أزمة منتصف العمر تجعل بعض الرجال يتصرفون مثل الشخص الذي لم تعلمه الحياة شيئا، بل إن البعض يصفها ب«المراهقة» التي تظهر في سن متأخرة. كما أن التبعات الخطيرة لهذه الأزمة الفريدة من نوعها، والمرتبطة أساسا بنوع من الحسرة على الأيام الخوالي ووضع الشخص لسيناريوهات مغايرة لواقعه كما هو، قد تؤدي لتفكك الأسرة في سعي المصابين بتلك الأزمة وراء السراب. يمر الأشخاص عادة بمرحلة من عمرهم تجعلهم يعيدون النظر بقوة في الحياة التي يعيشونها. وقد يسود الاعتقاد لدى بعض الرجال بأنه لو تغيرت بعض الأمور فسيصبحون أكثر سعادة. هذا الأمر يصبح أكثر خطورة لدى العلم بأن الإحساس بالتذمر المرتبط بأزمة العمر قد يدفع الأشخاص الذين يحسون بضرورة إجراء تغيير كبير في حياتهم، إلى الإحساس بالضرورة الملحة في القيام بذلك على وجه السرعة، دون الانتباه للتبعات التي سيجلبها التسرع وعدم تقدير الأمور على نحو أفضل. ويتعين الانتباه جيدا إلى كون مثل هذه الأفكار من شأنها تسريع ظهور أزمة منتصف العمر. لكن، ومن خلال الانتباه لكونك تمر بهذه المرحلة من العمر، فمن شأن أخذ القرارات الحكيمة مساعدتك على الخروج من أزمة منتصف العمر وجعل حياتك أسعد. كيف تحدد أزمة منتصف العمر ترتبط أزمة منتصف العمر الحقيقية بالضرورة برغبة الشخص الذي يمر من تلك الأزمة في تغيير ظروف حياته على نحو عاجل، يقول كالفين كولاروسو، أستاذ الطب النفسي الإكلينيكي بجامعة «كاليفورنيا سان دييغو». وكمثال على ذلك يستدل كولاروسو بما جرى مع شخص كان يقدم له الاستشارة النفسية. قام ذلك الرجل بكتابة رسالة لزوجته، وبسحب ما جمعه من مال من البنك، ثم انتقل للعيش بمدينة أخرى دون إعداد مسبق ودون إخطار أفراد أسرته. ورغم ذلك يظل هذا النوع من أزمات منتصف العمر نادر الحدوث، وفي الغالب يمر الرجال بأزمة منتصف العمر يقومون خلالها بإجراء تغييرات طفيفة مع مرور الوقت. «قد تأتي وتقول لزوجتك: سأقوم بالبحث عن عمل جديد، وتقوم بفعل ذلك. أو قد تقول لزوجتك: «لقد انتهى كل شيء بيننا. الزواج لم يعد صالحا بالنسبة لي.» قد لا يجعلك ذلك الأمر تغير كل شيء، كما قد لا يجعلك تحول أقوالك إلى أفعال بشكل هستيري. فضلا عن ذلك، يتخذ العديد من الأشخاص القرار، بعد مرور أزمة القلق والحزن، بترك الأمور تعود لنصابها والإبقاء على الأمور التي يمتلكونها. ومن بين العلامات التي تشير إلى أنك تمر من أزمة منتصف العمر، أو أنك توشك على الدخول فيها، نجد الأمور التالية. تجاوز سنك عتبة 40 سنة. هذه الأزمة ترتبط بشكل وثيق بسن الأشخاص، ويسجل علماء النفس في هذا الصدد بأن أغلب الرجال الذين يعانون من أزمة منتصف العمر يفوق سنهم الأربعين، وقد تمتد تلك الأزمة حتى بعد سن الخمسين. الإحساس بعدم الاطمئنان للأمور الجوهرية التي تطبع حياتك. قد ينطوي هذا الأمر على عدم الرضا عن مشوارك المهني، أو زواجك، أو