ما العلاقة بين المتصوفة والمجتمع والسياسة؟ سؤال ستكون محاولة الإجابة عنه أبرز محاور ندوة علمية حول «قضايا التصوف»، ستنظم بمدينة وجدة أواخر شهر ماي المقبل. وأقرت أرضية هذه الندوة، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، للمتصوفة دورا هاما في الحياة السياسية في العالم الإسلامي، وفي المغرب على وجه التحديد. وجاء في الأرضية ذاتها «كان المتصوّفة دائما في قلب المجتمع والسياسة، إذ طبعوا إلى جانب الفقهاء تاريخ المغرب، على سبيل المثال، وكانوا فاعلين في تأسيس دوله، وتوجيه سياسته وثقافته، وتشكيل هويته ولحمته، والمساهمة في اعتداله واستقراره». واسترسلت الأرضية ذاتها: «ولا يخفى على أحد دور ومكانة الفكر الصوفيّ في مجتمعاتنا الإسلاميّة في مختلف مناحي الحياة العمليّة والنظريّة قديما وحديثا. كما لا يخفى دور رجالات التصوف في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية العامّة في مختلف بقاع العالم الإسلامي»، ويبرز هذا الأمر الاهتمام الذي ستوليه الندوة لمقاربة علاقة التصوف بالسياسة وصلات المتصوفة بالفاعلين السياسيين في هذه الندوة. وتندرج في هذا الإطار عدة مداخلات، من قبيل «التصوف والسياسة: طبيعة العلاقة وحدودها» لعباس بوغالم، الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وكذلك «الزوايا والسياسة في المغرب: قراءة في دراسات حديثة» لمحسن أفطيط، من أكاديمية وجدة، إضافة إلى «دور الصوفية في «الإنقاذ» السياسي بتاريخ المغرب، نموذج: الدولتان المرابطية والسعدية». غير أن فريق الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، الذي يتولى تنظيم هذه التظاهرة نبه إلى أن «عملنا لا يندرج في إطار الاهتمام الثقافي العام أو العقدي أو السياسي، بقدر ما تروم الدراسة العلمية أولا وأخيرا من خلاله الكشف عن نصوص وأعلام وقضايا بعينها بتصور علمي يشترط الأصالة والجدية والموضوعية» حسب الأرضية سالفة الذكر. وأكد أن هذه التظاهرة تروم بشكل عام «المساهمة في تسليط بعض الضوء على قضايا وجوانب مهمّة من تاريخ الفلسفة الإسلامية، تشكّل جزءا من تراثنا وحياتنا الفكرية والثقافية العامة». ومع ذلك، تعهد المنظمون بالتطرق لقضايا التصوف، جديدها وقديمها ب«طرق غير مسبوقة مع التركيز في كل ذلك على النص الصوفي المنشور منه أو المخطوط وعرض دراسات منشورة حديثا بمختلف اللغات». كما سيسلط المشاركون في هذه الندوة الضوء على العلاقة بين المتصوفة والفلاسفة المسلمين، وبشكل أكثر حدة بين المتصوفة والفقهاء، قديما وحديثا. وستعرف هذه الندوة، التي ستنظم على مدى ثلاثة أيام، مناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بالمتصوفة وعلاقتهم بالمجتمع وأثرهم فيه، إضافة إلى جوانب علمية وفكرية وقضايا دينية وفلسفية ذات علاقة بالصوفية في المغرب، حيث سيكون تاريخ وحاضر المتصوفة بالمغرب الموضوع الرئيس للجلسة الختامية من هذه الندوة. وستلقى في هذه الجلسة ورقات عدة عن التصوف الطرقي المغربي، والعلاقة بين التصوف والمجتمع المغربي، فضلا عن التصوف السني وأهم مقاصده العقدية عند المغاربة، وإبراز جهود الصوفية في تحقيق الوحدة الوطنية، وعلاقة التصوف بالعمل الاجتماعي.