يكرم مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط المخرج المغربي القدير سعد الشرايبي من ضمن الشخصيات السينمائية المكرمة هذه السنة، في إطار الدورة 19 لمهرجان تطوان، الذي خرج من صلب حركة الأندية السينمائية سنة 1985، شأنه في ذلك شأن مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة وتظاهرات سينمائية أخرى. وكتب الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي شهادة في حق الشرايبي كعربون محبة واحترام وتقدير له كإنسان ولفنه ومواقفه النبيلة. وستنشر هذه الشهادة ضمن مواد الكتاب الجديد الذي سيصدر قريبا حول التجربة السينمائية لسعد الشرايبي، بمبادرة من جمعية القبس للسينما والثقافة بالرشيدية التي نظمت سنة 2012، في إطار مهرجانها السينمائي الجامعي، يوما دراسيا كان محوره الشرايبي وسينماه، بمشاركة ثلة من النقاد والباحثين السينمائيين، من بينهم حميد اتباتو ومحمد اشويكة ومولاي ادريس الجعيدي ومحمد البوعيادي وغيرهم. وقد أنجبت حركة الأندية السينمائية بالمغرب مجموعة من الأسماء الوازنة التي سجلت حضورها في ساحتنا السينمائية بشكل مستمر على امتداد أربعة عقود أو يزيد، خصوصا مع حدث تأسيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية سنة 1973، التي شكلت ولازالت مدرسة للتكوين السينمائي الهاوي، وما نظمته هذه الجامعة وأنديتها من أنشطة مختلفة الأشكال والأحجام في عقدها الأول على وجه التحديد. وكان سعد الشرايبي واحدا من هذه الأسماء البارزة التي ترعرعت في أحضان هذه الحركة وراكمت خبرة نظرية وعملية في التنظيم الجمعوي والتدبير المالي وتنشيط جلسات نقاش الأفلام والكتابة الصحافية وتلقي وتحليل الأفلام وغير ذلك. وأصبح من خلال مساهمته في تأسيس وتسيير نادي العزائم السينمائي بالدارالبيضاء، من 1973 إلى 1983، والانضمام إلى المكتب الوطني المسير لجامعة الأندية السينمائية، من بين العناصر المثقفة الفاعلة داخل حركة أندية السينما بالمغرب. ومما زاده فعالية ذكاؤه وديناميته وقدرته على المبادرة واستشرافه للمستقبل وتواضعه وعمقه الإنساني وحبه اللامحدود للمعرفة. فهذه الخصال المقرونة بعشقه الكبير للسينما ساعدته في الانتقال من ضفة المستهلك لصور الغير إلى ضفة المنتج لصوره الخاصة، وقبل أن يخرج باكورة أفلامه، الوثائقي القصير «بوعادل / من حياة قرية» سنة 1978، اشتغل كمساعد في الاخراج في «رماد الزريبة»، وهو فيلم روائي طويل من إنجاز جماعي سنة 1976، كما اشتغل مدير إنتاج في الفيلم القصير «الأيام المائة للمامونية» من إخراج مصطفى الدرقاوي سنة 1977. وبعد فيلمه الأول، الوثائقي القصير، أخرج سعد الشرايبي سنة 1980 فيلما روائيا قصيرا بعنوان «كلمات وتعبير»، وأتبعه سنة 1982 بفيلم متوسط الطول بعنوان «غياب» من تأليفه وإنتاجه وإخراجه. وبعد ذلك، دخل تجربة الفيلم الروائي الطويل سنة 1990 بإخراجه ل «أيام من حياة عادية»، الذي ستتلوه أفلام روائية طويلة أخرى هي على التوالي: «نساء ونساء» و«عطش» و«جوهرة بنت الحبس» و«الإسلام يا سلام» و«نساء في المرايا»، بالإضافة إلى أفلام تلفزيونية أخرجها وأفلام قصيرة أنتجها أو نسق إنتاجها وغير ذلك. ما يلاحظ على هذه الأفلام الروائية الطويلة أن مخرجها العصامي يتطور من عمل لآخر ويزداد تمكنه من أدوات التعبير الفيلمي، رغم أن مواضيعها لا تخرج في غالبيتها عن ثلاث تيمات رئيسية متداخلة فيما بينها: تيمة المرأة: وضعيتها وعلاقتها بالرجل في سياقات مختلفة، تيمة الصداقة: خيبة الأمل في الحاضر والحنين إلى الماضي، تيمة التاريخ القريب: العلاقة بالمستعمر الفرنسي، تأثيرات أحداث 11 شتنبر على العلاقة بين الشرق والغرب، مغرب سنوات الرصاص.