كشفت مصادر موثوقة ل»المساء» عن تفاصيل عمليات الاستماع، التي قام بها قسم مكافحة الجرائم المالية والاقتصادية، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مع مسؤولين بشركة استغلال الموانئ «مرسى ماروك» حول بعض الخروقات التي وردت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات. وقالت المصادر ذاتها إن أسئلة المحققين تركزت خلال جلسات الاستماع الأولى حول ملف «ساجيتيك»، وهو النظام الخاص بالتشغيل الأوتوماتيكي لتسيير محطات الحاويات بميناء الدارالبيضاء، الذي تم اقتناؤه في إطار الصفقة رقم 20/DG/2003 بمبلغ يقدر ب1201700 أورو، انضافت إليه مبالغ أخرى بشكل غير مبرر حددت في 18310 أورو و137243 أورو، موضحة أن المثير في هذه الصفقة هو عدم تشغيل عدد مهم من خدمات ووظائف هذا النظام، رغم الحاجة الملحة لميناء الدارالبيضاء إليه. وأضافت المصادر ذاتها أن الهدف من اقتناء نظام «ساجيتيك» كان هو التحكم الفوري والأوتوماتيكي في عمليات تخزين الحاويات، وأنه كان من المفروض أن يساهم في تحسين استعمال المعدات واستغلال أفضل للمساحات المخصصة للتخزين، خاصة أنه يعتمد على نظام تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية «جي بي إس»، الذي يمكن من تحديد مكان كل حاوية بدقة منذ إخراجها من الباخرة إلى حين شحنها وخروجها من الميناء، غير أن عدم تشغيل مجموعة من وظائفه تركه بدون جدوى، تضيف المصادر ذاتها. وتوسعت جلسات الاستماع اللاحقة، التي استدعي إليها مدير استغلال ميناء الدارالبيضاء ومدير الشؤون القانونية ومدير إحدى المصالح بالميناء نفسه، حسب ما جاء على لسان مصادر «المساء»، لتشمل جميع الملفات التي تطرق إليها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، خاصة تلك المتعلقة بالصفقات التي تم إبرامها من قبل الإدارة العامة، والتي لوحظ أنها لا تحترم قانون الصفقات العمومية، حيث إن ثلاث شركات معروفة استفادت من حوالي 72 صفقة تم إبرامها بين 2007 وأبريل من سنة 2009. وأكدت المصادر نفسها أن المحققين ركزوا كذلك على ملف الدراسات التي طلبها مكتب استغلال الموانئ، والتي لم يتم إنجازها من طرف الشركات المتعاقدة، رغم حصول هذه الشركات على جميع مستحقاتها، مشيرة إلى أن هذا الملف يشمل عددا مهما من الدراسات التي كلفت ميزانية المكتب مبالغ طائلة. واتصلت «المساء» بمدير استغلال ميناء الدارالبيضاء من أجل الحصول على تصريح بخصوص موقفه من الملف، إلا أنه رفض الحديث في الموضوع، نافيا أن تكون الفرقة الوطنية استمعت إلى أي مسؤول في «مرسى ماروك»، ومؤكدا أن الملف الذي وضعه المجلس الأعلى للحسابات «فارغ». على مستوى آخر، علمت «المساء» أن الفرقة الوطنية توصلت بوثائق جديدة في الملف يمكن أن تسرع التحقيقات الجارية بهذا الخصوص، ويمكن أن تفجر فضائح جديدة. وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات سجل، كذلك، أن تقارير انتهاء الصفقات الخاصة بتلك التي يتجاوز مبلغها مليون درهم لا يتم إنجازها، خلافا لما ينص عليه نظام الصفقات الخاص بالشركة. وبخصوص إدارة الاستغلال بميناء الدارالبيضاء، فإن هذه التقارير لا تشير، رغم إنجازها، إلى مكان الأشغال والمنشآت التي تهمها هذه الأشغال بالنسبة لصفقات الصيانة الخاصة بالهندسة المدنية، يضيف تقرير المجلس الأعلى للحسابات. ويشير التقرير ذاته إلى أن الصفقات، التي يتجاوز مبلغها خمسة ملايين درهم، لا تُنجز بشأنها المراقبات والتدقيقات الداخلية المنصوص عليها في نظام الصفقات الخاص بالشركة.