يبدو أن الصراع بين المغرب والجزائر بدأ يفرض نفسه بقوة على الواجهة الدينية بعد تفجر قضية تزوير وثيقة تحمل توقيع الملك محمد السادس. الوثيقة، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، توزع على نطاق واسع بين مريدي الزاوية العلاوية إيهاما بأنها موقعة من لدن الملك بالقصر الملكي بتطوان، خلال شهر غشت من السنة الماضية. وجاء في الوثيقة، التي تظهر أن مروجيها طلبوا من الملك استعطافا بالرضا: «بناء على الطلب الذي قدمتموه لنا لطلب رضانا عنكم وعن طريقتكم العلاوية الدرقاوية الشادلية، نلتم رضانا عن طريقتكم.. وإننا نبلغك تأثرنا بصدق مشاعرك وبما عبرت عنه من ولاء ووفاء كما نطلب منك أن تبلغ رضانا وصدق دعائنا لجميع مقدمي ومريدي ومريدات وفقراء هذه الطريقة الربانية». ومما يعزز فرضية تزوير هذه الوثيقة خلوها من شعار المملكة، الذي يعلو كل المراسلات التي يوجهها الملك أو أفراد العائلة الملكية، وأيضا بروز اختلاف بين التوقيع الذي وضعه الملك على وثائق أخرى كتوقيعه على شيك الهبة، التي منحها لإحدى الجمعيات بباريس والمنشورة صورته عبر محركات البحث بالإنترنت، وبين التوقيع الذي تتضمنه هذه الوثيقة. ومباشرة بعد ظهور هذه الوثيقة، استنادا إلى مصادر الجريدة، استنفرت وزارة الداخلية أجهزتها للتحقيق في الوثيقة المزورة، خاصة أن الأسابيع القليلة الماضية عرفت توزيع وثيقة أخرى تحمل توقيع قسم التوثيق بوزارة الأوقاف، قبل أن تصرح الوزارة بأن هذه الوثيقة مزورة، وهي وثيقة استعملت مع أخرى أمام مسطرة للتقاضي جارية بمدينة الحسيمة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سارعت الزاوية الإدريسية بسبتة المحتلة إلى مراسلة الملك، متهمة الجزائر بالتورط في إصدار هذه الوثائق المزورة. وتضمنت الرسالة اتهامات صريحة لأطراف جزائرية مؤكدة في هذا الصدد «بعد فروض الطاعة والولاء لمولانا الإمام أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أعزكم الله؛ خبر جلالتكم׃ أن أجندة جزائرية تستغل وثيقة باسم القصر الملكي بتطوان، والموقعة باسم مهابتكم في يوم الجمعة 21 من رمضان 1433 الموافق 10 غشت 2012، هذه الوثيقة يتم عرضها قصد تسييسها في الملتقيات بالديار الأوروبية، وخصوصا بفرنسا، وسويسرا، وعبر المواقع الإلكترونية العالمية». وتضيف الرسالة «مولانا الإمام أمير المؤمنين؛ إن فحوى الوثيقة يوحي اعترافا صريحا دون قيد وشرط بعدما انضافت بشكل رسمي «الدرقاوية، والشاذلية» لخادم الأجندة الجزائرية دون تزكية من أصحابها وورثتها وحراسها عبر مملكتنا الشريفة، فولاء المغاربة واستعمالهم داخل الوطن وخارجه في الملتقيات باسم الدرقاوية والشاذلية تحت راية الجزائر بدلا من رايتنا سيتضاعف بالإغراءات المادية والتلوينات الثقافية، ولا يخفى على جلالتكم ما تقوم به الشقيقة الجزائر حول التسابق في الحقل الديني عموما، والتصوف السني خصوصا»؟.