حالتك الصحية، والإحساس المرتبك بضرورة أخذ الخطوات لتحسين الأمور التي ترى بأنها أصبحت عائقا بالنسبة لك. تحس بأن الوقت أصبح قصيرا وأضحى غير كاف لشق مسار جديد. الكثير من الرجال يحسون بالحاجة الملحة لإجراء التغيير، عندما يحسون بأن مظهرهم الخارجي بدأ يتغير، وبأن قدرتهم على التحمل لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها في السابق، أو عندما يصبحون أجدادا، أو عندما يموت صديق أو قريب. لكن هذا لا يعني بأن توافر هذه العوامل سيجعل أي شخص يمر من مرحلة أزمة منتصف العمر. ورغم ذلك قد تدفع أزمة منتصف العمر الأشخاص إلى القيام بتصرفات تبدو غريبة ناجمة عن قرارات لم يعتادوا أخذها في الماضي. وعموما، تتشابه تصرفات الرجال في تلك المرحلة من حياتهم ب «عناد المراهقين»، تقول لين مارغوليس، عالمة نفسانية من منطقة بوسطن. «إحدى العلامات البارزة والأكيدة على أنك تمر من أزمة منتصف العمر هي إحساس المرء بأنه عالق بسبب الالتزامات الكثيرة، مع وجود رغبة ملحة للتصرف بطرق ستعصف بحياته بأكملها،» توضح مارغوليس. قد تتجسد تلك التصرفات في احتساء الخمر، والخيانة الزوجية، وهجر الأسرة، وإحساس الشخص بأن ظروف حياته ما عادت تلائمه، والاهتمام الكبير بالمظهر الخارجي، والإحساس برغبة كبيرة في الحصول على التجارب المثيرة. الحلول؟ إن أزمة منتصف العمر من شأنها إما أن تفضي لنمو الشخص أو للدمار. ولذا يتعين البحث عن الأسباب التي تدفعك للإحساس بالتعاسة، وبعدها أخذ القرارات المدروسة بعناية لأجل التعاطي معها؛ ذاك هو النمو. من جهة أخرى، من شأن أخذ قرارات اندفاعية متهورة، كالتنازل عن حياتك الأسرية مقابل عيش علاقة مع امرأة أخرى أصغر سنا أو اقتناء سيارة لا تستطيع دفع ثمنها، أن يؤدي إلى الدمار. وخلال هذا الفصل من الحياة، يتعين عليك استحضار كون أحاسيسك ليست بأوامر يجب تنفيذها. فإذا كانت تعتريك الرغبة في التخلص من عملك، أو زواجك، أو الابتعاد عن منزلك فذلك لا يعني بالضرورة بأنه يتوجب عليك القيام بذلك. صحيح أن تلك الأحاسيس تشير إلى مشاكل ينبغي حلها، لكن نفس الأحاسيس قد تختفي أو تتغير مع مرور الوقت. ومن المجدي نفعا كذلك الامتنان للأشياء الجيدة التي تحظى بها، ولذلك ينبغي الحرص على تقييم الأمور الإيجابية في حياتك، لأن ذلك كفيل بإسعادك. حاول كذلك أن تسأل نفسك عما ستحس به إذا قمت بأخذ قرار سيجعلك تفقد تلك الأشياء. وقبل اتخاذ قرارات كبرى، تحدث حول الأمر وحاول مناقشته مع شخص تثق في نصائحه. من شأن ذلك تمكينك من الحصول على وجهة نظر مختلفة قد تكشف لك أمورا لم تكن تراها. عليك كذلك مساءلة مدى واقعية الرغبات والأماني التي تود الحصول عليها. الرجال يحققون الكثير التغييرات الناجحة في حياتهم لدى تجاوزهم عتبة سن الحكمة. احرص فقط على كون الأهداف الجديدة عملية وواقعية وفي المتناول. * عن موقع «ويب ميد»