لم تحل التساقطات المطرية التي شهدتها فاس، طيلة صباح أول أمس الخميس، دون أن يواصل مواطن رفقة أبنائه اعتصامهم أمام مقاطعتها، للمطالبة بإيجاد حل لمعضلتهم بعدما تهدم منزلهم ووجدوا أنفسهم عرضة للضياع، وذلك على إثر الفيضانات التي أغرقت جزءا من هذا الفضاء، نهاية الأسبوع الماضي، بعدما «فاض» سد «الكعدة»، وهو أحد السدود المهددة بالانهيار في فاس. الرائحة النتنة ل«الوادي الحار» تنبعث في المكان، وعمال النظافة متفرقون، في الأزقة، يواصلون «معركتهم لفتح قنوات الصرف الصحي التي سدت بسبب هذا الفيضان». في حي الرصيف لا حديث للسكان والتجار إلا عن هذا الفيضان الذي كاد يغرق هذا الحي وما جاوره، لولا أن رجال الوقاية المدنية تدخلوا في آخر لحظة وعمدوا إلى هدم جزأن من سور يخفي «وادي الزبل»، وهو واد يجمع قنوات الصرف الصحي للمدينة العتيقة، وذلك بغرض تغيير مجرى مياه هذا الفيضان الذي علا على قنطرة باب الجديد وهدم بنيتها التحتية. الخوف من انهيار محتمل لهذا السد يطغى على هذه الأحاديث، فيما أغلب المسؤولين المحليين يفضلون عدم إعطاء أي تصريحات حول الموضوع في انتظار «إجراءات عملية» للمجلس الجماعي يقال إنه سيتم الإعلان عنها عما قريب. الساكنة تتذكر أن نفس السد قد «فاض» في السنة الماضية، وعوض أن يؤدي هذا الوضع إلى اتخاذ خطوات عاجلة يفضل المسؤولون تأجيل البت في الموضوع دون تقديم أي تبريرات. ويقول أحد المواطنين في حديثه عن هذا الفيضان إن علوه كان يتجاوز المتر والنصف، مضيفا أنه دخل إلى المنازل والمحلات المجاورة لساحة الرصيف، بعد أن «قفز» على القنطرة وسلك طريق باب الجديد، وهي الطريق التي كانت في السابق عبارة عن واد. وكاد الفيضان يسبب في كارثة إنسانية لولا تدخل رجال الوقاية المدنية. وإلى حدود يوم الخميس كان عمال المجلس الجماعي يواصلون تنقية الفضاء مما لحقه من أضرار بسبب أوحال هذا الفيضان. أما القنطرة التي انهارت بنيتها التحتية والتي لم يمض على بنائها سوى ما يقارب الشهر، فإن السلطات حرصت على أن تعمل ليل نهار لإعادة الوضع إلى ما هو عليه. لكن بعض المصادر تشير إلى أن هذه «الترميمات» التي أدخلت عليها لا تكفي لإنقاذها، لأن الفيضان جعل الأعمدة التي بنيت عليها هشة وضعيفة، مما يهددها بالانهيار في أي لحظة. وتحكي المصادر أن الفيضان فاجأ الساكنة، في وقت لم تشهد فيه مدينة فاس تساقطات مطرية كبيرة. هذا قبل أن ينتشر خبر كون الأمر يتعلق بسد «الكعدة» الذي عملت السلطات على التخفيف من ضغط المياه عليه، بعدما امتلأ عن آخره. ويقول عدد من سكان حي الرصيف بالمدينة القديمة إن السلطات لم تشعرهم بهذا القرار الذي وصف بالفجائي. وتتحدث المصادر عن كون هذا السد مهددا بالانهيار، بسبب تشققات في بنائه. وكان المجلس الجماعي قد ناقش موضوع هذا السد في إحدى دوراته، لكن دون أن يتخذ أي إجراء لإصلاح الوضع بعد ذلك. ومن شأن انهياره أن يؤدي إلى كارثة إنسانية بفاس، خصوصا وأنه يقطع أحياء شعبية مكتظة بالساكنة، أهمها حي عوينات الحجاج ويليه حي الرصيف بالمدينة القديمة. وتتحول شوارع فاس، في كل مرة تشهد فيها المدينة تساقطات مطرية، إلى بحيرات من المياه. أما أزقة مدينتها القديمة فتكون أشبه بساقيات تهدد منازلها المهددة، أصلا، ب«الاجتياح». أحد المواطنين قال إن المسؤولين المحليين غير منشغلين إلا بشارع الحسن الثاني، أكبر شوارع المدينة، والذي يقدم على أنه من «الإنجازات الحضارية والعمرانية للمدينة»، مضيفا أن هذا الانشغال يعود إلى كونه الشارع الوحيد الذي يمر منه الملك في كل زيارة للمدينة. أما الشوارع الأخرى، فإنها تتحول، في كل موسم أمطار، إلى «مسابح» «تحتاج لفلوكة باش تقطع من شارع لشارع».