في بداية هذا الشهر نشر في مواقع الجهاد العالمي «قسم ولاء» علني لمنظمة «جبهة النصرة» المنظمة الأصولية السورية الكبرى، التي تشكل جزءا من جيش الثوار السوريين لزعيم القاعدة العالمي، الظواهري. ومنذئذ تعصف الصحافة العربية بينما في دمشق الأسد يحتفلون. ها هو البرهان، كما يقولون هناك، بأنه في قلب الثورة السورية لم يكن عصيان مدني بل عصابات من الجهاد العالمي، تحاول السيطرة على سوريا. قسم الولاء الذي يعرف في الإسلام ب«البيعة» هو تعبير عميق. منذ وفاة النبي محمد والمؤمنون يمنحون «بيعتهم» للخليفة. والمعنى هو الطاعة وقبول الإمرة دون جدال للزعيم الروحي أو الروحي السياسي. في قسم لا بأس به من الحالات كانت «البيعة» سرية. في هذه الحالة حبذ زعيم المنظمة السورية المتطرفة، الجولاني، أن ينشر «البيعة» تحت اسمه، علنا ليقول: نحن مرتبطون ونعمل تحت علم القاعدة العالمي. وبالمناسبة فإن «الجولاني» هو اسم سري يرمز إلى المكان الذي جاء منه الرجل. أي أنه من هضبة الجولان، الأمر الذي يضمن أن تكون لجبهة النصرة مصلحة استثنائية ليس فقط في دمشق بل وفي هضبة الجولان. هكذا بحيث إن الفرضية الأساس التي تقول إن الحدود الإسرائيلية السورية ستشهد إنذارات دائمة من الإرهاب هي في مستوى من المعقولية عال للغاية. ولا يمكن لحكومة إسرائيل أن تدفن رأسها في الرمال وتنتظر إلى أن تنقضي العاصفة خلف الحدود. فوق هضبة الجولان يلوح منذ الآن علم أسود، يهدد إسرائيل والأردن على حد سواء. وتوجد مشكلة أخرى: ذات المنظمات الإسلامية المتطرفة السورية تدعمها دول عربية «لطيفة» نسبيا، مثل قطر والسعودية. أما الولاياتالمتحدة، لسبب ما، فلا تمارس كامل نفوذها على هذه الدول كي تسحب دعمها الاقتصادي عن منظمات تعرض السلام في الشرق الأوسط للخطر. وفي هذه الأثناء فإن «البيعة»، التي نشرت، تنال الزخم في وسائل الإعلام العربية. وتورط هذه القصة الجيش السوري الحر، الذي يعرض نفسه كجسم ديمقراطي جاء ليحل محل نظام فاسد من الأقلية العلوية. وحقيقة أن قسما كبيرا من هذا الجيش يرتبط بالقاعدة تضعه في ضوء إشكالي جدا. للأمريكيين توجد مشكلة: فهم يريدون تسليح الثوار، ولكن لا يعرفون إلى أين سيصل هذا السلاح بالضبط. وتعرض الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية كأدوات فارغة حيال روسيا والصين اللتين تدعيان فتقولان: من تدعمون؟ الإرهاب الإسلامي؟ ألم تفهموا بعد أي ضرر ألحقتموه حين دعمتم إسقاط القذافي ورفعتم العصابات الأصولية في ليبيا وحين تدعمون الثوار في أفغانستان ورفعتم الطالبان؟ الآن أنتم تتجهون نحو ارتكاب الخطأ ذاته في سوريا. وإذا لم يكن هذا كافيا، فقد نشر في مواقع الجهاد العالمي، وحصل على الفور بالعطف في وسائل الإعلام العربية، بيان من زعيم الفرع العراقي للقاعدة، والذي يسمى «البغدادي». فقد أعلن هذا الأخير بأن جبهتي القاعدة تلك التي تقاتل في سوريا والتي تقاتل في العراق تتحدان في جبهة واحدة، وإنها تبعث بالمقاتلين من العراق لتعزيز مقاتلي «جبهة النصرة السورية». في إسرائيل يعرفون هضبة الجولان كجبهة عادت لتكون عنيفة وغير مستقرة. وفي نفس الوقت يتابعون هنا بقلق العلاقات الناشئة بين تلك المنظمة السورية المتطرفة التي أعلنت عن ولائها للقاعدة وبين مجموعة مجنونة أخرى في سيناء تنتمي للجهاد العالمي وتسمي نفسها «مجلس الشورى جناح القدس». ونفذت هذه المنظمة حتى الآن 12 عملية ضد إسرائيل. والآن، عندما يقومون بالجمع بين الواحد والأخر، فقد يفهمون على نحو أفضل من أين تنبع الرصاصات على دوريات الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان.