باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها في «الاختلالات» التي تعرفها «تعاونية الحليب الجيد» بمراكش، بعدما استمعت، مساء أول أمس الاثنين، إلى محمد الغلوسي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش حول ما المعلومات والمعطيات التي وردت في شكاية تقدّمت بها الهيئة المذكورة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش. وحسب مصدر مطلع فإنّ التحقيق، الذي دام حوالي أربع ساعات، انصبّ حول الوثائق والأرقام التي وردت في شكاية هيئة حماية المال العام بالمغرب، والتي تشير إلى أنّ التعاونية كانت تنتج 200 طن من الحليب يوميا، في الوقت الذي بلغ عدد المنتجين 12 ألف منتج، بينما تجاوزت مداخيل التعاونية 354 مليون درهم في 1991. وتركزت جلسة الاستماع، أيضا، على مصاريف النقل والتعويضات عن التنقل سنة 1991، والتي تجاوزت 10 ملايين درهم، بينما بلغت هذه المصاريف خلال 1993 أكثر من 14 مليون درهم، وهو ما يحتاج إلى تحقيق دقيق لمعرفة حقيقة هذه الأرقام المالية المصروفة. كما تطرق المحققون لما سمي «مصاريف متنوعة خاصة بالتسيير»، والتي وصلت سنة 1991 إلى 4.2 ملايين درهم، في حين ارتفعت سنة 1993 إلى 5.7 ملايين درهم، الأمر الذي يتضح من خلال بعض محاضر اجتماعات المجلس الإداري للتعاونية أنّ موضوع التدبير الإداري والمالي ظل موضوع قلق وانشغال لدى بعض أعضاء المجلس. وتطرق الغلوسي لتصريحات بعض الفلاحين والمستخدَمين حول ما تعرفه تعاونية الحليب الجيد بمراكش من «سوء تدبير واختلاس وخيانة للأمانة»، وهي هذه الوضعية التي جعلت المسؤولين عن التعاونية يفوتونها في ظروف غامضة وملتبسة لشركة خاصة تسمى»بيست ميلك». ووقف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على استفادة تعاونية الحليب الجيد بمراكش من المال العام، من خلال الدعم الذي كانت تتلقاه عند شراء الأعلاف، إذ تقتني منها التعاونية ملايين الأطنان سنويا، خاصة من تركيا، بواسطة البواخر، التي عادة ما كانت ترسو في ميناء الجديدة أو الجرف الأصفر، ويتم شحن هذه الأعلاف بواسطة القطار والشاحنات إلى مراكش، ليتم بيعها للفلاحين، مع إضافة هامش ربحيّ لا يقل على 30 في المائة للطن الواحد، وكذا الدعم الذي تتلقاه عند شراء الأبقار القادمة بشكل خاص من ألمانيا وفرنسا، إذ يتم اعفاؤها من الرّسوم الجمركية، عكس باقي الشركات ذات النشاط المماثل.. كما أنها تستفيد من دعم الدولة بخصوص مسحوق الحليب الذي كانت تعاونية الحليب الجيد تنتج منه ملايين الأطنان سنويا، ويتم اعفاؤها من الضرائب المختلفة، خاصة عند استيراد الآليات والمُعدّات، إذ يتم اعفاؤها من الضرائب الجمركية والضريبة على القيمة المضافة وتستفيد من الإعفاء الضريبي عند اقتناء المعدات والآليات من السوق الداخلية. ومن المنتظر أن يتم استدعاء المدير السابق لتعاونية الحليب ورئيسها للاستماع إليهما حول ما ورد من معطيات تهمّ المؤسسة التي يشرفون عليها، خصوصا بعد أن وجّه أحد عمال التعاونية المذكورة رسالة إلى الهيئة يؤكد فيها أن «أموال التعاونية هي مزيج من أموال الفلاحين وأموال الدولة»، مُتّهما بعض الجهات بتحويلها إلى «أرصدة بعض المسؤولين».