورة التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن فيما يتعلق بكميات الصيد المستخرجة والأرباح والمقابل المالي. وكانت رئاسة مجلس أوروبا أعربت، الأسبوع الماضي، عن أملها في تحقيق تقدم فيما يتعلق باتفاقات الشراكة في مجال الصيد مع الدول الشريكة، خصوصا الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه مع المغرب. بالمقابل، مازالت مخاوف المسؤولين المغاربة من موقف البرلمان الأوربي حاضرة بقوة، خاصة مع اللغة التي تحدث بها مسؤولون كبار في البرلمان، مؤخرا، عن تدبير المغرب قضية الصحراء وانعكاسات ذلك على الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوربي. وكشفت مصادر موثوقة ل«المساء» أن المسؤولين المغاربة يضعون نصب أعينهم موقف البرلمان الأوربي أكثر مما يركزون على المفاوضات الجارية حاليا بين اللجان التقنية، حيث يرون أن المفاوضات ستمر بشكل جيد وسيتم خلالها الاتفاق على جميع نقاط الخلاف، غير أن ما لا يمكن ضمانه هو تصويت البرلمان الأوربي لصالح الاتفاق، والذي يخضع بشكل كبير للأجندة السياسية. وقالت المصادر ذاتها إنه كان من الممكن تمديد اتفاق الصيد البحري السابق مع الاتحاد الأوربي، لولا تغير مواقف بعض برلمانيي الاتحاد خلال اللحظات الأخيرة للتصويت، حيث إن المغرب، وإلى حدود الليلة التي سبقت يوم التصويت، كان على ثقة تامة من تمرير الاتفاق والحصول على موافقة البرلمان، إلا أن الضغوطات التي مورست على بعض البرلمانيين جعلتهم يغيرون مواقفهم في آخر لحظة. ولم تستبعد المصادر نفسها أن يمر اتفاق الصيد البحري الجديد بنفس الظروف، وبالتالي يجد المغرب نفسه، وبعد مفاوضات ماراطونية، خارج حسابات الاتحاد الأوربي، مشيرة إلى أن الجديد الذي استطاع المغرب كسبه في المرحلة الحالية من المفاوضات هو دفاع الاتحاد الأوربي عن الاتفاق بالشكل نفسه الذي يدافع به المغرب عن الاتفاق، لكن ما عدا هذا فإن الظروف لم تتغير. وعقدت الجولة الأولى من المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوربي في نونبر من العام الماضي بالرباط بعد سلسلة من اللقاءات الاستكشافية سمحت برسم حدود هذا الاتفاق.