سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
احزرير: هناك إحباط لدى النخب بعد رهن موعد الانتخابات الجماعية بصراعات الأغلبية الباحث في العلوم السياسية قال إن استمرار الجمود يفرض على بنكيران البحث عن انتخابات سابقة لأوانها
جعلت التأجيلات الغامضة لموعد الانتخابات الجماعية معظم الجماعات المحلية، خاصة بالمدن الكبرى، شبه مشلولة، إذ يلجأ معظمها إلى تقنية عدم اكتمال النصاب من أجل تجاوز تطاحناتها التي لا علاقة لها بمشاريع تنموية، بقدر ما هي تسخينات في انتظار الإعلان عن موعد الانتخابات الجماعية المقبلة التي أصبحت في حكم المجهول. هذا التأخير المتكرر ربطه البعض بحذر من جانب الحكومة التي تعمدت تأجيل تنزيل القوانين التنظيمية التي ستمهد لإجراء الانتخابات الجماعية، بعد أن وجدت نفسها في مواجهة أزمة دفعتها لاتخاذ بعض القرارات اللاشعبية، ومن ثم فإن الهاجس الانتخابي يبدو حاضرا بقوة في تعبيد الطريق لانتخابات جماعية، يعول عليها لتشكل قطيعة مع تاريخ العمل الجماعي بالمغرب بكل سلبياته التي حولته إلى نموذج للفساد، ولتفريخ ممارسات تهدف إلى الاغتناء على حساب المال العام ومصلحة الساكنة وصورة المدينة المغربية، بحكم أن الجماعات المحلية هي التي تمارس سياسة القرب وتعطي للمواطن صورة حقيقية عن واقع الفعل السياسي. في هذا الإطار، يؤكد عبد المالك احزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس أن حالة الجمود لا تتعلق فقط بالجماعات المحلية فقط، بل هناك مؤسسات دستورية معطلة إلى الآن، وقال إن تسريع الحكومة بإجراء انتخابات جماعية كان من شأنه أن يعطي للجماعات الترابية نفسا جديدا، لكن عدم تفعيل ذلك ولد خيبة أمل على المستوى المحلي، مشددا على أنه كان بالإمكان ربح سنة من العمل الحكومي، وبدء العمل في النشاط العمومي الذي جمد حاليا بعد أن أصبح رهينا للصراعات الداخلية. وقال احزرير إن النخب المركزية ربحت انتخابات ودستورا جديدا، في حين أن النخب المحلية لم تصل إلى أي آثار من موجة التغيير، ولم يتم خلق آليات جديدة لضمان جريان النخب على المستوى المحلي، وهو ما قد يقود إلى رد فعل عقابي سينصب على النخب المركزية، وستمتد تداعياته على المستوى الحزبي والرأي العام المحلي. كما حذر احزرير من رهن موعد الانتخابات الجماعية بالصراعات الحزبية والتجاذبات من أجل كسب المواقع على حساب الحلفاء، واعتبر أن نتائج ذلك ستكون كارثية، بحكم أن الانتخابات لها وظيفة استقرارية في المجتمع. وقال احزرير إن الإنتاج الحكومي يكون دائما في الأنظمة البرلمانية رهينا بالاختيارات الحزبية، حيث يوجد دائما قادة الأحزاب في الحكومة، في حين تتموقع القواعد في البرلمان، مشددا على أن بنكيران كرئيس للحكومة، لم يستطع صناعة أغلبية حكومية بطريقة مريحة، لذا نرى لغة المعارضة حاضرة داخل الجسم الحكومي، بشكل يجسد حالة فصام، وشيزوفرينيا سياسية، عطلت عمل الحكومة في تفعيل الدستور وإنتاج القوانين والمراسيم، لكون القراءة لم تعد قراءة حكومية، بل قراءة حزبية لذا نجد كل طرف «كيلغي بلغاه». واعتبر احزرير أن تفعيل هذه القوانين وتأخيرها رهين بمكونات الأغلبية، لذا على بنكيران (يضيف) إما الحصول على أغلبية حكومية مريحة تشتغل بمنطق التضامن الحكومي، أو الاتجاه نحو انتخابات سابقة لأوانها لتفادي حالة الشلل الحالي، بعد أن تم تعطيل عدة مشاريع، ولم يتم تنزيل عدة مؤسسات دستورية، مما يعطي دليلا واضحا على أن خارطة الطريق التي وضعها بنكيران للإنتاج التشريعي، أصيبت بعطل قد يصبح مزمنا، أو من الصعب إصلاحه على المدى القريب أو المتوسط، بفعل استمرار الحسابات الحزبية والاختلافات والمراهنات على مستوى الأداء الحكومي. وحذر احزرير من أن استمرار هذا الوضع سيزيد من حجم الإحباط بعد أن أخفقت الحكومة إلى حد الآن، في أن تكون في مستوى التطلعات والآمال التي جاء بها الدستور الجديد، وهو إحباط يطال شريحة مهمة من الرأي العام، كما يمس الناخبين الذين ساندوا العدالة والتنمية ما سيكون له تأثير على الحزب الأغلبي. وأضاف «لم تظهر في الأفق أي علامات تشير إلى أن الحكومة لها الرغبة في تغير استراتيجيتها من أجل تدارك التأخر الكبير الحاصل على مستوى تنزيل القوانين التنظيمية»، فبنكيران، حسب احزرير، لازال يتعامل كرئيس حزب، رغم أن المفروض فيه هو التصرف كرئيس حكومة، لكنه يغلب المنطق الحزبي، وهو الأمر نفسه الذي انتقلت عدواه إلى باقي القادة الموجودين في التحالف الحكومي، إذ أكد أن العنصر ورغم تجربته ربما يميل إلى تبني المقاربة الحزبية بضغط من قواعد الحزب في ظل بعض المشاكل التي يعاني منها حزب السنبلة، وهو ما جعل العنصر كوزير للداخلية يقرأ أجندة الانتخابات وفق قراءة حزبية. كما أن نبيل بنعبد الله، حسب احزرير، يتخوف من تكرار سيناريو الانتخابات التشريعية التي مني فيها حزبه بخيبة أمل، لذا نلاحظ توجها لكسر شوكة بعض الفرقاء على أمل حصد بعض المكاسب الحزبية، في حين ذهب حزب الاستقلال أبعد من ذلك وخرج عن المنطق السياسي، حيث يوظف أمينه العام قبعة الحزب والنقابة معا، من أجل تكريس عدم التوافق وطرح نفسه كبديل، رغم أن الواقع يقتضي إما البقاء في قطار الحكومة أو المغادرة.