تُمثل التغذية بالنسبة للعديد من المغاربة مصدر مشاكل لا حصر لها، كالشره المرضي وفقدان الشهية والسمنة، ناهيك عن مجموعة من الأمراض المتأثرة بالغذاء كأمراض القلب والشرايين، والأمراض السرطانية، والأمراض التنكسية، والحساسية، والتعب واضطرابات النوم... واللائحة طويلة للعديد من مصادر المعاناة التي يعيشها المغربي يوميا، نظرا لعدم وعيه بالعلاقة القائمة بين نظامه الغذائي والأمراض التي يعاني منها. ولا ننكر أننا قد نخطئ أحيانا في إيصال المعلومة إليك، فلا نُسمعك إلا العبارات الصادمة من جنس حذار من الكولسترول، تجنب هذا الغذاء فهو يحتوي على مواد مسرطنة، أو بعض المعلومات التحذيرية التي تصل عبر الإعلام أو الأنترنت، والتي تدفعك للإسراع في تجنب معظم الأغذية، التي سرعان ما تعود إليها بشراهة، لأن الامتناع عنها كان سببا في إحساسك بالحرمان، لذلك تختار حلا آخر للتخفيف من ألمك، وهو اللجوء إلى الاستهلاك اليومي والمكثف لمختلف أنوا ع الأدوية. إن سبب كل هذه المشاكل يكمن ببساطة في الجهل، جهل أنت مسؤول عنه، كونك لا تبحث ولا تثقف نفسك فيما يفيدك ولا تبذل أي مجهود من أجل ذلك، وحتى إن وصلت إليك المعلومة بطريقة أو بأخرى، فسرعان ما تنساها أو تتناساها، وجهل تتحمل وسائل الإعلام والإشهارات مسؤوليته، كونها تدفعك للاستهلاك غير المقيد لمواد غير معدة لتغذيك، بل لا يهمها إلا الرفع من أرباح الشركات التي تبيعها، ولأن هدف هذه الشركات هو الربح وليس صحة المستهلك، فهي تبحث عن تحضير منتوجات يمكن حفظها أطول مدة ممكنة وتصنيعها بتكلفة أقل. ومن أجل الوصول لهذا الهدف، تغمر الأغذية بالمواد الكيماوية الحافظة التي تتفق جميعها في نقطة واحدة، هي خفض مناعة مستهلكيها، باعتبار أن جميع المواد الكيماوية عدوة للمناعة. لقد طال التلوث المياه والجو والتربة، بل وصل حتى لأجسادنا في ظل هذا الوضع الخطير، فعلينا على الأقل تجنب كل ما يهدد صحتنا. وكم هو مؤسف أن تكون المعلومة في علم التغذية مصدر إحساسنا بالذنب، فمثلا إن شرحنا لكم أن الشوكولاطة تحتوي على 50% من السكر الأبيض وأن هذا الأخير ضار للجسم فماذا ستفعلون؟ على الأرجح سوف تكون ردة فعل غالبيتكم هي الاستمرار في استهلاكها، لكن مع الإحساس بالذنب وبأنك تضر نفسك، وهذا الموقف هو أكبر وأخطر من تناول السكر الأبيض نفسه!
إيمان أنوار التازي أخصائية في التغذية والتحاليل الطبية [email protected]