كشفت مصادر مطلعة من داخل هيئة الحوار الوطني حول المجتمع المدني أن العديد من أعضاء الهيئة، التي يترأسها مولاي إسماعيل العلوي، يبحثون تقديم استقالاتهم خلال الأيام القادمة، مشيرة إلى أن هؤلاء الأعضاء وصلوا إلى قناعة بعدم جدوى الاستمرار في الهيئة، مما يشير إلى المصير الغامض الذي يلف مستقبل الحوار الوطني الذي أطلقه الوزير الإسلامي الحبيب الشوباني. وحسب مصادر «المساء»، فإن هيئة الحوار الوطني مقبلة على موجة جديدة من الاستقالات، بعد الاستقالة التي أعلن عنها النقيب عبد الرحيم الجامعي الأسبوع الماضي، وانسحاب جمعيات وشخصيات وازنة من أمثال عبد الله ساعف ومحمد الطوزي. ويتعلق الأمر، حسب المعطيات التي توفرت عليها الجريدة، بكل من عبد المالك أفرياط، عضو الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين ومحاسب المجلس، والحبيب بلكوش، الحقوقي والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، وثلاثة أعضاء استقلاليين، فضلا عن عبد العالي دومو، القيادي الاتحادي، الذي يستعد لإعلان استقالته تنفيذا لقرار قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالانسحاب من لجان الحوار التي أنشأتها الحكومة حول العدالة، والمجتمع المدني والإعلام والمناصفة والأسرة، والحوار الاجتماعي مع النقابات. ووفق المصادر ذاتها، فإن من أسباب الاستقالات ما يعيشه الحوار حول المجتمع المدني، الذي دعت إليه الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني من «ارتباك» و«إقصاء» لعدد من الجمعيات المدنية من لجنة الحوار، و«هيمنة الإسلاميين»، فضلا عن مشاركة أناس لا علاقة لهم بالمجتمع المدني. ولفتت المصادر إلى أن النقاش الذي تعرفه اللجنة يتسم بالبطء، حيث لم تتمكن خلال اجتماعها الأخير من استكمال جميع التدخلات لتتم إحالتها إلى اجتماع يعقد بداية هذا الأسبوع. إلى ذلك، أعلنت العصبة المغربية لحقوق الإنسان، الذراع الحقوقي لحزب الاستقلال، في بلاغ لها، عن مقاطعتها وفروعها للحوار الوطني الذي دعت إليه وزارة الشوباني، بالنظر إلى ما «خلفه من ردود فعل، واحتجاجات على طريقة انطلاقه، وسوء تدبيره ، وإقصاء الجمعيات الحقوقية والتربوية والثقافية الجادة منه لأسباب مازالت مجهولة». العصبة دعت البرلمان المغربي، باعتباره السلطة الموكول لها التشريع، إلى المبادرة الفعلية بتقديم مقترحات قوانين لتفعيل المقتضيات الدستورية التي عززت مكانة ودور المجتمع المدني، موجهة نداء إلى الفاعلين المدنيين في مختلف المجالات لتنظيم مناظرة وطنية حول الأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني، فيما يبدو أنها خطوة لسحب البساط من تحت أقدام الشوباني. ويأتي قرار مقاطعة العصبة للحوار الوطني أياما قليلة على تعبير اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن أساها واستغرابها من الإصرار المتعمد على تغييب مكونات الأغلبية الحكومية في العديد من الأوراش التي تقدم عليها حكومة بنكيران. ولاحظت قيادة الحزب أن العديد من الوزراء يسارعون إلى تكوين لجان وطنية للحوار في قضايا رئيسية دون إعطاء أي أهمية لإطلاع باقي مكونات الأغلبية على ما يتم عمله، كما حصل بالنسبة للمرأة والمجتمع المدني، يضيف بلاغ للحزب. وعبرت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عن تفهمها لإقدام مجموعة من الجمعيات على مقاطعة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة. من جهة أخرى، وفي إشارة دالة، قبلت العديد من الجمعيات والشخصيات التي قاطعت الحوار الوطني للمجتمع المدني، دعوة وجهت إليها من قبل وزارة الخارجية والتعاون، حيث كان لافتا حضور كل من عبد الله ساعف، عضو اللجنة الملكية للدستور، وعبد القادر أزريع، اجتماعا في مقر الوزارة مساء يوم الجمعة الماضية. وحسب مصادر جمعوية، فإن ما يثير الانتباه هو أن مقاطعي الحوار الوطني هم من سيدافعون عن الطرح المغربي في المنتدى الاجتماعي المزمع عقده بتونس خلال الأيام القادمة.